الإعلام ودوره في المشروع الوحدوي
 تاريخ النشر : الخميس ١ مارس ٢٠١٢
{بقلم: وجدان فهد
بمتابعتي لقضايا الإعلام المعاصر وانعكاساته على المجتمعات أرى ان الإعلام الخليجي نجح وتفوق في أحايين كثيرة في قيادة بوصلة الرأي العام وتوجيهيه نحو قضايا غاية في الأهمية والحساسية، من تلك قضايا مكافحة الإرهاب والتطرف، وتحجيم دور الجماعات التكفيرية، وصولا إلى تسخير الإعلام أداة ضغط على بعض الدول الغربية كما حصل مع الدنمارك حين نجحت الصحافة العربية ومنها الخليجية في تشجيع الشعوب على المقاطعة التجارية للمنتجات الدنماركية كردة فعل احتجاجية على قضية الرسوم المسيئة إلى الرسول محمد «ص».
إلا انه في الفترة الأخيرة أخذت الهواجس مأخذها مني، وأنا ارصد أداء إعلامنا المشتت في وقت أحوج ما نكون فيه إلى توجيه بوصلة الرأي العام وتحقيق الإجماع على بعض القضايا التي أفرزتها المتغيرات الراهنة، فمن متابعتي لم أجد إعلامنا المحلي قد وفّق في ردم الفجوة والفتنة الطائفية التي تسببت فيها الأحداث الأخيرة فراحت كل صحيفة ووسيلة إعلامية تنشر وتبث وفق أجندتها الخاصة من دون الوقوف على ثوابت وطنية مشتركة ومراعاة أخلاقيات المهنة، وبالمثل لم أجد إعلامنا الخليجي موفقا بالشكل المطلوب في إبراز رغبة أهل الخليج في تحقيق مشروع الكونفدرالية الخليجية مشروعا وحدويا مطلوبا بعد تهالك المشروعات الوحدوية العربية، وكيانا رادعا للتهديدات التي تباغت الخليج في عمقه الجيوسياسي. وطبعا الإعلام العربي لم يكن بعيدا عن حالة خلق الشتات التي أتلمسها وأرصدها حين ردد شعارات ومفاهيم رفعتها بعض الأنظمة وما ان سقطت حتى تبرأ منها !! وتبرأ حتى من مسئوليته عن حرمان المتلقي من حق المعرفة، وهي ابسط حق يمنح للفرد في مجتمعه.
هذه الهواجس نقلتها في نقاشي المفتوح مع الإعلامي الكبير تركي السديري، رئيس اتحاد الصحافة الخليجية وهو ينتدي في مركز الشيخ ابراهيم للثقافة والبحوث عن الإعلام الخليجي والتميّز، كما تحدثت معه عن دور الاتحادات الصحفية في توحيد صفوف الكيانات الإعلامية المستقلة في كل بلد، وتقريب أجنداتها لإدارة بوصلة الرأي العام نحو القضايا المهمة.
السديري ذكر عن ثقة ان خليجنا العربي قد تفوق كثيرا على تجارب إعلامية عربية كانت تمثل رمز الريادة والتنوير في عصور سابقة، إلا أن ما حملته من شعارات ومفاهيم سياسية قد تسببت في خبوها عندما ابتعدت عن اهتمامات الجماهير، في حين أن الإعلام الخليجي لا يزال يستطيع أن يقدم أكثر بحكم المقومات الاجتماعية المشتركة لأهل الخليج، وخصوصا في التحشيد لمشروع الوحدة الخليجية المشتركة مع إقناع الجماهير بأهمية هذا المشروع وتحقيقه في صيغة مرضية لا تمس سيادة واستقلالية كل دولة أو حتى تؤثر في خصوصيتها.
واعتبر السديري أنه في وجود اتحاد الصحافة الخليجية غدت الفرصة سانحة أكثر من ذي قبل لملاقاة اتحادات عالمية مشابهة والتحدث بصوت واحد عن قضايانا وهذا في حد ذاته هو المطلوب في عصر بات لا يعترف إلا بصوت الجماعة.
الحوار والنقاش عن الإعلام الخليجي بمعوقاته ومحفزاته نحو التميّز لم يقف عند محطة السديري، إنما امتد إلى ما يواجه الصحفي نفسه من مهددات تمارسها عليه الأحزاب السياسية والدينية أكثر من الأنظمة الحاكمة نفسها !! ما يدفع الصحفيين في ظل امتداد سلطة تلك الأطراف الى أن يتعامل معها وكأنها رموز مهابة تحمل من هالة القدسية ما يمنع نقدها تماما!
وطال الإعلام الخليجي بعض من العتب في حركته الخجولة للإفصاح والتعريف بالمنجزات التي حققتها دول الخليج بفضل حسن إدارة مواردها وضخّها في برامج التنمية البشرية. بما يجعلها بعيدة عن المقارنة المجحفة التي عقدتها بعض الوسائل الإعلامية الخارجية مع الدول التي شهدت الربيع العربي، وحتما لا يلام الإعلام الدولي على ضحالة معرفته بالخليج ونهضته بقدر ما يلام الإعلام الخليجي نفسه على الدفاع عن هذا الكيان الناهض وإمداد الخارج بالحقائق.
ولعلي أيها القارئ قد أثقلت عليك بهواجسي الإعلامية لكنني موقنة بأن الإعلام غدا جزءا منا ومن حياتنا اليومية لا مناص من أن يحوز اهتمامنا في خضم ما نعيشه من سرعة في إيقاع الأحداث وما نملكه من أجهزة وأدوات جعلت اصغر من يملكها «صحفيا بلا صحيفة»، ينشر ويرد ويحلل ولا يدري بانعكاسات ومؤثرات ما ينشره!!
.