هوامش
لماذا تفرملون تطوير التعليم؟
تاريخ النشر : الاثنين ٢٧ يناير ٢٠١٢
عبدالله الأيوبي
كنا سنتهم موقف النواب فيما يتعلق بتمديد الدوام المدرسي في مدارس وزارة التربية والتعليم الثانوية بإضافة 45 دقيقة إلى اليوم الدراسي، لو أن النواب الذين يحملون الآن لواء محاربة قرار الوزارة، قدموا ما يدحض صحة الأسباب العلمية التي ساقتها وزارة التربية والتعليم واتخذت منها مركزا يقوم عليه القرار المذكور، فالوزارة، وكما هو معلن ومعروف للجميع ونتمنى أن يكون النواب من بين هؤلاء العارفين والعالمين، الوزارة لم تقدم على هذه الخطوة اعتباطا أو ترفا، وإنما بعد (مشوار) طويل من الدراسات وتفحص مستوى الأداء المدرسي في المدارس الحكومية مقارنة مع أقرانهم في المدارس الخاصة التي تستمر الدراسة فيها حتى الساعة الثالثة بعد الظهر، فهذه الدراسات قدمت إلى الوزارة أدلة مقنعة على أن عدد ساعات الدراسة في المدارس الحكومية دون المعدل المطلوب في الدول المتقدمة.
يبدو أن النواب بعد زعلهم في الجلسة الماضية وتعليقها احتجاجا على ما سموه عدم تجاوب الحكومة مع رغبتهم بوقف قرار تمديد اليوم الدراسي وعدم إلغاء مهرجان ربيع الثقافة، قرروا مواصلة هجومهم على القرار التعليمي من دون أن يقدموا حجة واحدة مقنعة تبرر رفضهم هذا التمديد، فالوزارة قدمت المبررات وأحصت الفوائد الكبيرة التي سوف يجنيها الطلبة من وراء تمديد يوم دراستهم، إضافة إلى الاستفادة المادية للكادرين التعليمي والإداري في المدارس الثانوية.
ما يثير الاستغراب حقا أن النواب يعترضون على قرار هو من صلب عمل السلطة التنفيذية إلى جانب أنه، أي القرار، لايزال في طور التنفيذ ولن تظهر نتائجه، سواء الإيجابية منها أو السلبية إلا بعد عدة سنوات، فكيف للنواب أن يعترضوا على قرار في طور التنفيذ، في حين أن مسئوليتهم بالدرجة الأولى هي التشريع ومراقبة أداء السلطة التنفيذية وليس تكبيل أجهزة هذه السلطة عن القيام بمسئولياتها؟ وبالنسبة إلى موقف النواب من تمديد اليوم الدراسي هو محاولة لتكبيل عمل وزارة التربية والتعليم ومنعها من أداء رسالتها الملقاة على كاهلها.
باستطاعة النواب ومن حقهم الدستوري محاسبة أي وزير أو جهة حكومية على الأداء حين يخفق في تحقيق الأهداف التي تدخل في نطاق مسئوليته وعمل وزارته، أما أن (تفرمل) عمل الوزير أو الوزارة قبل أن يبدأ فذلك في اعتقادي تدخل غير مبرر ولا يستند إلى العقل والمنطق، ومراقبة أداء الوزير أو الأجهزة الحكومية شيء، والتدخل في صميم عملها أو محاولة شل حركتها ومنعها من أداء مهامها شيء آخر وهو لا يدخل في اختصاص النواب.
ولو افترضنا جدلا، وهذا ما لا نتمنى حدوثه، أن قررت الحكومة وقف تمديد اليوم الدراسي أو حتى إلغاءه، فهل لدى النواب وتحديدا حاملي لواء محاربة هذا القرار، البديل الذي من خلاله تستطيع وزارة التربية والتعليم رفع مستوى طلبتها وإيصالهم إلى مستوى أقرانهم في المدارس الخاصة في البحرين وفي الدول المتقدمة؟ فالاعتراض لمجرد الاعتراض هو أمر هين وسهل، ومن يعترض على شيء ما فعليه أن يكون جاهزا لتقديم البديل وإلا فالأفضل انتظار النتائج ومن ثم يمكن حينها محاسبة صانعي القرار المذكور أو غيرهم من القرارات على إخفاقهم وعدم تقديم النتائج الإيجابية بحسب وعودهم.
فوزارة التربية والتعليم قدمت بالأدلة والأرقام ما يثبت الحاجة إلى تمديد اليوم الدراسي في مدراس البحرين الثانوية الحكومية واستندت في ذلك إلى واقع العديد من المدارس في الدول المتقدمة وتؤكد الوزارة أن هذا التمديد لا يصل بمدارس البحرين الحكومية إلى مصاف مدارس الدول المتقدمة وإنما يقربها منها، وهذا عمل جيد بحد ذاته كان يفترض أن تشكر الوزارة والمسئولين فيها على هذه الخطوة حيث انه كلما اقتربت مدارسنا الحكومية من مستوى مدارس الدول المتقدمة صبّ ذلك في مصلحة أبنائنا الطلبة وليس العكس.
وكل من يسعى إلى التطوير فهو دائما ينظر إلى من سبقه ومن حقق نتائج أفضل مما عنده، أما من يريد الجمود في مكانه فيما قطار الآخرين ينطلق بسرعة إلى الأمام، فهو يرفض كل جديد ويقاومه بكل الحجج والنتيجة تراكم الكثير من الخسائر ويصبح من الصعب اللحاق بركب الآخرين، وإذا ما أخذنا مثالا على ذلك العملية التعليمية، فإنها عملية معقدة وبحاجة إلى آراء اختصاصيين وذوي خبرة غزيرة في هذا الحقل المهم الذي في تُربهِ ينشأ جيل المستقبل، ووزارة التربية والتعليم حين اختارت تمديد اليوم الدراسي إنما استعانت بالعقول والخبرات التعليمية والتربوية ودلتها إلى هذا الطريق.