نقطتان هامّتان
تاريخ النشر : الاثنين ٢٧ يناير ٢٠١٢
صلاح عبيد
في حوار أجراه موقع (العربية.نت) قبل فترة مع المفكر الإسلامي الكويتي الدكتور عبدالله النفيسي تحدث الدكتور عن ضرورة توحيد دول الخليج في كيان سياسي واحد قوي لمواجهة المخططات الأمريكية الصهيونية في المنطقة، ولقد تناولنا في هذه الزاوية جانبا من ذلك الحوار في عدد يوم الخميس الماضي، وبقي أن نشير إلى نقطتين هامتين جدا تطرق إليهما الدكتور النفيسي لا يجوز أن تمرّا على صناع القرار في دولنا الخليجية مرور الكرام، وذلك في قوله: ((إن الأمريكان عندما يطرحون فكرة ويحاولون التسويق لها يقومون بعمل بالون اختبار ليتعرفوا على ردود الأفعال بشأنها، مشيرا إلى أنه في عام 1992 تمت دعوته لحضور مؤتمر حول مستقبل دول الخليج بعد غزو الكويت، وفيه نوقشت ورقة عمل تؤكد زوال الدول الخليجية الأربع الصغيرة (الكويت والبحرين وقطر والإمارات) عام 2025 مع بقاء وحيد للمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، لافتا إلى أن ذلك كان بالون الاختبار الذي يجب أن نلتقط من خلاله إشارة الغرب ونستبق خطواتهم بالاتحاد الذي أدعو إليه وسأظل أنادي به إلى أن يتحقق. وبيّن النفيسي أن أفكاره حول زوال الدول الخليجية الأربع الصغيرة تولدت من رحم قربه من مراكز صناعة القرار الغربي، مشيرا إلى امتلاكه مركزا في لندن أسماه (ابن رشد للدراسات) يجعله قريبا من القرار الذي يصدر من البرلمان الأوروبي ومن مجلس العموم البريطاني ومن الكونجرس، مضيفا أنه قام بتأسيسه ليكون بمثابة قرن استشعار للقرار الغربي تجاهنا قبل صدوره بوقت كاف، لكي يكون لدينا استعداد لأي طارئ، وتابع: تمنيت أن تكون لدول الخليج مراكز مشابهة في عواصم الغرب لاستباق القرار والوقوف على نوعيته واتجاهاته. وقال النفيسي إن منطلقاته تندرج تحت لواء استشراف المستقبل والعمل بمبدأ الحيطة والحذر من المخططات الغربية حيال منطقتنا الثرية، لافتا إلى أن السياسة ما هي إلا الحيطة واستشراف المستقبل بعين ثاقبة. وأشار النفيسي إلى أن تاريخ الولايات المتحدة مع منطقتنا ليس جيدا، مذكرا بأحداث عام 1974 عندما اتفق الملك فيصل والشيخ زايد على منع ضخ النفط لها على خلفية دعمها للكيان الصهيوني في حرب أكتوبر 73، ما جعلهم يبعثون بـوزير الخارجية الأمريكية آنذاك (هنري كيسنجر) إلى المنطقة ليوزع تهديداته من ناحية، ومن ناحية أخرى ناقش الكونجرس خطة لتحريض إسرائيل على غزو الساحل النفطي من الكويت حتى سلطنة عمان، ولولا تدخل البيت الأبيض في اللحظات الأخيرة لحدث ما لا تحمد عقباه)) انتهى.
أقول: النقطة الهامة الأولى في تصريحات الدكتور النفيسي تتعلق بالسجل الأسود للولايات المتحدة تجاه دولنا، وهو ما لا يخفى عن كل مطلع على أحداث التاريخ الحديث، حيث إنها تضع مصالحها في المقام الأول قبل أي علاقات سياسية أو دبلوماسية أو غيرها مع دولنا، وهو أمر طبيعي جدا ولا غرابة فيه لكن الغرابة كلها فيمن يجهلون أو ينسون أو يتناسون هذه الحقيقة ويظنون الولايات المتحدة حَمَلا وديعا يمكن أن يقدم لنا أي شيء من دون مقابل أو أن يراعي مصالحنا، وهو ظن خائب لا يظنه إلا الجهلة والمغرر بهم، وها هي حوادث الأيام تثبت تورط الحكومات الأمريكية المتعاقبة في مخطط إسقاط حكوماتنا بالتعاون مع إيران والزج بدولنا وشعوبنا في أتون حروب طائفية مدمرة.
النقطة الهامة الثانية في تصريحات الدكتور النفيسي تتعلق بعدم امتلاكنا مراكز دراسات سياسية في الولايات المتحدة وأوروبا تكون بمثابة الإنذار المبكر لنا من قرارات ومخططات الدول الغربية ضد دولنا وشعوبنا ومصالحنا، ولوضع الحلول الناجعة لمواجهتها من داخل مجتمعاتها وتجمعاتها وتكتلاتها السياسية. إن عدم امتلاكنا مثل تلك المراكز بل وعدم تفكيرنا في امتلاكها حتى هذه اللحظة هو خطأ استراتيجي يجب تداركه فورا اتقاء لشرور أعدائنا.
salah_fouad@hotmail.com