الجريدة اليومية الأولى في البحرين



ابتسامات الخسائر..!

تاريخ النشر : الخميس ٨ مارس ٢٠١٢

محمد مبارك جمعة



800 مليون دولار قيمة خسائر البحرين بسبب الأحداث التي مرت بها العام الماضي. أمر محزن ومؤسف جداًّ. الاقتصاد الوطني ركيزة مهمة من ركائز النمو والتطور، وهو عامل دقيق جداًّ يتأثر بأبسط المتغيرات التي تحيط به. الوضع السياسي في البلد ما زال غير مستقر، والأمن كذلك في المناطق القروية وعلى بعض الشوارع العامة والحيوية. واستمرار هذا الوضع يؤثر من دون شك ويؤدي إلى تأخير التعافي التام من تبعات الاضطرابات.
هناك مؤسسات خرجت من البحرين، ورغم أن خروجها بحسب التصريحات الرسمية لم يكن ذا تأثير، إذ ان المؤسسات الكبيرة والقوية فضلت البقاء وكان لديها ثقة في مرور المرحلة سريعاً، فإنه ما من شك أن سمعة البحرين قد تأثرت اقتصادياًّ، ناهيكم عن التصنيف الائتماني الذي تم تخفيضه ثم ارتفع بشكل طفيف.
أثناء الأزمة، كنت أرصد بعض ردود الأفعال حيال الوضع الاقتصادي للبحرين. بعض «البحرينيين» كان يبتسم ابتسامة شماتة كلما قرأ أو سمع خبراً عن تأثر البحرين اقتصادياًّ. وإبّان الأزمة كان أحد «النشطاء» يلقي كلمة أمام جمع من المحتجين. قال لهم بالحرف الواحد بكل مفخرة، إنه كان في اجتماع مع عدد من «التجار»، وقالوا له «إن الوضع صعب، وإذا استمر على هذه الحالة مدة شهرين فسوف تهرب جميع الشركات من البحرين». بعد انتهاء ما قاله، ضج المكان بالتصفيق والتصفير..! الجمهور كان فرحاً وهو يسمع أخبار تردي اقتصاد البلاد.
الفورمولا واحد، رغم رأينا الخاص فيه وفي جدواه، يظل علامة سياحية فارقة. قبل سنتين كنت في محاضرة أسبوعية في بريطانيا. الحاضرون فيها لفيف من مختلف الجنسيات، الإنجليز والألمان والإيطاليين والصينيين والماليزيين والتايلانديين والعرب وغيرهم. تحدث أحدهم بشكل عفوي عن سباقات السيارات، وقال إن سباق الفورمولا واحد القادم سيكون في البحرين، ولكوني البحريني الوحيد في القاعة، التفت إلى الجمع وهم يبتسمون ابتسامة الإثارة. كان الموقف جميلاً رغم أنني لست من هواة سباقات الفورمولا واحد، لكنني أحسست بأنه قد حقق بوجوده منفعة دعائية للبحرين. الغريب، هنا في البحرين، أنك تدخل على «تويتر» فتجد عدداً من «البحرينيين» يراسلون العالم، ويراسلون سائقي سيارات الفورمولا واحد، ويراسلون الملاك والمسئولين عن السباق، ويكتبون لهم حديثاً يلوّث البحرين، ويطلبون منهم إلغاء السباق، ويفرحون حينما يجدون أنهم قد حققوا نتيجة ما ولو 1%..! هل يعقل هذا؟
إضمار النية السيئة للبحرين في كل شيء من قبل بعض أبناء البحرين هو أمر مخجل جداًّ. يريدون أن يقولوا للعالم إن البحرين هي أسوأ بلد في الكون، وان شعبه مظلوم مقموع مسحول ينام في الشوارع ولا يجد ما يأكله، وان الوضع في فلسطين المحتلة وراوندا وجنوب إفريقيا أيام نظام الفصل العنصري هو أفضل بكثير من البحرين. أحدهم على «تويتر» خاطب العالم قائلاً إن «النظام» يمارس «تطهيراً عرقياًّ»، ولم يكن جاهلاً بمعنى التطهير العرقي الذي حدث في بورما ولإخوتنا في البوسنة ويحدث الآن لإخوتنا في سوريا، بل إنه قالها عامداً متعمداً مع علمه بأنه ببساطة يكذب. أليس في هؤلاء رجل رشيد؟!