مقالات
سيناريو يتجدد!!
تاريخ النشر : الخميس ٨ مارس ٢٠١٢
أن تختلس بعضا من الوقت لتراجع فيه الماضي، حتما سيسهل عليك استيعاب الحاضر على اعتبار انه نتاج ذاك الزمن الذي مضى بتراكماته.
وعلى هذا المنوال تستهويني قراءة كتب التاريخ ومحاورة الكبار عن حقب زمنية وأحداث لم أعشها، لكني أجد فيها دائرة الحل لمعرفة ما هو متشابك اليوم من دوائر القرارات والأحداث التي نمر فيها.
ولعمري أجد الفرصة سانحة لأشارككم قصتين مما قرأت، واترك لكم التعليق والفهم بالربط بين ما حدث وما يحدث الآن. أملاً في رؤية الواقع واستقراء نتائجه، كما هي الرؤية بالعدسة المقعّرة.
القصة الأولى استلّها من مذكرات الصحفي الكبير عرفان نظام الدين بذكره موقف غاية في الأهمية ويحمل ألف مغزى، حيث يروي أن لقاءات كثيرة جمعته مع الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، طيب الله ثراه، وفي واحدة منها اخبره الشيخ عيسى أن مسئولا بريطانيا زاره أبان فترة أحداث التسعينيات، وهي فترة تشبه في كثير من وقائعها ما نعيشه اليوم من محاولة الانقلاب والفوضى الأمنية بوجود نفس الوجوه الذين دبروها آنذاك، وتحدث البريطاني مع الشيخ عيسى رحمه الله عن الأوضاع حتى فاجأه ذاك المسئول الزائر بملاحظة جد مهمة حين قال «عندما كنتم أصدقاءنا كنا قادرين على منع مثل هذه الأعمال لكن بما أنكم ابتعدتم عنا فلم تعد لنا القدرة على المساعدة في هذا المجال، فلماذا لا تطلبون من أصدقائكم الجدد هذه المساعدة؟!».
واكتفي بهذا الاقتباس من كتاب عرفان نظام الدين «أسرار وذكريات أربعين عاما في الإعلام والسياسة» وغايتي أن اربط بينه وبين الموقف البريطاني الذي كشف عنه المشير خليفة بن احمد آل خليفة، القائد العام لقوة الدفاع في تصريحه الصحفي المنشور بتاريخ 14 فبراير عام 2012 حول تنفيذ بريطانيا مع ست دول أخرى حظر عسكري على البحرين وحديثه مع ذاك المسئول لبحث أسباب هذا المنع، وقتها اكتفى البريطاني بقوله «هذا قرار سياسي لا علاقة لي به لكوني عسكري» فجاء رد المشير عليه حازما «خلال أسبوعين سنفرض عليكم حظرا وسنمنع تقديم أي مساعدات لأي طائرة أو سفينة أو قوات تصل إلى البحرين ما لم ترفعوا الحظر عنا... نحن لا نحتاج إلى شيء منهم ولكنها مسألة مبدأ» بعد ذلك غادر المسئول البريطاني إلى لندن وأجرى مشاورات مع رئيس وزرائه، وبعد شهر تم رفع الحظر عن البحرين.
واترك لك أيها القارئ الاستنتاج والمغزى لكلا الموقفين على اختلاف زمنيهما!!
نأتي على ذكر القصة الثانية، وهي من حقبة أحداث التسعينيات أيضا تعود في تاريخها إلى 29 مايو عام 1996 وكانت مأساة إنسانية بمعنى الوصف الأمثل لما حدث لسيدة بحرينية انفجرت بين يديها عبوة ناسفة على سطح منزل زوجها المتهم بحيازة مواد متفجرة والاعتداء الذي حدث في احد المصارف بالبحرين، وقتها انتشرت إشاعات كثيرة وحكايات لإخفاء السبب الذي أودى إلى فقدها جنينها وتعرضها لإصابات بليغة كادت أن تقضي عليها، والإخفاء كان أمرا واجبا طاعته وتنفيذه من دون الاعتراض والخروج عن الجماعة ولاسيما ان اقترن بالترهيب!!
ولأن الحق ثابت والباطل زائل تكشفت قصة هذه المسكينة وكيف أن زوجها الذي جاء خلسة وهو ملاحق امنيا وطلب منها التخلص من العبوة كي لا ينكشف أمره من دون إعطائها تفاصيل عن كيفية إبطال إشعالها!! فراحت تنفذ مستسلمة لأمره وملبيه على جهالة فانفجرت بين يديها وحدث ما حدث!!
والشاهد من القصة كم خاسر كحال هذه الزوجة بيننا اليوم موجود،من يعوضهم خسارتهم، إلى متى سيتم التلاعب بمصائرهم إن كانوا من البسطاء المغلوب على أمرهم، ولا اعني مطلقا الواعين المتعلمين المثقفين إنما البسطاء في الفكر والمعيشة. من تقودهم الأقدار والمصائر أن يكونوا غرابين على مقصلة المتعطشين لشهوة الدم، ولا اعلم كم روح فقيد وكم جريح ومصاب سيتم رثائهم حتى يصحا الضمير،
الحياة مليئة بالقصص والعبر والدروس، ولكن من يتعض؟
للتواصل مع الكاتبة عبر التويتر
missajnadjew@