الجريدة اليومية الأولى في البحرين


أخبار البحرين

تعديلات مهمة على قانون الإجراءات الجنائية..

تقليل مدة الحبس الاحتياطي إلى 30 يوماً.. ومنح المتهم حق التظلم

تاريخ النشر : الثلاثاء ٦ مارس ٢٠١٢



وافق مجلس الشورى - مبدئيا- أمس على إدخال تعديلات مهمة على قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالمرسوم بقانون رقم (46) لسنة 2002 المرافق للمرسوم بقانون رقم (124) لسنة 2011، أبرزها تقليل مدة الحبس الاحتياطي ومنح المتهم حق التظلم.
وبيّن مقرر لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني د. الشيخ خالد آل خليفة أن مشروع القانون بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية، يهدف إلى تقليل مدة الحبس الاحتياطي من أجل التخفيف على المتهم، ومنح المتهم المحبوس احتياطيا حق التظلم في حالة رفض النيابة العامة طلب الإفراج عنه.
ويعدل المشروع المادة (147) إلى تقليل مدة الحبس الاحتياطي الذي تصدره المحكمة الصغرى ليصبح مدة أو لمدد متعاقبة لا تزيد على ثلاثين يوما بعد أن كان خمسة وأربعين يوما، وبشرط ألا تزيد المدة الواحدة على خمسة عشر يوما.
وتضمنت المادة (148) تقليل مدة الحبس الذي تملكه المحكمة الكبرى الجنائية ليصبح مدة أو لمدد متعاقبة لا تزيد كل منها على ثلاثين يوما بعد أن كان خمسة وأربعين يوما.
وقد ثار الجدل بشأن المادة (149) من مشروع القانون بعد أن تصدت العضوتان دلال الزايد ولولوة العوضي للتعديل الذي أجري عليها، مؤكدتين أنه ينسف الغرض من مشروع القانون والمتمثل في تحقيق مصلحة المتهم بينما النص الحالي للمادة يجور عليه بل يتغول على القضاء من خلال منح النيابة العامة حق إلغاء حكم المحكمة الصغرى في حالة قضت بحبس المتهم.
وفيما استحدثت المادة (149) حكما مقتضاه منح المتهم المحبوس احتياطيا أن يتظلم في حالة رفض النيابة العامة طلب الإفراج عنه إلى المحامي العام ثم إلى المحامي العام الأول ثم إلى النائب العام، وحددت سقفاً أعلى للتظلم وهو ثلاثة أيام لدى كل منهم.
إلا أن كلا من الزايد والعوضي أكدتا أن هذا النص ينطوي على لبس قد يثير العديد من المشكلات عند التطبيق، وأصرتا على استرداد اللجنة للمادة لمزيد من الدراسة محذرتين المجلس من التسرع في إقرارها وخاصة أنها تجور على مبادئ وحقوق كفلها الدستور.
وقالت الزايد: إن الحبس الاحتياطي إجراء ينطوي على خطورة كونه يتعلق بتقييد حرية إنسان، ورغم أن البحرين حالها كحال الدول الأخرى ممن تقرر هذا الإجراء ضمن أحكام قانون الإجراءات الجنائية فإنه ينبغي أن يقابل ذلك كثير من الحذر في تقنينه على نحو يتماشى مع المساعي نحو تعزيز ثقافة حقوق الانسان وخاصة وأنها حريصة على الارتقاء بتشريعاتها فضلا عن الارتقاء بالقائمين على إنفاذ القانون.
وفيما باركت توجه السلطة التشريعية نحو تعديل قانون الإجراءات الجنائية وإقرار حقوق لمصلحة المتهم، استغربت تحديد جهات ثلاث يحق للمتهم تقديم التظلم أمامها وجميعها تنضوي تحت جهاز واحد - النيابة العامة- التي وإن كانت خصماً شريفاً للمتهم فإنه من الأفضل أن يكون التظلم أمام جهة محايدة وهي المحكمة.
وأشارت إلى توقيع البحرين على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي يقرر حق التظلم هذا للمتهم، بينما المادة 149 بنصها الحالي تتعارض مع هذا الحق.
ورفضت الزايد ما ذهبت إليه المادة من اعتبار «مرور فترة الثلاثة أيام دون البت في التظلم بمثابة رفضاً له يترتب عليه رفع التظلم تلقائياً للجهة الأعلى»، لافتة إلى أن هذا القرار يتعلق بتقييد حرية إنسان ولا يمكن اعتبار سكوت النيابة العامة عن الطلب بمثابة الرفض بل يجب أن تلزم المادة الجهة التي يقدم التظلم أمامها بالرد الواضح والصريح.
وقالت إن هذه المادة تتعارض مع سابقتها «148» التي تنص في فقرتها الأولى على أنه «إذا لم ينته التحقيق ورأت النيابة العامة مد الحبس الاحتياطي زيادة على ما هو مقرر بالمادة السابقة وجب قبل انقضاء المدة السالفة الذكر إحالة الأوراق إلى المحكمة الكبرى الجنائية منعقدة في غرفة المشورة لتصدر أمرها بعد سماع أقوال النيابة العامة والمتهم بمد الحبس مدداً متعاقبة لا تزيد كل منها على ثلاثين يوما إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك أو بالإفراج عن المتهم بكفالة أو بغير كفالة».
من جانبها، رأت العضو لولوة العوضي أن هذا المشروع جاء للتخفيف عن المتهمين وهو وإن كان متوافق مع مخرجات الحوار الوطني فإنه لم يقنن حق المتهم المحبوس احتياطيا في الاستئناف.
ووجهت العوضي انتقادا لاذعا للمادة 149 قائلة إن «قانون الإجراءات الجنائية الصادر في خمسينات القرن الماضي إبان الانتداب البريطاني أفضل من هذا النص وخاصة أنه يحقق ضمانة مهمة للمتهم تتمثل في حقه في استئناف القرار الذي يصدر من قاضي التحقيق أمام محكمة كبرى مكونة من ثلاثة مستشارين..».
وتساءلت: هل يعقل اليوم - بعد كل التطور الذي شهدته البلاد على الصعيدين التشريعي والحقوقي- أن تتراجع عن حقوق كان يحظى بها المتهمون في خمسينيات القرن الماضي؟
وتابعت بالقول: «لا يعقل أن تأتي قوانيننا الآن بعد انتهاء الانتداب البريطاني لتكون أكثر تعسفا وظلما للمتهم، والنيابة العامة وإن كانت خصما شريفا للمتهم تدافع عن الحق العام والمتهم يدافع عن حقوقه الشخصية فإنه من غير المقبول أن يطلب من المتهم أن يرفع تظلمه للجهة ذاتها التي تخاصمه».
كما انتقدت تعارض المادة مع سابقتها موضحة «هل يعقل يصدر قرار من المحكمة بالحبس الاحتياطي للمتهم ثم تأتي النيابة فتفرج عنه؟» معتبرة ذلك انتقاص لقرار المحكمة وتغول على القضاء. وبينت أن النيابة العامة ينظر إليها على أنها كتلة عضوية واحدة فكيف تم تجزئتها في مشروع القانون لثلاث جهات «المحامي العام، المحامي العام الأول، والنائب العام».
وأيد العضو خالد المسقطي هذا الموقف مؤكدا أنه لا يمكن اعتبار سكوت النيابة العامة عن طلب التظلم رفضا، بل يجب إلزامها بالرد سواء بالقبول أو الرفض فضلا عن تسبيب الرفض وأن يكون في صورة مكتوبة لأنه يتعلق بحرية إنسان.