قضايا و آراء
حذار.. الشبكات
الاجتماعية تبيعنا جميعا
تاريخ النشر : الأربعاء ٢٩ فبراير ٢٠١٢
لم يعد دخول الشبكات الاجتماعية خاصة الفيسبوك والتويتر والتعامل معها آمنا كما نظن، فثمة تبعات خطرة قد تترتب عليك ما لم تكن واعيا بالدور الذي تقوم به هذه الشبكات بجمع المعلومات والتفاصيل الشخصية عنك حتى تكون في مأمن من نوعية المعلومات التي تنشرها عن نفسك والتي قد تؤثر في مستقبلك العائلي والوظيفي وربما تزج بك في السجن، فشركات مثل الفيسبوك حققت الملايين من وراء بيع المعلومات التي يتبرع بها المشاركون طواعية.
مؤخرا تقدمت شركة الفيسبوك بطلب لطرح اسهمها للبيع التي قدرت قيمتها بـ 75 بليون دولار امريكي، وربما تتخيل أن الشركة تملك موجودات ثمينة كالمباني والأجهزة والسيارات، لكن خيالك ليس في محله، فكل ما تملكه الشركة هو كمية هائلة من المعلومات الشخصية عني وعنك وعن كل المشتركين في البرنامج في مختلف انحاء العالم البالغ عددهم 845 مليون شخص وهم في ازدياد مستمر وكان آخرهم - حسب علمي - ابني الصغير مازن البالغ من العمر 9 سنوات الذي فتح هو الآخر حسابا خاصا به في الفيسبوك للتواصل مع اصدقائه الصغار. وربما ستصاب بالدهشة لو عرضت عليك المعلومات التي يعرفها عنك الفيسبوك وهي معلومات لن يمكنك الحصول عليها او معرفتها لأنه لا وجود لقوانين تنظم هذه المسألة وتحفظ خصوصيتك خاصة في العالم العربي حيث لاتزال القوانين المتعلقة بالانترنت في مهدها ولم يتمكن المشرعون من بلورة رؤية تحمي المستخدم العربي على عكس الدول الأوروبية التي تتيح للمستخدم ان يعرف نوعية المعلومات التي يمتلكها الفيسبوك عنه.
يتمثل نشاط الفيسبوك الرئيسي والمهم في بيع المعلومات الشخصية الهائلة للمعلنين الذين يرغبون في توصيل منتجاتهم إلى الشرائح المستهدفة من المستهلكين، فالمعلنون يبحثون في كلمات رئيسية او تفاصيل صغيرة تخص المشتركين مثل وضعهم الاجتماعي والوظيفي وعلاقاتهم وكتبهم المفضلة والموسيقى التي يستمعون اليها والاشياء التي يحبونها والأمراض التي قد يعانونها ويبحثون عنها، ثم يقوم الفيسبوك بمساعدة المعلنين على طرح إعلاناتهم للشرائح المناسبة. على سبيل المثال لو استخدمت كلمة مثل القلق او السكري وبحثت عنها في الانترنت فلا تعجب لو ظهرت في صفحاتك اعلانات من شركات الأدوية المختلفة والمستشفيات التي تقدم لك خدماتها، ولو ذكرت في خانة المهنة وظيفتك فسوف تنهال عليك العروض من الجامعات والمعارض التي لها علاقة بتخصصك، وهكذا فكل كلمة سوف تثير انتباه معلن معين يريد الوصول إليك.
في عام 2011 وحده حققت شركة الفيسبوك دخلا كبيرا من الإعلانات بلغ 3,2 بلايين دولار وهو ما يشكل نحو 85 في المائة من مصادر دخلها، وهذا الرقم الذي قد تحسبه كبيرا هو جزء صغير فقط من حجم الكعكة التي التهمتها شركة جوجل من الإعلانات التي تبيعها حيث حققت جوجل في العام نفسه 36,5 بليون دولار. هذه الأرقام الكبيرة توضح لك الحجم الذي بلغته صناعة بيع المعلومات الشخصية في عالم الانترنت وهذا بلا شك مؤشر كبير على أن اقتصاد المستقبل هو اقتصاد المعرفة والمعلومات التي تتطلب عقولا خلاقة قادرة على ابتكار منتجات تدر البلايين لأصحابها كما حصل مع مؤسسي الفيسبوك والجوجل وغيرهم.
ثمة جوانب ايجابية كبيرة قد تجنيها من استخدامك الفيسبوك وشبكات التواصل الاجتماعي التي تستخدمها مثل التويتر وغيرها، لكن تذكر بأن المعلومات التي تبوح بها وتكشفها لأصدقائك والمتواصلين معك قد تستخدم ضدك في يوم من الأيام من حيث لا تدري، فربما تتقدم لوظيفة او تطلب قرضا ويرفض طلبك من دون ان تعلم بأن السبب هو الفيسبوك، فهنالك الكثير من الحالات التي تم فيها استخدام معلومات نشرت في الفيسبوك ضد المستخدمين في مختلف انحاء العالم في قضايا الوصاية على الأبناء او في القضايا الجنائية. وهنالك العديد من الشركات التي بدأت تتلصص على الشبكات الاجتماعية للحصول على معلومات وبيعها لجهات أخرى مثل الوكالات الحكومية والبنوك والشركات وأجهزة المخابرات التي قد يكون لها برامجها الخاصة. فشركة «ليكسس نيكس» تقدم خدمات للوكالات الحكومية حول ما يقوم به المشاركون في الشبكات الاجتماعية، كما أن العديد من الوكالات الحكومية المختصة بجمع الضرائب في الولايات المتحدة قامت بمراقبة الفيسبوك لمعرفة المتهربين من دفع الضرائب.
أظهرت دراسة قام بها بعض الباحثين أن70% من اصحاب العمل قاموا برفض طلبات توظيف بسبب اطلاعهم على معلومات معينة في الفيسبوك والشبكات الأخرى لم تنل اعجابهم، فبينما تثرثر انت بحرية في الشبكات الاجتماعية هنالك من قد يتربص بك لاستخدامها ضدك ذات يوم، وربما تقوم زوجتك في المستقبل باستخدام شركة معينة لتعرف إذا ما كانت لديك علاقات عاطفية في الشبكات الاجتماعية واذا ما كنت تحادث النساء وماذا تقول في هذه الأحاديث. لا تعجب من ذلك، فهنالك بالفعل شركات في امريكا واوروبا تقدم خدمات من هذا النوع للنساء لمراقبة ازواجهن وربما تفتح هذه الشركات فروعا لها في العالم العربي ، فكن حذرا من كل تصرفاتك حتى لا تخرب بيتك بنفسك، فكل معلومة تضعها في الانترنت ستكون مسئولا عنها ولا ننسى ان نذكرك بأن كمبيوترك اليوم ؟ وليس لسانك ؟ هو حصانك إن صنته صانك وان خنته خانك.