الجريدة اليومية الأولى في البحرين


سفاح أمريكي قتل العراقيين بالجملة.. فكرمته أمريكا وإسرائيل!

السفاح المجرم قتل 260 عراقيا من الأطفال والنساء والشيوخ

تاريخ النشر : الخميس ١ مارس ٢٠١٢



هذه قصة أبشع سفاح عرفه التاريخ، القصة الحقيقية الموثقة بالصوت والصورة للقناص الأمريكي الذي أزهق أرواح (260) عراقيا من النساء والأطفال والشيوخ والشباب قتلهم بيده وسفك دماءهم من دون رحمة واقترف وحده ما لم يقترفه عشرات المجرمين والسفاحين ثم خرج إلى العالم ليعترف بجرائمه ويشرح بالتفصيل الممل كيف قتل الناس في الناصرية وبغداد والفلوجة ويصدر كتابا بكل اللغات الحية يدون فيه أقواله وإفاداته التي يعترف فيها اعترافا مسجلا بخط يده بجرائمه البشعة التي ارتكبها في العراق فكرمته أمريكا ومنحته أرفع الأوسمة والميداليات ونال استحسان المنظمات اليهودية المتطرفة.
قبل بضعة أيام كنت على متن سفينة سنغافورية تحمل اسم ,)yticaneT cificaP )وكنت أتولى إرشادها عبر المسالك الملاحية لمصب شط العرب في حوض الخليج العربي، وكان على ظهرها رجل بدين، يتأبط كتاباً متوسط الحجم، كتب عليه باللغة الانجليزية ،
)repinS naciremA( ومعناهما (قناص أمريكي)، من تأليف (كريس كيل .
)elyK sirhC(
في البداية ظننت ان الكتاب من الكتب التدريبية، التي تعنى بفنون القنص، وتشرح كيفية التعامل مع البنادق المستعملة، وتتناول فنون التسديد من بعيد، والتقنيات الحديثة المرتبطة بها، حتى جاء اليوم الذي تلقيت فيه رسالة عابرة من زميلي (عادل العاني) وفيها إشارة لمقالة مختصرة مصورة، كتبها الأستاذ مصطفى كامل.
قرأت المقالة على عجل، وإذا بها تستعرض فحوى الكتاب الذي شاهدته بيد ذلك البدين، وكانت صدمة كبيرة لي، عندما علمت ان الكتاب كان يتحدث عن اعترافات المجرم (كريس كيل) بخط يده، وعظمة لسانه، ويشرح بالتفصيل الممل كيف قتل ببندقيته (260) مواطنا عراقيا من دون رحمة، ومن دون أن يفرق بين امرأة وعجوز وطفل وشيخ وصبي.
فسارعت إلى قراءة كل ما كتبته الصحافة الغربية عن هذا الكتاب (الوثيقة)، وقرأت كل ما كتبوه عن هذا الجندي السفاح المهووس بقتل العراقيين.
السفاح الأكثر إجراما
لو أجرينا مسحا شاملا لجرائم أشهر السفاحين في الولايات الأمريكية، وراجعنا سجلاتهم الإجرامية الملطخة بدماء الضحايا، سواء ما كان مدونا منها في مخافر الشرطة، أو مثبتا في المحاكم الجنائية، أو منشورا على الشبكة الدولية، لوجدناها لا ترقى إلى عشر معشار ما اقترفه هذا السافل وحده، ولا يمكن مقارنتها بما ارتكبه من جرائم تقبح وجه التاريخ، وترسم أكثر من علامة استفهام على جبين تمثال الحرية، الذي صار رمزا لانتهاك حقوق الناس وضياع العدل والإنصاف، وتحولت شعلته المتحجرة إلى جذوة متوهجة بالعنف والحقد والكراهية ضد الشعوب والأمم..
خذ على سبيل المثال المجرم الأمريكي (جون وايان غاسي)، الذي اشتهر كأكثر السفاحين دموية، بقتله (29) طفلا فقط خلال ستة أعوام، أو السفاح الأمريكي (اندرو فيليب كونان)، الذي كان من أشهر السفاحين بقتله (10) نساء فقط، أو السفاح الأمريكي (ثيودور باندي)، الذي اختتم تاريخه الإجرامي بتنفيذه (36) جريمة قتل فقط، أو المجرم الأمريكي (هيرمان ويبستر مادجت)، الملقب بشيطان مدينة شيكاغو، الذي قتل خلال (4) سنوات (49) ضحية فقط، أو القاتل الأمريكي المتسلسل (زودياك)، الذي ظهر في ولاية كاليفورنيا، وكان غارقا في عالم الإجرام بقتله (6) أشخاص فقط.
سنكتشف بعد هذه المراجعة السريعة لسجلات الإجرام، ان المحصلة النهاية للمجازر التي ارتكبت على يد هؤلاء الخمسة، لا تتجاوز (130) ضحية سقطت في أماكن متفرقة، على مدى أكثر من عشر سنوات، بمعنى ان الجندي الأمريكي السفاح (كريس كيل) قتل وحده ضعف ما قتله أولئك كلهم، وانفرد وحده بتسجيل هذا الرقم القياسي في حدود الرقعة الجغرافية للعراق، في الفترة التي أنهى فيها خدمته العسكرية، وكان هو الذي بادر إلى الاعتراف بكل الجرائم التي ارتكبها، وتمادى في شرح الطريقة التي قتل فيها كل ضحية، بل كان من أكثر المجرمين وقاحة عندما ظهر على شاشات التلفاز وهو يتفاخر بسجله الإجرامي ضمن صفوف المارينز.
ومن يبحث في شبكة (اليوتيوب) سيشاهده كيف يتباهى بجرائمه، وكيف يتفاخر بها بكل صلافة، وكيف يتحدث بمنتهى الوضوح والصراحة عن إطفاء غريزته الوحشية باختيار ضحاياه والانقضاض عليهم، وكيف يزهق أرواحهم الواحد بعد الآخر، حتى قتل منهم (260) عراقيا في غضون بضعة أشهر، من دون أن يرف له جفن، وتبرعت وسائل الإعلام الأوروبية بعرض الأفلام واللقطات التي تؤكد مصداقية ما تناوله الكتاب عن قوافل الضحايا الذين سقطوا في العراق ببندقية هذا القاتل المحترف، في حين تغافلت عنه الفضائيات العراقية، وتجاهلته منظمات حقوق الإنسان.
أولى الضحايا امرأة تحمل الماء
المثير للغضب ان أمريكا استقبلت هذا المجرم استقبال الفرسان، ووضعت أكاليل العار على رأسه، ومنحته أرفع الأوسمة العسكرية، وسمحت له بتوثيق جرائمه، وتدوينها بكتاب شامل، يحكي للأجيال القادمة كيف دربت أمريكا ذئابها المسعورة، وكيف أطلقتها في غابات النظام الدولي الجديد لتقتل الأبرياء بدم بارد.
قال (كريس) في كتابه: انه لم يكن ينظر إلى الضحايا بوصفهم بشرا، مؤكداً انه كان يتعامل معهم كمخلوقات عدوانية تستحق القتل، وقال انه عندما كان يقتل شخصا، ويسقطه أرضا، كان بحاجة لمن يشهد معه، ليؤكد مصداقية ما سيقوله لقائد السرية التي ينتمي إليها، وكان يتعين عليه أن يحدد الزمان والمكان، والبندقية المستعملة، والمسافة التي أطلق منها النار، وما الذي كان يرتدي المقتول، وماذا كان يعمل قبل سقوطه على الأرض.
من هذا المنظور الإجرامي اعترفت له وزارة الدفاع الامريكية رسميا بقتل (160) عراقيا، إضافة إلى (100) ضحية اعترفت بها لاحقا.
وننقل لكم هنا النص الحرفي لعبارته التي قالها تعقيبا على تسجيله للرقم القياسي في عدد الضحايا:
?erom dellik dah I hsiw ylno I .em ot tnatropmi ton si rebmun ehT?
وتعني: «ليس الرقم مهما بالنسبة إلي، أنا فقط أتمنى لو قتلت المزيد منهم»، وعلى هذا الأساس منحته القيادة الأمريكية أعلى الشهادات التقديرية تثمينا لغريزته الحيوانية، التي تجسدت بقتل أكبر عدد ممكن من الأشخاص في تاريخ الجيش الأمريكي.
أما أولى ضحاياه فكانت امرأة متوسطة العمر من أرياف مدينة الناصرية، أطلق عليها النار فأرداها قتيلا في الحال، وقتل معها طفلها، لمجرد انه ظن أنها كانت تخبئ قنبلة يدوية تحت عباءتها السوداء، وتبين فيما بعد انها كانت تحمل إناء صغيرا لجلب الماء بعد انقطاعه عن الحي، وكانت تسير بتأن على الرصيف، وصادف أن مرت بها قافلة عسكرية أمريكية مشئومة متوجهة إلى بغداد، فخاف منها (كريس)، وأطلق عليها النار، فقتلها على الفور، واخترقت الرصاصة جسد الطفل الرضيع فذبحته من الوريد إلى الوريد، وتركهما ممدين على الرصيف، ثم واصلت القافلة طريقها، وتلقى (كريس) أولى مكافآته من قائد القافلة، ومن زملائه الجنود في القطيع الذي ينتمي إليه، فالوحوش في هذا القطيع لا يحاسبهم أحد، ولا يخضعون للمساءلة، لأنهم في منطق البنتاجون فوق كل القوانين والأعراف والشرائع، ولكم أن تتخيلوا ما الذي يمكن أن يفعله هذا الحيوان الذي فقد ضميره حين يأمن العقاب.
استشهدت هذه المرأة في (حي الشهداء) بالناصرية، وتركت وراءها بناتها الصغيرات (خمس بنات)، وحري بأهلها وذويها ألا يتركوا هذا المجرم يفر من وجه العدالة، خصوصا بعد أن اعترف بعظمة لسانه، وقال انه قتلها لمجرد الشك.
وحش بلا ضمير
طرحت مؤسسة (وليام مورو) هذا الكتاب الدموي في الأسبوع الأول من الشهر الأول من عام 2012، ليكون واحداً من الكتب الحائزة أعلى نسبة مبيعات في عموم الولايات الامريكية.
يتباهى (كريس) في مقدمة كتابه بألقابه الإجرامية، ويزعم ان الناس في العراق، أطلقوا عليه مجموعة من الألقاب والتسميات، ويذكر ان أقربها إلى قلبه، هو لقب الشيطان (شبيه الشيء منجذب إليه)، ويزعم أن العراقيين عرضوا مكافأة تقدر بعشرين مليون دولار لمن يقتله، ويقول انه نال حفنة من أنواط (الشجاعة)، وأوسمة (الشرف)، وشارات الخدمة الممتازة لمشاركاته الميدانية في أربع معارك شرسة، خاضها في المدن العراقية، ويزعم انه كان محبوبا من زملائه في القطيع الأمريكي الهائج.
ونقول له وللذين كرموه بأنواط الخزي والعار: انك فعلا من طبقة الشياطين ومن جنسهم، وانك في منظور الأعراف الإنسانية من المطلوبين للعدالة، لأنك من صنف البهائم المتعطشة للدماء، وتفتقد ابسط القيم والمبادئ الإنسانية.
يتساءل الكاتب الأمريكي (كاب فولتن notluF paK(، في معرض نقده للكتاب، فيقول: «هل يحق للجيش الأمريكي أن يصهر مفهوم الشجاعة بحيث يجعله يتمدد ليشمل الذين قتلوا الناس من مسافات بعيدة؟ وهل كانت بندقية هذا المجرم مجهزة بحواس تستشعر المجرمين وتتعرف إليهم في الظلام الدامس؟ وهل كانت البندقية مصنوعة من رقائق الكترونية مصممة لتحليل حوامضهم الامينية بالريموت كونترول بحيث تكون قادرة على فرز المجرمين وتشخيصهم وسط الزحام؟ وهل أصبح أفراد الجيش الأمريكي فوق الشبهات، بحيث لا يرتكبون الأخطاء؟».
وقال له المذيع الامريكي (بل أوريلي) عند تحاوره مع هذا السفاح في استوديوهات (فوكس نيوز): «أنت عبارة عن وحش هائج، مشفر لقتل الناس، وتعمل بلا ضمير».
أنشودة الموت
لثقافة الموت في صفوف الجيش الأمريكي جذورها الأيديولوجية والتعبوية، وهي عندهم من الثوابت، التي لا تقبل الجدل، حتى صار القتل عندهم أنشودة يرددها شذاذ الآفاق، وأبناء الشوارع بعد التحاقهم بثكنات التدريب، واللافت للنظر ان السفاح (كريس) اختار اسم الأنشودة المقززة، التي كتبها الشاعر الأمريكي (داريل ماسون) بعنوان (قناص أمريكي repinS naciremA( عنوانا لكتابه.
في أثر (آرثر)
سار (كريس) على نهج الجندي الأمريكي السفاح (آرثر شاوكروس)، وربما تأثر به وتقمص شخصيته.
اشتهر (شاوكروس) منذ صغره بالانحراف الجنسي، ثم التحق بصفوف الجيش الأمريكي، وحارب في فيتنام، فاشتهر بشراسته وقسوته المفرطة، ويقال انه كان يتلذذ بقتل النساء الفيتناميات ويطلق النار عليهن من دون ذنب، وكان يشوي لحمهن ويأكله، ولما عاد إلى أمريكا استمر بممارسة هوايته، فكان يأكل لحم ضحاياه من النساء والأطفال. والغريب في الأمر ان المحاكم الأمريكية تعاطفت معه، ولم تحكم عليه بالإعدام، واكتفت بإيداعه في مصحة عقلية، لكنه اختصر الطريق وقرر الانتحار بعد تاريخ حافل بالقتل والإجرام.
وتأثر (كريس) بأساليب (أرئيل شارون) في التعامل مع المدنيين العزل، ففي عام 1982 ارتكب هذا السفاح أبشع المجازر في (صبرا وشاتيلا)، فقتل (450) مدنيا، وليس ببعيد أن تكون نهاية (كريس) بالطريقة التي انتحر فيها (شاوكروس)، أو ربما يتعفن، ويتفسخ جسده قبل موته، مثلما تعفن زعيمه الروحي (شارون) في غرفة العناية المركزة، وإن الله بالمرصاد للمجرمين.
تبا للذين استمرأوا الدم العراقي
لا فرق بين هذا السفاح المجنون، وبين أولئك السفلة الذين استمرأوا الدم العراقي، فزرعوا العبوات الناسفة في كل مكان، وقتلوا الناس بالعشرات بدم بارد، في الأسواق، والمدارس، والجامعات، ودور العبادة، ولا فرق بين هذا السفاح المجنون وبين أولئك السفلة، الذين حرضوا أتباعهم على قتل العراقيين بالجملة، ولا فرق بينه وبين الذين أسرجوا وألجموا وحشدوا في غاراتهم السافرة على الشعب العراقي الصابر المحتسب، ولا فرق بينه وبين الذين وضعوا العراق تحت مقصلة البند السابع، ولا فرق بينه وبين الذين نهبوا ثروات العراق، ولا فرق بينه وبين الذين سرقوا لقمة العيش من أفواه العراقيين، ولا فرق بينه وبين ذلك الكاتب الكويتي الموتور، الذي تمنى انبعاث (الحجاج الثقفي) من قاع جهنم ليزهق أرواح العراقيين بالجملة.
هؤلاء كلهم من جنس واحد، ومن مستنقع واحد، ومن زريبة واحدة، وليعلموا جميعهم ان الله مع المظلوم على الظالم، وانه لا يحب الظالمين، وستطاردهم حوبة العراق في الدنيا والآخرة، والله مع الصابرين.