من ذاكرة السينما.. بيت القاصرات.. ( 1 )
تاريخ النشر : الجمعة ٩ مارس ٢٠١٢
حسن الحداد
يشترك الفيلمان (آخر الرجال المحترمين)، و(بيت القاصرات)، وهما إنتاج عام 1984، في خصوصية هامة واحدة، وهي المعالجة الدرامية السينمائية للنقد الاجتماعي الجريء لبعض القوانين الحكومية الروتينية الجامدة. وقد تحدثنا في مقال سابق عن الفيلم الأول، وذكرنا بأن الفيلمين قد تناصفا الجائزة الأولى لمهرجان الإسكندرية السينمائي في ذلك العام.
أما فيلم (بيت القاصرات)، فقد كان بالفعل مفاجأة سارة للوسط الفني وللمتفرج على حد سواء. فقد توقعنا من خلال عنوان الفيلم بأننا سنشاهد فيلماً مشابهاً لعشرات الأفلام التي تدور حول الإصلاحيات وما يدور فيها.، وهو موضوع سبق للسينما المصرية أن عالجته مراراً وبأشكال تقليدية تغلب عليها الميلودراما الفجة مع نهاية سعيدة فيها الموعظة والإرشاد والتوجيه المباشر. إلا أن فيلم (بيت القاصرات) يخيب توقعاتنا، وينحرف بالموضوع انحرافا إيجابياً خطيراً، ليصبح وثيقة اتهام مدهشة عوضاً عن أن يكون درساً أخلاقياً ميلودرامياً.
فنعيمة (سماح أنور) بنت فقيرة تبيع الفول السوداني في محطة الباصات وتربطها علاقة بريئة بسائق التاكسي الشاب أمين (محمود عبد العزيز). ولكن شبان المحطة يطمعون بنعيمة ويحاولون الاعتداء عليها، فيقبض عليهم جميعاً من قبل شرطة الآداب، وتتهم نعيمة بالخطأ ـ طبعاً ـ وهي قاصر في حادث دعارة، توضع على إثره دار رعاية الفتيات (بيت القاصرات ـ الإصلاحية).
هنا تبدأ محاولات حبيبها أمين، والذي ينوي الزواج منها، في إخراجها من الإصلاحية، ولكنه يصطدم دائماً بالروتين الحكومي الجامد، وليكشف أيضاً ذلك التنافر فيما بين الإجراءات القانونية والأشخاص الذين يريدون تنفيذه حرفياً باسم القانون. ولعل الحوار الذي دار بين مديرة الإصلاحية (محسنة توفيق) والمشرف الاجتماعي (أحمد راتب) بعد مشهد الانفجار النفسي لنعيمة، لأقوى تعبير عن الرفض الصارخ الذي يؤكده كاتب السيناريو (أحمد عبد الوهاب) لجمود هذه القوانين والسلبية التي يتحلى بها من يقوم بتنفيذها بحذافيرها.