الجريدة اليومية الأولى في البحرين



الشعب يريد إيقاف الاستقطاع..!

تاريخ النشر : الاثنين ٥ مارس ٢٠١٢

محمد مبارك جمعة



لا نقول أوقفوا قانون التأمين ضد التعطل، بل نقول أوقفوا الاستقطاع فقط، استقطاع 1% من رواتب الناس. هذا الاسقطاع الذي تم تمريره من دون مشاورة أصحاب الشأن، وهم المواطنون، ومن دون قرار يمثل رغبة الشعب البحريني. هناك بعض النواب اليوم عارضوا ويعارضون قرارات تتخذ من قبل وزارات الدولة بحجة أنها قرارات لا بد أن تكون مبنية على مبدأ التشاور، في حين أن قانون استقطاع التأمين ضد التعطل اتخذ بمعزل عن رغبة المواطنين، بل رغماً عنهم. ولسنا نفهم لماذا خفت وتلاشى التحرك النيابي لإيقاف الاستقطاع، ولتغيير هذا القانون الذي أخذ ما أخذ من أموال الناس.
التجار البحرينيون الذين مسهم الضر من رسوم سوق العمل، وأتت الأزمة الأخيرة لتزيد معاناتهم، وجدوا من يستمع إليهم، فجاء سمو رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة ليخفف عنهم وأمر بتجميد العمل بتحصيل الرسوم، كما انبرت الدولة تتعهد بمساعدتهم وتقديم العون لهم. فماذا عن المواطنين البحرينيين الذين تضرروا هم أيضاً من هذه الأزمة، نفسياٌّ ووظيفياٌّ، والذين هم معنيون برعاية الدولة أكثر من غيرهم. لماذا لا تسارع الدولة إلى تجميد الاستقطاع، في حين يستمر القانون فاعلاً بالحصة التي تضعها الدولة في الصندوق، أو أن تقوم الدولة بتحمل كامل مبالغ الاستقطاع. المسألة ممكنة جداٌّ، ومثلما تم تجميد رسوم سوق العمل بقرار من الدولة، يمكن أيضاً تجميد الاستقطاع بقرار من الدولة أيضاً. لقد تحدث المواطنون كثيراً وجأروا بالشكوى من هذا القانون، وحاول النواب، الذين يعتبرون المسئول الأول عنه، وضع حد للخطأ الذي ارتكبوه بتمريره، لكن جميع هذه الجهود لم تأت بنتيجة.
بحسب إحصاءات عام 2009م، حقق صندوق الاستقطاع للتأمين ضد التعطل فائضاً بأكثر من 51 مليون دينار، وكانت مساهمة القطاع العام في الصندوق مضافاً إليه مساهمة الحكومة تقدر بأكثر من 13 مليون دينار، في حين كانت مساهمة القطاع الخاص في الصندوق مضافاً إليه مساهمة الحكومة تقدر بأكثر من 15 مليون دينار. وبكل تأكيد فإن هذه المبالغ قد تغيرت كثيراً الآن، والفائض قد تغير معها.
إن الإحباطات المتوالية التي اشتكى منها الموظفون البحرينيون، بسبب ضآلة الزيادات التي قدمتها لهم الدولة، علاوة على حرمان قطاعات كبيرة من الموظفين من هذه الزيادات بحجج واهية تتلخص في أنهم لا يتبعون جداول وظيفية مماثلة لمؤسسات الحكومة، هي بكل تأكيد إحباطات مستمرة، وما زالت غائرة في النفس، وإن كان الوضع السياسي في البلد هو الحديث المسيطر والمتسيد نظراً إلى حساسيته، غير أن ما يتكرر على ألسنة الناس في أحاديثهم الجانبية طوال اليوم، لا يخلو من الشكوى من هذه المعادلة المجحفة بحقهم. فالزيادات إما قليلة وإما تفرق بين شريحة وأخرى، فتحصل عليها هذه وتحرم منها تلك، والمتطلبات اليومية المعيشية للمواطنين تزداد تعقيداً، وقضايا الإسكان تقض مضاجع الغالبية من الشعب، ومع ذلك يستمر هذا الاستقطاع من معاشاتهم الذي وإن كان يحمل -بحسب ما يقال- روح «التكافل الاجتماعي»، فإنه يحمّل المواطنين ما لا طاقة لهم به، ويضع على كاهلهم ما هو من صميم وصلب مسئوليات الدولة، فهل يعقل أن يستمر هذا الوضع.