الجريدة اليومية الأولى في البحرين


أخبار البحرين

الشيخ علي مطر:

القيام بالأعمال الصالحات من أفضل الطاعات

تاريخ النشر : السبت ٣ مارس ٢٠١٢



قال الشيخ علي مطر في خطبة الجمعة بمسجد أبي بكر الصديق: قال الله تعالى: «وَسَارِعُوا إلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين».
قال العلماء الإحسان نوعان: الإحسان في عبادة الخالق سبحانه، والإحسان إلى المخلوق، فالإحسان في عبادة الخالق فسرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: «إن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك».
وأما الإحسان إلى المخلوق، فهو إيصال النفع الديني والدنيوي إليهم، ودفع الشر الديني والدنيوي عنهم، فيدخل في ذلك أمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، وتعليم جاهلهم، ووعظ غافلهم، والنصيحة لعامتهم وخاصتهم، والسعي في جمع كلمتهم، وإيصال الصدقات والنفقات الواجبة والمستحبة إليهم، على اختلاف أحوالهم وتباين أوصافهم.
* فالقيام بالأعمال الصالحات التي يتعدى نفعها للآخرين من أفضل الطاعات والقربات التي يتقرب بها العبد لله تعالى، وهي من الإحسان إلى الخلق، والله عز وجل يحب أهل الإحسان: «... وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ».
وهي من المعروف الذي رغب فيه الرسول صل الله عليه وآله وسلم في قوله: «صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ».
والمصرع هو مكان موت الإنسان، فيقي الله أهل المعروف الذين يحسنون إلى الناس بقضاء حوائجهم من الموت في مكان سيء أو طريقة وهيئة سيئة أو ميتة سيئة.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَحَبُّ النَّاسِ إلى اللَّهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ،وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إلى اللَّهِ تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ،أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً،أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا،وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخِ فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إلى مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ شَهْرًا».
وقال صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ، وَلاَ يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ،وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». «ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة...».
«...والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه...».
فأين نحن من هذه التوجيهات النبوية الكريمة وأين عملنا بها، وأين المسئولون والموظفون من مساعدة الناس والتيسير عليهم وتفريج كربهم... واحتساب ذلك عند الله تعالى، بدلا من التقاعس وتعطيل مصالح الناس وإيذائهم بل يصل أحيانا إلى إذلالهم.
يقول نبينا صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ امْرَأَةً بَغِيًّا رَأَتْ كَلْبًا في يَوْمٍ حَارٍّ يُطِيفُ بِبِئْرٍ قَدْ أَدْلَعَ لِسَانَهُ مِنَ الْعَطَشِ فَنَزَعَتْ لَهُ بِمُوقِهَا - أي بخفها - فَغُفِرَ لَهَا».
الله أكبر يغفر الله لامرأة زانية لأنها سقت وأعانت وساعدت حيوانا ،فكيف بمن يعين ويفرج على إنسان مسلم، بمساعدة مادية أو معنوية أو شفاعة حسنة.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «كَانَ عَلَى الطَّرِيقِ غُصْنُ شَجَرَةٍ يُؤْذِي النَّاسَ فَأَمَاطَهَا رَجُلٌ، فَأُدْخِلَ الْجَنَّة».
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى...».
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لأَخِيهِ بِخَيْرٍ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلٍ».
«من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة».
«مَنْ دَعَا إلى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا...».
* فهنيئا للذين يقومون بالأعمال الخيرية التطوعية لنفع الآخرين، سواء بشكل فردي أو جماعي، أو ضمن جمعيات ومؤسسات، هنيئا لهم مساعدة الفقراء والمحتاجين والأرامل والأيتام والمنكوبين.
فمن الناس من يحمل هم نفسه ويعيش لنفسه فيعيش وحيدا ويموت وحيدا، ومن الناس من يحمل هم الأمة، ويعيش لغيره فهذا يعيش كبيرا ويموت كبيرا، ويبعث يوم القيامة بإذن الله تعالى سعيدا.