أصبحنا غوغاء
 تاريخ النشر : الخميس ٨ مارس ٢٠١٢
بعد أن هرعنا إلى ستر العيوب ومداواة الجروح، وصدعت حناجرنا بالصراخ والهتافات الرنانة، وعانقت أيدينا كل كفٍّ شريفة، ووقفنا في صف واحد مع كل أصيل محب لهذا الوطن، بغض النظر عن لونه أوعرقه أو دينه أو مذهبه، وبعد كل تلك الجهود التي بُذلت من أجل وطننا الغالي ومن أجل العيش فيه في وئام وسلام - كما عاش آباؤنا وأجدادنا إخوة متحابين، يهنئون تحت أكناف وظلال هذه الأرض الدافئة التي آوت أجسادنا واحتضنت أرواحنا - جاء من يطعن في هذه الجهود المباركة والطيبة، ويجرّم من وهب نفسه لحماية عرض وشرف وطنه بل اتهامه بالخيانة و«الغوغاء».
وهذا ما حدث بالفعل معي ومع مجموعة من الشباب الذين تسابقوا إلى رفع لواء الوطن وبذل الغالي والنفيس من أجل إبقائه عاليا خفاقا، حيث اُتهمنا بالغوغاء والإرهاب من قبل تلك الفئة التي عاثت وأفسدت في البلاد، وحاربت قادة ونظام مملكتنا الغالية. ليس ذلك فحسب بل الأدهى من ذلك أنهم نشروا صورا لنا في صفحاتهم ومواقعهم الإلكترونية ضمن قائمة الإرهابيين والرعاع المطلوبين، ولا نعلم من أين أتوا بهذه الصور الشخصية وتلك المعلومات الباطلة، وكل ذلك من أجل التشهير وبث الروع والقلق فينا، عطفا على إرادتهم في صناعة حرب نفسية لنا عنوانها الاستفزاز وشعارها إشعال فتيل الفتن. وبحمد من الله تعالى الكريم المتعال الذي جعلني مع أولئك الشباب نزداد إرادة وقوة للحفاظ على شرف هذا الوطن وصون مبادئه، والإصرار على مؤاخاة كل من ينعم فوق تراب هذه الديار، فضلا عن دعوتنا الدؤوب إلى التسامح والتآلف مع كل أبناء هذا الوطن العزيز بعيدا عن مذاهبهم وطوائفهم.
من جانب آخر، لم تكن صورتي تلك التي انتشرت في مواقعهم أو حتى صور إخواني الشرفاء تشكل هاجسا أو مصدر قلق لنا، لأن السائر على الحق لا يخاف من أشواك الطريق ووعورته، ولا يبالي لنعيق المتخاذلين والمترددين. لكن ربما المزعج في الأمر أنك توضع في قفص الاتهام من دون ارتكاب أي جرم مسبق.
إن ما خرج عن تلك الفئة الضالة من تفاهات واستفزازات لن تزيدنا إلا ثباتا وعزّة، وسنظل دائما ندعم شرعية النظام القائم ونطالب بالإصلاح، وسنمد أيدينا لكل من يطالب بذلك وفق الأنظمة والمبادئ الأخلاقية، وذلك عن طريق التعاون والتلاحم، مع إدراك أهمية الاتزان الفكري والتوغل في كل ما يدعو إلى الحوار، وكذلك الدعوة إلى الانسجام التام ما بين السلطة والشعب، حتى نبني بحريننا ومستقبل وطننا نحو التقدم والازدهار.صالح يوسف صالح
.