الجريدة اليومية الأولى في البحرين



هذا هو التحرر!

تاريخ النشر : الأحد ٢٦ فبراير ٢٠١٢

هالة كمال الدين



هذا بالفعل أبلغ رد عربي على التدخل الأمريكي السافر في شؤوننا، لإحداث البلبلة، والانقسام في مجتمعاتنا، والتحكم في مصائر شعوبنا!
لقد جاء إعلان الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر مؤخرا عن إنشاء صندوق خاص لدعم الاقتصاد الوطني المصري، والاستغناء عن المعونة الأمريكية تماما، بوصفها أداة ضغط غير مقبولة على مصر، ليمثل الرد الناجع (الذي طال إنتظاره) على تلك المحاولات الأمريكية للهيمنة على الكثير من الدول العربية، وفرض القيود عليها، وتوجيه سياساتها الداخلية والخارجية!
الطيب طالب جميع المصريين في الداخل والخارج بالإسهام في هذا الصندوق بما يتيسر لهم، وذلك للتحرر من قيود المعونة، ومواجهة ضغوط واشنطن، وأطلق عليه (صندوق العزة والكرامة)، حيث يترأس مجلس أمنائه شيخ الأزهر، ويضم في عضويته رموزا دينية مسلمة ومسيحية ورؤساء لأحزاب سياسية وشخصيات عامة وخبراء اقتصاد وعلماء منهم أحمد زويل وآخرون.
هذا الصندوق يهدف إلى جمع مساهمات مالية تتراوح بين خمسمائة وألف مليار جنيه مصري، للنهوض بمصر في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وقد تم توجيه الدعوة إلى جمعيات رجال الأعمال، وروابط المصريين في الخارج، وممثلي النقابات، للإسهام في إنجاح هذا المشروع.
يبدو أن ما يمر به العالم العربي اليوم قد أيقظ وبشدة مفهوم الأمن الاقتصادي من جديد، بعد مروره بمرحلة من السبات العميق، وقع خلالها هذا العالم فريسة سهلة ورخيصة للسياسة الأمريكية، الإذلالية، الدكتاتورية!
بمعنى آخر، لقد أيقنت بعض الدول العربية - أخيرا - أن تعزيز القدرة الاقتصادية لأي دولة، إنما يمنع تهديد أمنها السياسي، ويمكنها من مواجهة أي تداعيات سلبية للأزمات الداخلية والخارجية، ويحقق لها الحرية الكاملة عند اتخاذ قراراتها، والسيادة التامة على أراضيها!
لقد حان الوقت لتصحيح المسار للتخلص من هذا الإخفاق والتخبط والتخلف الاقتصادي الذي عانت منه مجتمعاتنا العربية لعهود طوال، وذلك من خلال وضع إستراتيجيات الأمن الاقتصادي، التي يجب أن تتبدل بحسب الظروف والمستجدات، لتضع حدا لهذا الخنوع والركوع للآخر (الأمريكي)، ولتحول دولنا إلى أسواق لمخلفاته، ولعمالته، ولمعوناته!
إن سياسة التحرير الاقتصادي.. هي التي تقود إلى التحرر السياسي!
ومن ثم تتحقق العزة والكرامة!