الفاتح.. والثورة سلمية سلمية!
 تاريخ النشر : الأحد ٤ مارس ٢٠١٢
بقلم: عبدالرحمن علي البنفلاح
مر عام على ثورة الفاتح السلمية، وهي ثورة سلمية بكل المقاييس، فلم يقطع فيها طريق، ولم يحرق فيها إطار، ولم يحتل فيها مجمع طبي، ولا جامعة، ولم يناد فيها بإسقاط نظام، أو عزل فئة من الشعب، ولم يقطع فيها لسان إنسان، ولم يُدَس فيها شرطي يعمل من أجل حماية أمن المواطنين والوطن من اعتداء بعض أبنائه الخارجين على القوانين والأعراف والدين.
أصحاب الفاتح لم ينادوا بموت من يخالفهم، ولم يهينوا أحداً من الناس، احترموا الصغير قبل الكبير، ولماذا لا يكونون كذلك وهم اجتمعوا على طهر وعفاف، وبدأوا ثورتهم السلمية بصلاة وتهجد ودعاء أن يحفظ الله تعالى وطنهم الغالي، وأن يجنب أهله كل مكروه، وأن يعيد إلى من فقدُ صوابهم صوابهم؟
لماذا لا تكون ثورة الفاتح سلمية وأهلها يسعون إلى الخير، وينادون بالحب والتسامح؟
لماذا لا تكون ثورة الفاتح سلمية وأهلها يحملون في أيديهم أعلام الوطن، وينادون بحبهم له، ودفاعهم عن ترابه الذي درجوا عليه، وتنسموا عبيره؟
لماذا لا تكون ثورة الفاتح سلمية وأهلها لم يلقوا زجاجات المولوتوف الحارقة على الناس، ولم يحملوا أسياخ الحديد والمسامير «المدببة» التي تطلق بشكل عشوائي ومنظم على الناس والشرطة في الطرق؟
لماذا لا تكون ثورة الفاتح سلمية وأهلها لم يشعلوا ناراً، ولم يسكبوا زيتاً في الشوارع لتتعطل حركة المرور، ويتسببوا في الكثير من حوادث السيارات التي ذهب ضحيتها كثير من الناس الأبرياء؟
ثورة الفاتح كانت سلمية بكل المقاييس لأن أهلها يدعون إلى السلام ، وإلى الإصلاح بالطرائق السلمية، ويرفعون شعار الحب والتسامح، ويلهجون بالدعاء إلى الله تعالى أن يحفظ وطنهم الغالي، وأن يسدد على طريق الخير والصلاح خطاهم.
ثورة الفاتح كانت سلمية بكل المقاييس لأنها ثورة انطلقت من أطهر مكان على الأرض وهو المسجد، بيت من بيوت الله تعالى من دخله واحتمى به كان آمناً على نفسه وأهله وأبنائه.
ثورة الفاتح كانت سلمية بكل المقاييس لأن الثوار السلميين بدأوا ثورتهم بالصلاة والخشوع لله رب العالمين، فهم في طاعة في عبادتهم، وهم في طاعة في ثورتهم، وهم في طاعة فيما يرفعون من شعارات، وما يهتفون به من دعوة الإصلاح.
وبضدها تتميز الأشياء (كما يقولون)، في المقابل ماذا كان يحدث في دوار مجلس التعاون وما حوله من قطع للطريق، وإحراق لصناديق القمامة والإطارات، وسكب للزيت على الطرق والتسبب في حوادث السيارات، ورفع لشعارات الموت والهلاك لرموز الوطن، والمناداة بإسقاط النظام، وإهانة رموزه من حرق لصورهم ووضعها تحت الأقدام.
وهناك في مجمع السلمانية الطبي احتلال مسلح، وتحويل المجمع الطبي لغير الغرض الذي أنشئ من أجله، فصار ثكنة عسكرية، وتحولت سيارات الإسعاف إلى حاملة جنود آسف حاملة متمردين وأسلحة ومعتقلين من المواطنين والمقيمين الأبرياء؟
وهناك في جامعة البحرين احتلال آخر، وتعذيب وضرب واعتقال للطلبة الذين هم من الطائفة الأخرى، وتدمير للبنى التحتية للجامعة، وتكسير وتخريب للأجهزة الغالية الثمن.
هذان هما المشهدان اللذان شاهدهما العالم على شاشات الفضائيات، والصحف، ووسائل التواصل الاجتماعي، فأيهما يمثل شعب مملكة البحرين الحقيقي، ويرمز إلى أخلاقيات هذا الشعب الذي شهد له العدو قبل الصديق بأنه شعب ودود متسامح ذو خلق رفيع؟
هل مشهد الفاتح بثورته السلمية يمثل شعب البحرين أم مشهد الدوار؟
سنترك الإجابة للمراقب المنصف الذي يشغله هم البحث عن الحقيقة المجردة، سواء ظهرت هذه الإجابة على يد أهل الفاتح أم على يد أهل الدوار.
عام مضى على شعب مملكة البحرين تجرع فيه كأس المرارة مترعاً من فئة ضالة باعت نفسها للشيطان الذي لا يريد الخير لوطنها، ولا يريد الخير لأبناء وطنها، بل لا يريده للإنسان على عمومه.
فئة ضالة استرخصت دماء أهلها ومصالحهم وقدمتها على طبق من ذهب إلى أعداء وطنها ظانة ظن السوء أنها سوف تجني من وراء ذلك تقديرا وحبا من أولئك الأعداء، ونسيت هذه الفئة أو تناست أن التشيع الصفوي يبغض التشيع العلوي العربي بالقدر نفسه الذي يكره فيه أهل السنة، وليعلم هؤلاء المخدوعون المغيبون أن التشيع الصفوي لن يدخر وسعاً في القضاء على التشيع العلوي العربي بعد أن يمكن له في الأرض ونسأل الله تعالى ألا يمكنهم من ذلك لأنهم مفسدون في الأرض، قاطعون للأرحام، هاتكون للأعراض، سافكون للدماء.
عودوا إلى رشدكم، وأفيقوا من غفلتكم، والتحموا بثورة الفاتح السلمية المظفرة، وطالبوا بالإصلاح الذي لا ننكره عليكم، فنحن نؤمن بأن هناك فساداً، وأن هناك ضرورة للإصلاح، ولكن الذي ننكره عليكم ولا نتفق معكم عليه هو الطريق الذي سلكتموه للإصلاح، فلن يكون الإصلاح في يوم من الأيام سبيله الإفساد، فكيف نصلح عبر الإفساد، ونحن نعلم من كتاب ربنا عز وجل أنه سبحانه لا يصلح عمل المفسدين، قال تعالى: «فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين» يونس/.٨١
.