قضايا و آراء
خميس الخنجر ونوري المالكي.. وحكايات من غرائب مايحدث في العراق
تاريخ النشر : الجمعة ٩ مارس ٢٠١٢
في لعبة صغار مفضوحة تضاف إلى أكاذيبه التي لا تعد ولا تحصى، وزع موقع (دولة القانون) الذي يشرف عليه الايراني ابن الايراني علي موسوي المستشار الملائي لرئيس الحكومة نوري المالكي، خبرا عن الشيخ خميس الخنجر الشخصية الوطنية العروبية، فيه اختلاق مكشوف ومعلومات من نسج خيال المعتوهين، غرضها الاساءة إلى الخنجر الذي يبدو انه يمثل بالفعل خنجرا في خاصرة المالكي الرخوة دائما وأبدا.
ولسنا هنا بصدد الدفاع عن الخنجر الذي تدافع عنه وقفات الخير ومواقف العز وما أكثرها، تذود عنه في مواجهة النصابين واللطامين الذين لا يعيشون الا على السحت الحرام واختلاس المال العام، ويظنون وكل ظنونهم آثام ان الآخرين مثلهم أو على شاكلتهم من دون ان ينتبهوا لغبائهم ان المروءات مازالت تخيم في دنيا العراق، وان خدام الوطن كُثر وأكبر من خدام طهران وواشنطن الذين تكسرت عظام ظهورهم من الانبطاح لاسيادهم الامريكان والانحناء لوليهم الذي يسمونه ـ يا للمهزلة ـ الفقيه تارة وآية الآيات تارة اخرى. ولكن يكفي خميس الخنجر فخرا، أنه رجل عصامي بنى نفسه بنفسه ووسع مشاريعه بتعب يديه وعرق جبينه وتشغيل عقله، لم يسرق مال الناس ولم يختلس من خزانة الدولة العراقية التي كان واحدا من جنودها المجهولين وهو يضرب في جدار الحصار الجائر ويفتح ثغرات فيه ليوصل الغذاء والدواء إلى أهله وبلده، بينما كان نوري المالكي وجلاوزته يتآمرون على العراق ويرسلون إليه المتسللين وأصحاب العاهات لتخريب مدنه ومنشآته وقتل أطفاله وشيوخه واغتيال رجاله وشبابه، ومن الظلم ان يقارن هذا الرجل المعروف بحسبه ونسبه وعشيرته بالمقطوعين عن العراق الذين يسمون شعبيا (المكطمين) ونوري المالكي واحد منهم، فهو يحمل في كل سنة اسما وفي كل موسم لقبا، واللعنة على بوش الابن والاب والجد إلى سابع ظهر، لانه سلط على العراق، اللصوص والمنحرفين يسرقون قوت الشعب في وضح النهار ويعذبون ابناءه صباح مساء ويقذفون المخلصين والابرياء والآمنين بجمرات أحقادهم البغيضة التي سوّدت وجوههم في الدنيا قبل الآخرة.
لقد أثبت جواد المالكي سابقا ونوري المالكي حاليا ولا نعرف ماذا سيكون اسمه لاحقا، انه كائن شبحي يظهر في ظلمة الليل دائما، وهذا سلوك الخوافين الذين يفتقرون إلى شجاعة الرأي والموقف والتصرف، وهو جزء أساس من طبيعة الافاقين الذين يهربون إلى الدس والكيد للغير ولا يهمهم من يكون هذا الغير، رفيقا في الحزب او قريبا في العمل او البيئة، وحكايات المالكي مع حلفائه وشركائه ـ على حد سواء ـ فاقت التصورات في خستها وكثير منها بات متداولا ومعروفا في الاوساط السياسية والنيابية حتى الشعبية تستحق ان تُجمع في كتاب يكون في متناول العراقيين بلا استثناء، ليطلعوا على حقيقة من صار في غفلة من هذا الزمن الرديء رئيسا للوزراء وقائدا عاما للقوات المسلحة وهو لا يحمل غير الدونية في سلوكه الذي لا يُقدم عليه عادة الا القلة.
نوري المالكي منافق من الطراز الاول مع الاعتذار لابراهيم الجعفري (طنطل) حزب الدعوة السابق، الذي كان أول من استخدم هذه المفردة (الحميدة) وأطلقها عليه عندما دحرجه من قمة الحزب إلى أسفله في مشهد مازال الاشيقر يئن من وطأته وينزف دما أزرق من خشمه كل ما تذكره، وهو ايضا خوان مع اصحاب الفضل عليه ومازال عراب البيت الشيعي أحمد الجلبي حفيد عبدالحسين ابوكشيدة يضرب جبهته ندما وحسرة عندما يستعيد صورة المالكي وهو يقف على (بيبان) نادي الصيد بعد شهرين من الاحتلال ينشد مقابلته والتبرك برؤيته ليعيّنه مديرا عاما في هيئة الاجتثاث السيئة الاسم والصيت والسمعة براتب ظل يتباهى به غير مصدق ويدور على معارفه يبلغهم النبأ السعيد وهو يقود السيارة التي سرقها من مرآب وزارة الاوقاف، وبواسطة هذه السيارة اقترف المالكي أول جريمة قتل علنية عقب الاحتلال عندما اختطف اللواء المتقاعد عدنان نبات من منزله في حي السيدية ببغداد ونقله إلى طويريج وأعدمه هناك وعلقه على عمود كهرباء. الجدير ذكره ان المرحوم عدنان نبات كان قد شغل ايام شبابه وهو برتبة نقيب وظيفة ضابط أمن قضاء طويريج (الهندية) منتصف السبعينيات عندما كان المالكي يعمل في مديرية تربية الحلة ويسكن في طويريج، والنبيه من رباط الحكاية يفهم. علما ان اضبارة المالكي في مديرية تربية الحلة خالية من أي ملاحقة أمنية او سياسية او اعتقال او توقيف طوال العهد السابق حتى ان بعض رفاقه القدامى في حزب الدعوة مازالوا يتندرون عليه بالقول: انه (صاغ سليم) على أساس انه لم يخضع إلى مساءلة ولم يستدع إلى مركز شرطة أو أمن طوال وجوده في العراق، بل انه ظل شهورا عدة في إيران التي هرب اليها مطلع الثمانينيات لا يستطيع التعرف إلى واحد (دعوي) من أعضاء حزب الدعوة وما أكثرهم يومذاك يتسكعون في طهران وقم ومعسكر الصدر في الاحواز لتزكيته ومنحه شهادة براءة من التعامل مع الاجهزة الامنية البعثية التي كانت تخترق حزب الدعوة بالطول والعرض.
لقد ثبت بالملموس ان المالكي مصاب بعقدة دفين إزاء البارزين واللامعين سياسيا واجتماعيا ويحمل في اعماقه كراهية لا حدود لها ضد الشخصيات والقيادات السنية العربية المناهضة له، وهو في احدى المناسبات تلعثم في كلامه وذكر اسم الشيخ حارث الضاري في معرض حديثه عن موت النائب حارث العبيدي ولم ينتبه إلى غلطته الا بعد ان صاح عليه أحد مرافقيه ليعود ويقول بنبرة فظة وبحرقة شديدة: يا ريت يموت حارث الضاري، وهو بالتأكيد يحقد على الشيخ خميس الخنجر لأن الاخير شخصية سنية عربية بارزة وقيادي في القائمة العراقية توسل به المالكي ومازال عبر أكثر من وسيط ومبعوث للقائه والاجتماع معه، غير ان الاخير اعتذر، لانه كما يبدو لا يريد تلويث اسمه مقترنا مع اسم نوري المالكي، ولكن الاخير يعد ذلك انتقاصا من مكانته وتقليلا من شأنه، لذلك يعمد إلى المكر والتلفيق عليه وضد كل من لا يوافقه في رأيه ورؤيته، ولا يتفق معه في مواقفه وتصرفاته، وعلماء الاجتماع يصفون مثل هذا السلوك بأنه مرض ناتج عن خلفية متخلفة وتربية ملتبسة وثقافة متدنية، ويستخدم العراقيون مثلا شعبيا متداولا في وصف مثل هؤلاء يقول: (شاف ما شاف، شاف... الخ).
وفي شهادة معلنة سجلها النائب الحالي حسن العلوي وهو كاتب وباحث شيعي معروف في كتابه (شيعة السلطة وشيعة العراق) عن معارك المالكي في سنوات إقامته في دمشق ممثلا عن حزب الدعوة وصراعه المحتدم مع باقر صولاغي القيادي في مجلس آل الحكيم وممثله في سوريا فيقول في الصفحات من 196 إلى 199: في كثير من الاحيان كان جواد المالكي ـ هكذا كان اسمه ـ يلتزم بالخطوط التي كان يضعها له مسؤول في القيادة القومية لحزب البعث، فاستفاد المالكي من هذا الامتياز وذهب إلى حدود كانت تضر بالمجلس الشيعي الأعلى حيث كان المالكي يعادي ذلك المجلس بشكل يفوق عداءه لنظام بغداد، وكان لا يتردد عن تقديم صورة قاتمة عنه إلى القيادي البعثي السوري، فيعمد الاخير إلى تعطيل صحيفة المجلس (نداء الرافدين) ومنع توزيعها فيضطر رئيس تحريرها صولاغي إلى الاستعانة بالعلوي لتقديم التماس إلى الرئيس حافظ الاسد أو وزير الاعلام وقتئذ محمد سلمان لالغاء قرار التعطيل واعادة صدورها، ويضيف العلوي في شهادته ان موقفه هذا قد أغاظ المالكي الذي سارع إلى مسؤوله القيادي البعثي لتحريضه ليس على الصحيفة المذكورة فقط، بل على العلوي نفسه، حتى وصل الامر إلى محاولة اغتيال نجل العلوي (عمر) بالسكاكين كادت تودي بحياته، وكان الفاعلون من المحيط الذي يدور فيه وحوله جواد المالكي.
ويتحدث العلوي في مكان آخر من كتابه عن سائق سيارة يدعى ابومجاهد الركابي كان يعاون المالكي في توزيع نشرة محدودة تصدر شهريا، من دون ان يشير إلى المكانة التي احتلها والوظيفة العالية التي حصل عليها هذا السائق ـ مع الاحترام للمهن الشريفة ـ في عهد نوري المالكي، فقد عينه الأخير واسمه الحقيقي كاطع أرميض وينسب نفسه إلى عشيرة بني رجاب او ركاب بمنصب مدير عام المراسم والتشريفات في ديوان مجلس الوزراء، ومن الحكايات الطريفة التي تروى عن ابن ارميض هذا، انه لحد الآن ورغم مرور ست سنوات وهو في وظيفته المرموقة لا يحسن شد ربطة العنق ويضطر إلى الاستعانة بزملائه ومرؤوسيه في تنفيذ هذه ـ المهمة الشاقة ـ على حد قوله.
وقد بات معروفا ان الاجهزة الامنية والحزبية السورية كانت قد منحت المالكي خلال اقامته في الشام بطاقة تعريف على اساس انه (بعثي) كان يستخدمها في زيارات مكوكية بين دمشق وبيروت عبر الخط العسكري الخاص، وشخصيا سألت وزير الإعلام السوري السابق الدكتور محسن بلال خلال لقائي به في الاول من آيار (مايو) 2008 عن هذا الامر، فأطلق ضحكة لها معنى وقال بنبرة استغرابية (هو المالكي وحده!) مضيفا اننا تصرفنا مع المالكي وغيره من اللاجئين الشيعة والاكراد كدولة آوتهم واحتضنتهم وقدمت لهم الخدمات والتسهيلات ولكنهم انقلبوا عليها وتنكروا لافضالها وتناسوا تسهيلاتها عندما صاروا رؤساء ووزراء ومسؤولين! وسألني هو هذه المرة هل يعقل هذا ؟ فأجبته قائلا: يعقل ونص.. لانكم قد اخترتم دعاة الطائفية المقيتة والمعادين للعروبة والعرب مع انكم تقولون ان نظامكم علماني يقوده حزب قومي، فأطرق الوزير في صمت وأسى.
والحديث عن سجل المالكي سابقا وحاضرا طويل، وأبرز ما فيه تلك العدوانية التي تسري في عروقه كالسرطان ضد كل الخيرين والطيبين من العرب والعراقيين، هو رئيس حكومة منذ سبع سنوات وتحت تصرفه مليارات الدولارات نسأله: هل بنى جامعة او شيد مستشفى او افتتح مشروعا اقتصاديا او زراعيا او اقام مصنعا واحدا أو التزم مبدعا عراقيا وأرسله للدراسة في الخارج طوال هذه السنوات؟ بينما خميس الخنجر وبجهود ذاتية وهو مواطن من عامة الشعب انشأ مؤسسة تربوية وعلمية بلغ عدد الدارسين من مختلف الشرائح والفئات والطوائف العراقية على نفقتها حتى مارس الحالي 421 طالبا يتوزعون على الجامعات المصرية والتركية والهندية والماليزية والاوكرانية والبريطانية.
ويا سيد شباب أهل الفلوجة الفواحة بعطر الشهداء لا تحزن، وانت تتلقى حجارة ملغومة بالافك والافتراء من خريجي سراديب العتمة السوداء.
وهل يستوي الجبل المتوج بالبياض مع الوحل ؟
* كاتب وسياسي عراقي