الجريدة اليومية الأولى في البحرين


يوميات سياسية


شهادة إدانة أخرى لأمريكا ومنظماتها المتآمرة

تاريخ النشر : الأحد ٢٦ فبراير ٢٠١٢

السيد زهره



قبل أيام، قدمت شهادة لباحثة أمريكية حول قضية التمويل الأجنبي المثارة في مصر والمنظمات الأمريكية المشبوهة، وكيف فضحت في شهادتها الموقف الأمريكي من القضية.
وهذه شهادة أخرى لها أهمية قصوى لا بد من التوقف عندها.
صاحب هذه الشهادة هو ريتشارد فالك طرحها في تحليل مطول نشر قبل أيام. وما يعطي للشهادة أهمية استثنائية ان فالك هو أستاذ أمريكي معروف متخصص في القانون الدولي وفي العلاقات الدولية، قام بالتدريس لعقود طويلة في جامعات مرموقة مثل برينستون وكاليفورنيا. وغير هذا له اسهاماته المهمة في أبحاثه السياسية والقانونية المنشورة. وقد سبق لي قبل فترة طويلة ان نوهت بكتاباته عن محاكمة مجرمي الحرب في العراق وعلى رأسهم جورج بوش.
الاستاذ الأمريكي في تحليله يناقش قضية المنظمات الأمريكية في مصر المقدمة الى المحاكمة وأدوار الأمريكيين العاملين فيها، من زوايا شتى ويثير جوانب كثيرة جدا كلها مهمة.
لكن سنكتفي بعرض الأفكار الرئيسية التي يطرحها في تحليله المطول وبشيء من التفصيل ومن دون أي تدخل مني، فهي كما سنرى تغني عن أي تعليق وتعبر تماما عن موقفنا من هذه القضية، في مصر وكل الدول العربية.
في بداية تحليله يعرض الكاتب الأبعاد الرئيسية للقضية، والمواقف المصرية والأمريكية المتباينة.
يقول هنا ان موقف مصر يتلخص في المطالبة باخضاع هذه المنظمات الأمريكية وأنشطتها الى القانون المصري وكذلك مسألة التمويل الأمريكي، وتصر على ان تحصل هذه المنظمات على تصريح رسمي مسبق قبل ممارسة أي نشاط. ويعتبر ان ما تطالب به السلطات المصرية هو الحد الأدنى مبدئيا من الشروط المسبقة الواجبة كي تمارس هذه المنظمات عملها، وخاصة ان الأمر يتعلق بقضايا ومسائل حساسة مثل، الانتخابات، والأحزاب السياسية، وصياغة النظام القضائي.. وهكذا.
بالمقابل، يشير الكاتب الى الموقف الأمريكي الذي انطوى على اتهامات لمصر، وعلى اطلاق التهديدات من المسئولين والكونجرس بقطع المعونات وغير ذلك من تهديدات. ويشير الى ان أمريكا تطلب من مصر عبر هذه التهديات أمرين، إسقاط جميع التهم الموجهة الى المتهمين الأمريكيين، والسماح لهذه المنظمات بالعودة الى ممارسة عملها في مصر. أي انها تطلب من مصر إغلاق ملف القضية برمته نهائيا من دون أي نقاش.
وتعليقا على هذا الموقف الأمريكي، يقول فالك ان الأمر المؤكد بداية، وقبل أي نقاش تفصيلي للقضية في جوانبها المختلفة، ان الولايات المتحدة ورغم استقرار تجربتها الدستورية ونظامها الديمقراطي، لا يمكن ان تسمح بمثل ما تطلبه من مصر. يقول ان أمريكا لا يمكن حتى ان تفكر مجرد تفكير في السماح بتقديم أموال ومساعدات أجنبية الى جهات في أمريكا. وحتى لو ان دولة مثل السويد مثلا فكرت في تقديم مثل هذه المساعدات، فسوف ترفضها أمريكا على الفور.
هذا جانب من الناحية المبدئية.
مبدئيا أيضا، وقبل النقاش التفصيلي للقضية، يشير الكاتب الى ان «الصرخات» التي يطلقها المسئولون الأمريكيون في تصريحاتهم، ومحاولاتهم ادعاء «البراءة الجريحة» بتعبيره، يحاولون ان يؤكدوا كما لو ان القاهرة ليس لها أي حق وليس لديها أي مبرر يجعلها تشعر بأي قلق او انزعاج من هذا التمويل الأمريكي ومن أنشطة هذه المنظمات الأمريكية في مصر.
يعتبر ان ما تحاول أمريكا ان توحي به ما هو إلا خداع سافر وتضليل صريح.
لماذا هو خداع وتضليل؟
يقول الأستاذ الأمريكي ان على رأس المنظمات الأمريكية المتهمة في مصر ، المعهد الجمهوري الأمريكي، والمعهد الديمقراطي الأمريكي. ويقول انه فيما يتعلق بهذين المعهدين بالذات ، هناك أدلة موثقة جدا بأنهما سبق وان تورطا وبشكل فاعل نشط وسافر في أنشطة كان هدفها تقويض استقرار حكومات أجنبية كانت أمريكا تعتبرها معادية لها ولأجندتها في السياسة الخارجية.
ويضرب أمثلة على ذلك.
يقول، كان معروفا مثلا ولم يكن سرا خافيا، ان إدارة الرئيس الأمريكي ريجان تعهدت بتقديم كل سبل الدعم والمعونة للحركات السياسية التي كانت تسعى للإطاحة بالحكومات اليسارية في أمريكا اللاتينية وفي آسيا.
ويشير الى انه من المعروف ان المعهد الجمهوري الأمريكي بالذات هو الذي لعب الدور الأبرز والأكبر في هذا المخطط الأمريكي. وهو أمر معروف وموثق جيدا الدور الذي لعبه المعهد في التآمر وفي تقويض الاستقرار في هذه الدول.
كيف؟.. وماذا يعني هذا بالنسبة الى مصر؟
سنكمل في المقال القادم بإذن الله.