سعود الفيصل
تاريخ النشر : الجمعة ٩ مارس ٢٠١٢
حامد عزة الصياد
أثبت سمو الأمير «سعود الفيصل» أنه قوة حاضرة في حياة الشعوب الخليجية.
ليس معنى ذلك ما ترجمه عمليا الأحد الماضي في اجتماع الدورة الـ 122 للمجلس الوزاري الخليجي المنعقد في الرياض، فكل ما صرح به الفيصل يستحق الدراسة في المدارس والجامعات الخليجية، لكنه والحق يقال، كانت تصريحاته عاملا دافعا لأسبوع خليجي نشط شهد حراكا سياسيا في ثلاثة ملفات رئيسية سوف يذكرها التاريخ له بامتياز:
} اتحاد خليجي متماسك.
} اجتماع الدول الخليجية العاجل مع روسيا لإزالة أوهامها الخاصة حول سوريا.
} العمل الخليجي المشترك فيما بعد رحيل الأسد.
في الأولى: قياس أهم اتجاهات الرأي العام المحلية، ووجهات نظر قوى عربية وإقليمية ودولية، لنشأة الاتحاد الخليجي، «وتطلعات شعوبه في العيش بعزة وحرية وكرامة».
معنى ما أراد أن يقوله «الفيصل» إنه مستعد أن يبذل جهدا فوق العادة لتحقيق طموحات شعوب الدول الخليجية، بأن يجمعهم اتحاد فاعل ومؤثر لتوحيد السياسات الخارجية، والأمنية، والعسكرية، والاقتصادية، والعملة الموحدة، والسوق الخليجية، تعززها الاتصالات، والمواصلات، وأنظمة موحدة للتعليم، والتدريب، وإيجاد فرص لحراك اجتماعي لا يتوقف بين الأسر والعوائل الخليجية، من دون أن يكون هذا الاتحاد «مطية للتدخل في شئون الدول الأعضاء».
في الثانية: هو لقاء «منتصف الطريق» في العاصمة المصرية «القاهرة»، لإيجاد طريقة لا يضيع معها الوقت لكف يد النظام في دمشق عن قتل الشعب السوري، من دون انتظار زيارات «كوفي عنان»، أو لجان تقصي الحقائق، أو عقد مؤتمرات هنا أو هناك، وكأن بعض ما قرأه «الفيصل» للمستقبل كان صحيحا، وربما لا يساوي الوقت الضائع أمام تخاذل المجتمع الدولي، لأنه لم يستطع وقف نظام أصبح محتلا لشعبه، صفقت له روسيا والصين طويلا، إعجابا منهما بعمليات الإعدام الجماعي، وتخريب بيوت الناس وحرقها، وهدمها، وتشريد من تبقى منهم في الداخل ودول الجوار..
في الثالثة: سعود الفيصل بطبيعته لا يعرف المناورة، وإذا قال فعل، وإذا فعل أصبحت الأمور واقعا لا تحتمل التأويل، وقد ترك أثرا عظيما في النفس عندما وضع إصبعا على الجرح، فأشار إلى «مواجهة التحديات والمتغيرات المتصارعة» في الاحتمالات التالية:
(1) ربما أعاد «الفيصل» قراءة الماضي في مذكرة «حاجي ميرزا» التي قدمها لوزير خارجية بريطانيا «لابردين» وهو يؤكد فيها أن «حكومات فارس المتعاقبة تنظر إلى ملكيتها الخاصة لدول الخليج من شط العرب وحتى بحر عمان».
(2) يدرك «سعود الفيصل» احتلال إيران لبلاد الأحواز عام 1925، وكان على اطلاع واسع بسياستها العدوانية تجاه العرب ولاسيما عندما وقفت إيران تمد إسرائيل بالنفط لتحريك الدبابات والطائرات في حروبها الثلاثة مع مصر 1956، 1967، 1973، وكان والده «الملك فيصل» عليه رحمة الله، المصدر الرئيسي في قطع إمدادات النفط عن الغرب وأمريكا في حرب مصر الأخيرة.
(3) كان «الفيصل» قريبا من احتلال إيران للجزر الإماراتية، وعاصر تبجحها في مياه شط العرب، وبدد هلاوسها بـ «درع الجزيرة» فيمن يثير القلاقل في البحرين، ومن ثم فإن الاتحاد الخليجي بعد رحيل الأسد، ليس تحديا للدول الخليجية فقط، بل هو ضرورة حتمية يسعى إليها «الفيصل» ونظراؤه في الدول الخليجية، للحد من الأطماع الإيرانية عن التطفل في بلاد العرب.