مسافات
من (الفوضى الخلاّقة) إلى (الحرب على الاستبداد)!
تاريخ النشر : الأربعاء ٢٩ فبراير ٢٠١٢
عبدالمنعم ابراهيم
لاتزال قضية محاكمة المتهمين في مسألة الدعم الأمريكي المالي لمنظمات أهلية في مصر تشغل الرأي العام والصحافة في مصر، وشيء جيد أن السلطات المصرية تنبهت إلى خطورة هذه (المساعدات) الأمريكية، لما لها من تأثير خطير على الأمن القومي المصري والتدخل في الشئون الداخلية، والتأثير على (القرار السياسي) من خلال هذه المنظمات الأمريكية العاملة في مصر.. ولا يمكن التعامل مع هذه التقنية بشكل منفصل عن المخططات الأمريكية الاستراتيجية في العالم، وليس في مصر وحدها. فقد نشرت مجلة «صباح الخير» المصرية في عددها الأخير أخطر حوار صحفي مع «هنري كيسنجر» وزير الخارجية الأمريكي الأسبق نقلاً عن صحيفة (ديلي سكيب) الإنجليزية، والذي كشف فيه عن التوجهات الأمريكية الجديدة في العالم.
من بين النقاط التي ذُكرت في الاستراتيجية الأمريكية أولاً: الانفراد بالتفوق العسكري المطلق بما يحقق السيطرة الاستراتيجية الكاملة.. ثانياً: التخلي عن استراتيجية (الردع والاحتواء) وتبني استراتيجية (الهجوم الوقائي).. ثالثاً: صياغة تعريف جديد للأخطار وعدم اقتصارها على المنظمات الإرهابية، بل على الدول التي تساندها أيضاً.. رابعاً: استكمال بناء أدوات السيطرة العسكرية على مراكز الطاقة في العالم، بدءا من الشرق الأوسط وصولاً إلى نفط آسيا الوسطى. وبهذا تستطيع أمريكا التحكم في السياسة العالمية عبر الهيمنة الاقتصادية.
إلا أن أهم نقطة في ذلك التحليل هي التالية: إن إشاعة (الفوضى الخلاقة) على نطاق واسع يؤكد ان المرحلة الثانية من الاستراتيجية العالمية تحولت إلى خطة يتم الشروع في تنفيذها بالفعل على أرض الواقع، وإذا كانت المرحلة الأولى من هذه الاستراتيجية قد جرت تحت شعار: «الحرب على الإرهاب»، فإن المرحلة التالية ستجري تحت شعار: «الحرب على الاستبداد ونشر الديمقراطية» وتستهدف إسقاط (أنظمة)، وإدخال إصلاحات سياسية بعيدة المدى على العالم العربي!
ويقول الكاتب: (جميل يوسف) في «صباح الخير»: «إن الاستجابة لتوسيع دائرة فهم (الفوضى الخلاقة) راجع إلى أنها لم تعد مجرد طرح نظري فقط، ولكنها استراتيجية يجري تنفيذها بالكامل على أرض الواقع في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا.. عبر وسائل تكنولوجية متطورة للغاية، وسحر وبريق أدوات غسل الأدمغة الحديثة، ومن خلال «البنج» الإعلامي اليومي المحلي والأمريكي،
وبواسطة مضخات أمريكية وأوروبية ضخمة لرش الأموال، تعطي بلا حدود لمنظمات المجتمع المدني والهيئات والمنظمات الحقوقية، ولبعض الساسة ولكل من يسعى لتحقيق حلم أمريكا بقيادة العالم والسيطرة عليه».
هكذا هي الاستراتيجية الأمريكية الجديدة.. وما يحدث من تدخل أمريكي في مصر وفي الشئون الداخلية بالبحرين، إنما هو جزء من الاستراتيجية الأمريكية الشاملة في العالم العربي.. فقد أصبح اللعب على المكشوف!