في رحاب مجلس خليفة بن سلمان (٨)
وحدتنا لإحباط التآمر الخارجي
 تاريخ النشر : الثلاثاء ٦ مارس ٢٠١٢
بقلم: د. نبيل العسومي
أذكر أنه عند الأحداث العنيفة التي شهدتها بريطانيا اضطرت الحكومة إلى اتخاذ الإجراءات الأمنية الرادعة للتصدي للعنف والفوضى، كما اتخذت قرارات حاسمة من دون تردد بشأن مثيري العنف والشغب من الذين يستمتعون بخدمات وامتيازات تقدمها الدولة إليهم.
هذا الإجراء الذي اتخذته الحكومة البريطانية كان رسالة واضحة لا لبس فيها بأن الأمن مقدم على الحقوق وأنه لا حقوق لمن يتلاعب بأمن البلاد وأن الديمقراطية تأتي في ظل الأمن وليست على حسابه.
وعندما تشرفت بالجلوس في مدرسة خليفة بن سلمان السياسية كنت أجد ما يؤكد الترابط العضوي بين الأبعاد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية للديمقراطية وكذلك التأكيد أن الأمن مقدم على كل شيء لأن به صلاح الأعمال والأبدان وقوام الحرية والاستقرار فمن دونه يكون انفلات وضياع لكل شيء.
والذين يعبثون بأمن البلاد انطلاقا من تنفيذ أجندات سياسية مأجورة في بعض الأحيان ومدعومة من الخارج تختلط عندهم الوطنية باللاوطنية، كما تختلط عندهم الممارسة السياسية المشروعة بالعمالة للخارج وهذا الخارج الذي بات واضحا أنه يتلاعب بنا وبأمننا ويستخدمنا كمختبر لبرامجه واستراتيجياته، وقد كان في كلمات وتوجيهات صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الموقر ما يؤكد مخاطر التدخل الخارجي الذي يسهم في خلط الأوراق وزعزعة أوضاعنا المستقرة وجعل البحرينيين مشلولين من دون قدرة على الحوار مع بعضهم بعضا للوصول إلى حلول وتوافقات تنفع البلاد وتعود بالخير العميم عليهم، ولذلك كان سموه يركز في أن حلول المشاكل الداخلية يجب ألا تكون مستوردة من الخارج لا شرقية ولا غربية بل حلولا بحرينية مائة في المائة يصنعها أبناء هذا الوطن في ضوء مصالحهم الوطنية وفي ضوء الثوابت التي تبناها وآمن بها آباؤنا وأجدادنا في هذا البلد الطيب الآمن منذ قرون من الزمان، وهذه الثوابت لو نسأل عنها أي بحريني سني أو شيعي، مسيس أو غير مسيس، كبيرا أو صغيرا سنجد أنه يحفظها عن ظهر قلب: هوية هذا الوطن عربية اسلامية خليجية خليفية وبنظام الحكم الخليفي أباً عن جد وميثاق العمل الوطني كمرجع لمجمل القيم والثوابت التي تجمعنا وتحكمنا وتسير عملنا.
إن التدخلات الأجنبية بصورها كافة بما فيها تلك الصور الناعمة التي تدخل تحت عنوان الحقوق والدفاع عنها وتحت عنوان المنظمات الحقوقية والإنسانية فإنها تحولت إلى أداة من أدوات السيطرة على بلادنا من قبل العديد من هذه المنظمات المأجورة التي تسعى من خلال ما لديها من مال ومغريات إلى جر جزء من أبناء البلاد واللعب عليهم بشتى الوسائل ليتحولوا تدريجيا إلى قنابل موقوتة يلحقون أفدح الأضرار بأنفسهم وبأوطانهم إلى درجة أن جزءا كبيرا من شبابنا اليوم مسيسون، وعندما نسألهم ماذا تفعلون وما هي صفاتكم؟ يقولون لك إنهم ناشطون حقوقيون فإذا كانت بلادنا صغيرة في مساحتها وعدد سكانها وفيها مئات بل آلاف من يدعون انهم حقوقيون فتلك علامة غير عادية في بلاد تراعي فيها الدولة حقوق الإنسان وتنتشر فيها قيم التسامح وبها نظام قضائي مستقل وعادل وبها حراك سياسي متنوع وفيها فصل بين السلطات وتجرى فيها انتخابات شفافة ونسبة بطالة متدنية وتخسر الدولة ميزانية لدعم محدودي الدخل بمختلف الوسائل وتوفر أغلب الخدمات الأساسية بالمجان من تعليم وصحة وإسكان وغير ذلك من الأمور التي تجعل من حياة المواطن ميسورة وسهلة فأي حقوق تنتهك إذاً وأين الخلل الذي يقتضي وجود من يسمون أنفسهم ناشطين حقوقيين؟
لقد أوضح صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة في أكثر من مناسبة أن الخلاف يمكن أن يكون بين أبناء الوطن في الاجتهاد والتقدير ولكن لا يمكن أن يفضي مثل هذا الخلاف إلى الصراع والكراهية والارتباط بالأجنبي والقبول بأن يدس أنفه بيننا حتى إن إدعى انه صديق، فالوطنية البحرينية الحقيقية لا يمكن أن تقبل بأي نوع من التدخل مهما يكن نوعه أو شكله أو مبرراته، خصوصا أننا رأينا آثار التدخل والتآمر الكارثية في العراق ونراها اليوم في مصر من خلال تلك الجمعيات الممولة أمريكيا التي تعمل على تخريب أبناء الوطن وبث الفرقة والصراعات وتفكيك وحدة المجتمع ونسيجه الوطني.
إن رؤية خليفة بن سلمان لمعالجة الأمور تقوم على ٣ أركان أساسية:
الأول: هو الوطنية البحرينية المخلصة والمنطلقة من قوانا الذاتية كمواطنين توحدنا المواطنة والمحافظة على استقلال وطننا وحرمته.
الثاني: الاعتدال والوسطية في معالجة أي خلاف أو صراع سياسي قد يطرأ بين أبناء الوطن حول القضايا المعيشية أو غيرها من الموضوعات التي من الطبيعي أن تكون محل خلاف.
الثالث: يتمثل في الوحدة الوطنية باعتبارها أساسا وركيزة إذا راحت تفكك المجتمع وأمكن اختراقه من القوى الخارجية.
.