ميثاق شرف للتواصل
تاريخ النشر : الأحد ٤ مارس ٢٠١٢
هالة كمال الدين
شبكات التواصل الاجتماعي ملأت الدنيا.. شغلت الناس.. صنعت عالما بلا حدود.. وجعلت المعرفة لا متناهية.. وسمحت للإعلام الجديد أن يحتل مكانة مرموقة بين المستخدمين.. ووصل تعامل البشر معها إلى حد الإدمان!
تصفح هذه المواقع أصبح أمرا واقعا مؤثرا في حياتنا، وتحول إلى عادة يومية تستنفد ساعات طويلة، ولكن للأسف ضاعت معها المصداقية، وتاهت الضمائر، وذبحت الخصوصية، ودمرت القيم. فاليوم هناك مواقع للفضائح، وللجنس، وللتجسس، وللطائفية، وللمصالح، وللقرصنة، وللانفلات، وللإهانة، وللتشويه، وللتجريح، و.. لكل موبقات الدنيا، كل ذلك يتم تحت غطاء ما يسمى مواقع التواصل الاجتماعي.
كل هذا يحدث، ولا رادع، ولا حسيب، ولا رقيب، فهذا هو ثمن الحرية المطلقة لهذا الإعلام التكنولوجي المنافس بشدة، لدرجة تهديد الإعلام التقليدى، الذي طالما التزم - في أغلب الأحيان - مواثيق الشرف التي وضعت من أجله.
تستعد الهند في الوقت الراهن لتدشين ميثاق شرف مهني خاص بالإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي في محاولة منها للرقابة على المحتوى قبل رفعه على الشبكة، بعد الضجة الكبيرة التي أثارها مدير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الهندي باقتراحه تنقية محتوى المادة المستخدمة قبل نشرها على شبكات التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك، وياهو، وتويتر، وغوغل.. الخ.
وكعادتها، وحرصا على ربحيتها قبل أي شيء، رفضت شركات الإنترنت طلبات متكررة بحجب المواد غير اللائقة التي تنشر على مواقع شبكات التواصل الاجتماعي التي تديرها، ممتنعة عن الخضوع لضغوط الحكومة الهندية، في رفض المحتوى الذي تجده مستهجنا، وخاصة بعد الصور الفاضحة، والتعليقات المهينة التي تتعلق بكبار الشخصيات الهندية كالمهاتما غاندي، وسونيا غاندي وغيرهما، والتي تناقلتها تلك المواقع في الفترة الأخيرة.
هناك رأي يقول إن حجب تلك المواقع أو تقييدها أو تقنينها في هذا الزمان يعتبر جريمة، أما الرأي المناهض فيؤكد أن ترك الحبل لها على الغارب لتمارس حريتها بهذا الانفلات، إنما هو جريمة أبشع، وما بين الرأيين يبقى المطلب الهندي بميثاق شرف للتواصل هو الحل الوسط المطلوب!
صحيح هذه المواقع قربت بين الناس والشعوب.. لكنها باعدت بينهم وبين القيم، والأخلاق!
وتبقى الرقابة الوحيدة المتاحة المباحة على تلك المواقع هي رقابة الإنسان على ذاته!!
فكما يقال:
لا يخون الأمين.. ولكن قد يؤتمن الخائن!!