الجريدة اليومية الأولى في البحرين


المال و الاقتصاد

في تقرير لبيت التمويل الكويتي:
فرص واعدة لنمو الصيرفة الإسلامية في إفريقيا تواجهها بعض العقبات

تاريخ النشر : الأحد ٤ مارس ٢٠١٢



ذكر تقرير أعدته شركة «بيتك للأبحاث» التابعة لمجموعة بيت التمويل الكويتي «بيتك» عن واقع ومستقبل مؤسسات وبنوك التمويل الإسلامي في إفريقيا، ان فرص نمو صناعة الصيرفة الإسلامية في القارة السمراء واعدة ومتنوعة وخاصة في دول الشمال الإفريقي ودول أخرى مثل كينيا ونيجيريا والسنغال وجنوب إفريقيا حيث تعد الأخيرة سوقا واعدة للمعاملات المالية الإسلامية.
وأشار التقرير إلى ان القارة الإفريقية تستحوذ على 38 مؤسسة مالية إسلامية تعمل على أراضيها وان معظم دول القارة قد غيرت من تشريعاتها للسماح بعمل البنوك الإسلامية كما تسعى دول بعينها مثل كينيا ونيجيريا لتكون مراكز مهمة للصناعة الناشئة على مستوى القارة.
وشدد التقرير على مجموعة من العوامل مازالت تعوق انتشار الخدمات المالية وأعمال الصيرفة الإسلامية في إفريقيا ومن أبرزها نقص الكوادر البشرية والبنى التحتية وتدني العوائد على بعض المشاريع وضعف الضمانات، مشيرا إلى ان المصارف الإسلامية أمامها فرصة كبيرة في قطاع التجزئة وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومشاريع التطوير العقاري.
وبين التقرير ان السودان يعتبر البلد الإفريقي الوحيد الذي هيكل اقتصاده ونظامه المالي ليكون متوافقا مع تعاليم الشريعة الإسلامية. الا انه في السنوات الأخيرة، شهدت القارة المزيد من الدعم لعوامل نمو التمويل الإسلامي، ترتكز إلى عدة عوامل اهمها: زيادة الوعي في دول إفريقيا جنوب الصحراء.
كما انه على الرغم من بدء العمل المصرفي الإسلامي في مصر منذ عام 1960، فإن هذه الصناعة لا تزال في مراحلها الأولى في جميع أنحاء القارة، وهناك حاليا ما يقرب من 38 مؤسسة مالية اسلامية عاملة في إفريقيا.
وتمتلك كينيا زمام المبادرة في الخدمات المصرفية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، حيث استمر الطلب على الخدمات المصرفية الإسلامية في النمو بشكل كبير.
شمال إفريقيا
وتمثل منطقة شمال إفريقيا سوقا كبيرة وغير مستغلة حتى الآن ففيها 190 مليون شخص كما ان 91% من سكان هذه المنطقة من المسلمين، باستثناء السودان حيث يشكل المسلمون نسبة 70% من الكثافة السكانية، وبالتالي فان الانظار تتجه نحو سوق الخدمات المصرفية الإسلامية في شمال إفريقيا.
واوضح ان هناك تغيرات بدأت وان كانت بطيئة حيث قرر بنك المغرب المركزي في عام 2007 ان يأذن بأنواع معينة من المنتجات المالية الإسلامية أطلق عليها مسمى «المنتجات المالية البديلة»، استجابة لطلب المستهلكين. وقد تم تأسيس بنوك إسلامية في كل من مصر والجزائر وتونس، اضافة إلى نوافذ إسلامية في مصر والمغرب والجزائر، وفي 2011، وافق بنك السودان المركزي على طلب مصرف أبو ظبي الإسلامي بفتح فرع في السودان.
غرب إفريقيا
واضاف التقرير ان غرب إفريقيا تشهد تطورا في الصناعة المصرفية الإسلامية وخاصة في نيجيريا. حيث إن تعليمات ونصوص قانون البنوك والمؤسسات المالية الاخرى في نيجيريا لعام 1991، بصيغته المعدلة، ينص على انشاء مصارف إسلامية في نيجيريا.
وتمت الموافقة لبنك حبيب عام 1992 على تشغيل نافذة للخدمات المصرفية الإسلامية والذي لايزال يعمل مع بنك بي اتش بي.
وفي يونيو 2011، تمت الموافقة على منح تصريح لبنك جايز الدولي ببدء الأعمال المصرفية الإسلامية الاولى من نوعها في البلد.
وفي مكان آخر من القارة وهي السنغال، قام بنك آسيا وهو احد بنوك المشاركة في تركيا، في أكتوبر 2009، بالاستحواذ على 40% في شركة التمويل الإفريقية القابضة، التي تملكها المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص، وهي شركة تابعة للبنك الإسلامي للتنمية. اضافة إلى ذلك، فمن المتوقع ان يقوم كل من بنك آسيا، البنك الإسلامي للتنمية والمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص بالمساهمة معا في القطاع المصرفي الإسلامي في جميع أنحاء إفريقيا، ولاسيما في الجزء الغربي من القارة.
شرق إفريقيا
أما في شرق إفريقيا، فقد بدأ العمل المصرفي الإسلامي في كينيا عام 2008 عندما سمحت الحكومة الكينية للبنك التجاري الكيني بالبدء بالعمليات التشغيلية لبنك الامانة الإسلامي، كأول بنك إسلامي في البلاد. اضافة إلى تأسيس البنك الخليجي الإفريقي، وكينيا لديها الآن اثنان من البنوك الإسلامية، تسهم بنحو 1% من صافي اجمالي موجودات القطاع المصرفي الكيني.
وقد أدخلت خمسة بنوك تقليدية أخرى في كينيا المنتجات المصرفية الإسلامية، وذلك بغرض دعم المنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، بالاضافة إلى توسيع قاعدة العملاء. وفي مايو 2010، قام البنك المركزي في كينيا بتعديل قانون البنوك للسماح للمؤسسات المالية الإسلامية كي يساعد في نموها وازدهارها. وكذلك الحال في أوغندا، حيث قام البنك المركزي الأوغندي بتعديل الأنظمة المصرفية للسماح باقامة وتأسيس بنوك إسلامية في البلاد.
وفي جنوب القارة، يشكل المسلمون نسبة 2,3% أو ما تعداده 1,3 مليون من السكان في جنوب إفريقيا. ومع ذلك، فان نسبة الذين يستخدمون المصرفية الإسلامية في تعاملاتهم تقدر بين 10% إلى 15% فقط من مجموع السكان المسلمين في الدولة. ويوجد حاليا ثلاث مؤسسات تتعامل بالمصرفية الإسلامية، احدى هذه المؤسسات هي مؤسسة مالية إسلامية متكاملة، فيما تعمل مؤسستان بنظام النوافذ الإسلامية، ويعد بنك البركة، الذي تأسس في عام 1989، كأول بنك إسلامي وتمثل مجموع الأصول المصرفية الإسلامية حاليا نسبة تتراوح بين 1-2% من مجموع الاصول البنكية في جنوب إفريقيا.
الفرص الواعدة
وتوقع التقرير ان تكون البنوك الإسلامية ومنتجاتها أكثر شعبية في أجزاء من إفريقيا وفقا لأعلى تمركز من المسلمين مثل شمال إفريقيا، وأجزاء كبيرة من غرب إفريقيا وجنوب الساحل الشرقي، متوقعا ان تصبح المصارف الإسلامية جاذبة في البلدان ذات الكثافة السكانية الكبيرة من رجال الأعمال المسلمين مثل جنوب إفريقيا.
وأشار إلى أن الفرص المتاحة للمصارف الإسلامية في إفريقيا تشمل منتجات التجزئة، فضلا عن تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة. على الرغم من ان التمويل الإسلامي مضى عليه 50 عاما في إفريقيا، الا ان أكثر من نصف سكان القارة من المسلمين لا يزال لا يتعامل مع البنوك.
وعلى عكس المناطق الحضرية الكبرى التي لديها نسبة انتشار ما يقرب من 60%، فإن البنوك في إفريقيا لديها معدل انتشار منخفض للغاية في المناطق الريفية مسجلا أقل من 20%، وبالنظر إلى البنية التحتية للفروع مما يجعلها غير كافية لخدمة السكان.
نظرا للطبقة المتوسطة المتنامية في القارة والعدد الكبير من السكان الشباب، فإن ذلك بمثابة فرصة للبنوك لتوسيع شبكتها من الخدمات المصرفية.
كما أن الفرص المتاحة للشركات المختصة بالتمويلات الإسلامية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة هي أيضا فرص واسعة، وترتكز إلى تحقيق نمو اقتصادي مطرد، وايضا طموح الحكومات للحد من مستويات الفقر وعملها على اثراء مستوى المعيشة، وأيضا التفضيل المتزايد للمنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، اضافة إلى وجود عدد كبير من السكان المسلمين.
أهم المخاطر
ومع ذلك، فانه ينظر إلى المخاطر التي يتعرض لها ان تكون أعلى، نظرا لأن الصناعات الزراعية الصغيرة والمتوسطة في إفريقيا تميل إلى ان تكون ضعيفة ماليا، إضافة إلى نقص الضمانات، والخبرات الضعيفة في كل من الادارة والمهارات التجارية والمالية.
في هذا الصدد، يمكن للبنوك الإسلامية التكيف مع الواقع من مؤسسات التمويل الصغيرة الناجحة مثل بنك غرامين في بنغلاديش وبنك راكيات في اندونيسيا الذي اعتمد الحوافز الديناميكية، وجداول السداد العادية وبدائل للضمانات للمساعدة في الحفاظ على معدلات سداد عالية. سيكون واحدا من عوامل النجاح الرئيسية متمثلا في تطوير المنتجات التي ليس فقط تلبية لمتطلبات الفئات المستهدفة، وانما هي أيضا في متناول الجميع.
محفزات التوسع
توقع التقرير ان تستمر الصناعة المصرفية الإسلامية في التوسع في إفريقيا، بدعم من العوامل التالية:
- التحولات التي تحدث في البلدان الإفريقية لكونها تعتمد على المساعدات المتحولة نحو النمو في التجارة وعلاقات الأعمال مع الشرق الأوسط. يمكن ان التمويل الإسلامي يلعب دورا محتملا في تسهيل العلاقات التجارية بين إفريقيا والشرق الأوسط، وبمشاركة أكبر من البنوك العالمية والإسلامية من كلا المنطقتين.
- الإصلاحات السياسية والتجارية في بعض أجزاء القارة الإفريقية، جعلت القارة الإفريقية المنطقة الثالثة الأسرع نموا في العالم، بعد منطقة الشرق الأوسط وآسيا. وهذا سيؤدي إلى تعزيز متطلبات البنية التحتية الضخمة التي ستؤدي بدورها إلى زيادة في الطلب على التمويل الإسلامي.وإصدار صكوك توفر فرصة للاستفادة من الأموال من الشرق الأوسط وآسيا.
- وفقا للبنك الإفريقي للتنمية، فان عدد الأفارقة من الطبقة الاجتماعية المتوسطة قد تضاعف ثلاث مرات خلال السنوات الـ30 الماضية، ووصلت نسبتهم إلى أكثر من %34 من سكان القارة. الجدير ذكره ان النمو الاقتصادي القوي على مدى السنوات الماضية، وتعزيز تنمية الموارد البشرية، وتشجيع نمو القطاع الخاص هي بعض من العوامل التي تسببت في الوصول إلى هذا العدد من الطبقة المتوسطة، ومن المتوقع ان يؤدي وصول الطبقة المتوسطة إلى هذه النسبة ان يسهم في زيادة الإنفاق الاستهلاكي ودعم الطلب على المنتجات المصرفية للأفراد، مثل السيارات والمنازل، فضلا عن منتجات التأمين.
- إلى جانب قيامها بتعديل القوانين المصرفية لاستيعاب المصرفية الإسلامية، فانه من المتوقع ان تقوم الحكومات الإفريقية بإجراء مماثل في تعديل قانون وتشريعات التأمين والأسواق المالية والتي سوف تكون بشرى بالخير بالنسبة لصناعة التمويل الإسلامي ككل.
- الجهود التي تبذلها بعض الدول الإفريقية مثل جنوب إفريقيا ونيجيريا لتعزيز وتسويق نفسها كمراكز التمويل الإسلامي في إفريقيا.
- ثاني اكبر تعداد سكاني للمسلمين في العالم يوجد في إفريقيا، حيث يبلغ عدد المسلمين في القارة 540 مليون نسمة أو ما نسبته 52،4% من سكان القارة هم من المسلمين.
6 مخاطر وتحديات
ذكر التقرير ان المخاطر والتحديات التي يتعين التغلب عليها بالنسبة للمصارف الإسلامية للتوسع في إفريقيا تشمل ما يلي:
1- نقص في الموظفين المؤهلين وذوي المهارات في مجال التمويل الإسلامي. وبالإضافة إلى ذلك، فان الهيئات المصرفية والمالية بحاجة إلى ان تصبح أكثر دراية مع مبادئ وممارسات عمليات التمويل الإسلامي لتمكينها من اتخاذ الأحكام المناسبة الاشرافية والتنظيمية.
2- عدم وجود وعي للتمويل الإسلامي. وبشكل اكبر في مجالات التسويق والمنتجات والتثقيف والتوعية، وهي ضرورية للمساعدة في التغلب على أي رفض لفكرة التمويل الإسلامي قد يحدث من جهة العملاء.
3- السنغال وغامبيا لديهما بالفعل اللوائح التنفيذية التي تحكم المصارف الإسلامية، في حين ان العديد من البلدان الأخرى في مراحل مختلفة من صياغة المبادئ التوجيهية التنظيمية ذات الصلة. ومع ذلك، فانه من أهم الأمور التي ينبغي القيام بها هي عمل هياكل مميزة للنواحي التنظيمية والتشريعية، ورقابة صارمة لإدارة المخاطر، فضلا عن أطر الهيكلية اللازمة للحوكمة والالتزام لصناعة التمويل الإسلامي، مما يؤدي إلى تعزيز نموها وازدهارها.
4-عدم وجود البنية التحتية مثل الاسوق المالية الإسلامية، والتي تساعد في توفير السيولة في النظام المصرفي الإسلامي، فضلا عن عمليات التكافل لحماية الاستثمارات في البنوك الإسلامية ضد المخاطر غير المتوقعة.
5- معظم البلدان الإفريقية لا تملك تشريعات ضريبية متعلقة بالمنتجات والخدمات المالية الإسلامية والمنتجات. واذا ما لم تحل هذه المعضلة، فان هذا سيؤدي إلى تأخير تطوير التمويل الإسلامي في بقية القارة. وقد اعترفت بعض البلدان مثل جنوب إفريقيا ونيجيريا بالحاجة إلى وضع المصرفية الإسلامية على قدم المساواة مع البنوك التقليدية.
6- في بعض البلدان الإفريقية، فإن حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، جعلت من الصعب تمويل شراء المنازل. كما ان النمو في قروض وتمويلات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تعرض لعرقلة ليس فقط من قبل عدم الاستقرار السياسي، ولكن بالاعتماد القوي على عدد من المواد الخام القليلة.