الجريدة اليومية الأولى في البحرين



تهريب الديزل المدعوم

تاريخ النشر : الخميس ١ مارس ٢٠١٢

صلاح عبيد



«قالت شئون الجمارك إن جهودها مستمرة في التصدي لمحاولات تهريب المشتقات النفطية (الديزل) المدعومة من مملكة البحرين إلى دول أخرى، رغم انتهاج المهربين وسائل مختلفة ومتطورة للتمويه وتسهيل عمليات التهريب. وأضافت في ردها على ما نشرته الزميلة (الوطن) أن جهود رجال الجمارك أسفرت عن ضبط كميات كبيرة من الديزل (حوالي مليون و842 ألفا و399 لترا) تقدر قيمتها السوقية بمبلغ 460 مليونا و599 ألفا و750 دولارا أمريكيا».
هذا الخبر الذي نشرته الزميلة (الوطن) في عددها الصادر أمس يثير العديد من التساؤلات، فعلى الرغم من أن شئون الجمارك تبذل جهودا مشكورة جدا لمنع عمليات تهريب المشتقات النفطية المدعومة إلى خارج البلاد، فإن ضخامة الكميات المضبوطة تدفع إلى التساؤل: كيف استطاع المهربون تجميع كل تلك الكميات الهائلة من الديزل وتعبئتها والشروع في تهريبها من البلاد؟ هل قاموا مثلا بشرائها من محطات بيع الوقود عبر ملء صهاريج محمولة على سيارات أو يتم جرّها بالشاحنات؟ أم أن هذه الكميات الكبيرة تم الحصول عليها من شركة بابكو مباشرة عبر طلبها من قبل شركات محلية اعتادت على ذلك لتعبئة شاحناتها بالوقود في مقارها، وأعني بها خصوصا شركات النقل الثقيل والإنشاءات ومصانع الإسمنت والطابوق وغيرها من الجهات ذات الحق في الحصول على كميات كبيرة من الديزل وتخزينه في محطاتها الخاصة داخل مخازنها؟!
إذا كان المهربون قد نجحوا في جمع كل تلك الكميات الهائلة من الديزل عبر شرائه من محطات بيع الوقود التقليدية، فإن من واجب شركة بابكو إصدار قرار بتحديد الكميات التي يتم بيعها في تلك المحطات بحيث لا تتجاوز ملء خزانات الشاحنات الصغيرة والمتوسطة الحجم فقط، وتخصيص محطات خاصة للشاحنات الكبيرة تحظى بمراقبة دقيقة من قبل شركة بابكو التي هي المسئولة الأولى عن حماية المشتقات النفطية المدعومة محليا والتأكد من وصولها إلى من يستحقونها للاستخدام المحلي فقط. أما إذا كان التهريب يتم بشراء الديزل من الشركات التي تجمعه لتبيعه للمهربين بأسعار أعلى من سعر شرائها له من بابكو وتحقيق أرباح طائلة من وراء ذلك، فإن من واجب الدولة إصدار قرار يمنع بيع المشتقات النفطية للشركات المحلية إلا بموجب دراسة تجريها جهات حكومية متخصصة لمعرفة مدى احتياجاتها الفعلية منها، وعدم بيعها أكثر من حاجتها، ومنع إنشاء محطات خاصة في مقار تلك الشركات ومخازنها، وإلزامها بملء خزانات وقود شاحناتها وآلياتها من محطات خاصة تقوم بابكو بإنشائها في عدد من مناطق المملكة تكون مخصصة لهذا الغرض.
ثم إن من حسن الحظ أن الوجهة الأولى التي يتم تهريب الديزل المدعوم إليها هي دولة الإمارات، وهذا ما يجعل من السهل ضبط أكبر عدد ممكن من عمليات التهريب حتى لو غادرت المياه الإقليمية للمملكة، وذلك بالتعاون مع أجهزة الأمن والجمارك في الإمارات، التي ينبغي أن تطلب فاتورة رسمية بكميات الديزل التي توجد على ظهور السفن والمراكب التي تصل إلى موانئ الدولة قادمة من البحرين، ثم تقوم بالتأكد من صحة تلك الفواتير بإرسال نسخة منها بالفاكس أو بالبريد الإلكتروني إلى شركة بابكو التي يجب أن يكون بيع المشتقات النفطية وإصدار الفواتير بها مقتصرا عليها وحدها في البحرين وعدم الاعتراف بأي فاتورة صادرة بهذا الشأن من أي شركة خاصة أو عامة في البلاد.
أخيرا فإن مجرد ضبط كميات من الديزل قبل تهريبها من المملكة ليس كافيا لمنع هذه الجريمة تماما، إذ المفترض إخضاع مرتكبيها لتحقيقات صارمة من قبل الجهات الأمنية لمعرفة من يقفون وراءهم، ثم تقديم المتورطين سواء كانوا أفرادا أو شركات إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل، مهما كانت مناصبهم أو ثرواتهم أو مكانتهم الاجتماعية.



salah_fouad@hotmail.com