الجريدة اليومية الأولى في البحرين


أخبار دولية


مخاوف من انقسام ليبيا بعد محاولة إقامة حكم ذاتي في شرقها

تاريخ النشر : الجمعة ٩ مارس ٢٠١٢



بنغازي - (الوكالات) : قال محللون إن إعلان شرق ليبيا إقليما فدراليا يتمتع بحكم ذاتي يمكن ان يفتح الطريق أمام تقسيم هذا البلد، محذرين من تطبيق نظام فيدرالي بشكل متسرع. ورأى المحللون ان «المشكلة ليست مع الفيدرالية التي تم اقتراحها بل تكمن في إعلانها في مدينة بنغازي من جانب واحد عبر حركة سياسية تسعى لإقامة منطقة حكم ذاتي» في هذا الإقليم الغني بالنفط.
وكان عدد من زعماء القبائل والسياسيين الليبيين أعلنوا يوم الثلاثاء الماضي في مدينة بنغازي، برقة «إقليما فدراليا» يستمد شرعيته من دستور عام 1951 الذي وضع إبان حكم ملك ليبيا الراحل إدريس السنوسي.
وأوضحت هذه المجموعة ان مدن الإقليم ومناطقه ستخضع للحكم الذاتي، لكنها اكدت ان المجلس الوطني الانتقالي الليبي هو الممثل الشرعي الوحيد في ليبيا في الأمور السيادية والشؤون الخارجية.
وقال الأستاذ الجامعي الصديق بودوارة لوكالة فرانس برس «قد يتفق الكثير على أن الفيدرالية هي أنسب شكل للحكم في ليبيا وأن ذلك ليس بالضرورة أن يمهد الطريق لتقسيم البلد». واضاف «لكن المسألة أصبحت مختلفة تماما عندما تم اتخاذ هذا القرار (الفيدرالية) من جانب واحد في هذه المنطقة من دون أن يتم التشاور مع سكانها أو سكان الأقاليم الأخرى لليبيا، وهذا قد يتسبب في تقسيم البلاد».
وكانت ليبيا اتحادا فيدراليا من عام 1951 إلى عام 1963 خلال حكم الملك إدريس السنوسي، وكانت مقسمة إلى ثلاثة أقاليم هي برقة وطرابلس، وفزان. ويقول انصار العودة إلى الفيدرالية إنها ستمنع تهميش الشرق الليبي كما كان الحال منذ عقود وخاصة في فترة حكم الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، بينما يخشى المعارضون أن يشعل الصراع على السلطة قبل الانتخابات القادمة فتيل تقسيم البلاد فعليا.
وقال المحلل السياسي الليبي المقيم في بنغازي محمد بن حريز لفرانس برس ان الفيدرالية ستزيد من التوتر في ليبيا التي تسعى جاهدة لتحقيق المصالحة الوطنية بعد حرب العام الماضي، بدلا من تخفيفه. وأضاف أن «المدافعين عن الفيدرالية بالقول إنها صمام أمان للوحدة الوطنية مخطئون لأن الفيدرالية والوحدة تكون بين الفصائل المتناقضة التي لا يمكن أن تتعايش، على عكس الأمر في ليبيا».
وحذر من ان «توزيع الثروة النفطية قد يولد الصراع بين أقاليم ليبيا وخاصة أن معظم النفط موجود في إقليم برقة بينما يفتقر إقليما فزان وطرابلس إليه». وذكر «الأحياء الفقيرة في العاصمة وفي الجنوب الليبي التي تعاني من التهميش أيضا». وشبه الوضع الذي ستؤول إليه ليبيا إذا اعتمد هذا الخيار «بفيدرالية العراق التي لم تتحقق».
من جهته، رأى جمال بن دردف عضو في الحملة الوطنية لزيادة الوعي السياسي في ليبيا، ان الاعلام هو رد فعل على المشاكل الناجمة عن «المركزية الحادة» في فترة حكم القذافي عندما كان انجاز كل الأعمال الرسمية اليومية للمواطن في العاصمة. وقال إن هذا الأمر مكلف للمواطنين وخاصة البسطاء منهم.
لكنه رأى في الوقت نفسه ان «تقسيم ليبيا إلى ثلاث دول منفصلة يضمها اتحاد فيدرالي كما كان الحال في عهد النظام الملكي، قد لا يقدم أفضل صيغة لان الظروف الحالية تختلف تماما عن تلك الأيام». وأضاف أن «ليبيا بلد شاسع والمواصلات والاتصالات لم تكن سهلة بينها» في الماضي ما يجعل الحكم الذاتي للأقاليم ضرورة. وأضاف «اليوم الاتصالات والمواصلات وشبكات الطرق سهلت الأمر».
أما المحلل السياسي عبد السلام الرقيعي فرأى انه من الطبيعي لهذا البلد مناقشة ما هو نظام الحكم الذي يريده المواطنون، لكن اي قرارات او اجراءات لا بد ان تنتظر حتى انتخاب جمعية تأسيسية في يونيو المقبل.
وقال إن «دعاة الفيدرالية من خلال (تكتل أو حزب) لهم الحق ديموقراطيا في ان يعبروا عن أفكارهم ويبينوا نوع الحكم الذي يريدونه»، لكن «إذا كان المقصود هو انفصال هذه المنطقة (برقة) وإنشاء دولة مستقلة بها فهذه الخطوة لن تتحصل على الشرعية». وأضاف «لا احد سيوافق على هذا الأمر».
ورفض كبار المسؤولين في طرابلس بمن فيهم رئيس المجلس الوطني الانتقالي المؤقت مصطفى عبد الجليل ورئيس الحكومة الانتقالية المؤقتة عبدالرحيم الكيب، رفضا قاطعا لمشروع الفيدرالية باعتبارها ردة إلى الماضي. وبدلا من ذلك، قرروا العمل على تعزيز برامج اللامركزية الذي من شأنه أن يعطي أكثر من خمسين مجلسا محليا سلطات كبيرة في صنع القرار وتحديد الميزانيات التقديرية.
وقال عبد الجليل يوم الثلاثاء إنه فوجئ بإعلان بنغازي، ومذكرا بان الليبيين من الشرق إلى الغرب قاتلوا معا للإطاحة بديكتاتورية معمر القذافي في عام .2011 واتهم عبد الجليل بعض الدول العربية التي لم يكشف عن اسمها بدعم وتمويل «الفتنة» في شرق ليبيا للحيلولة من دون نجاح الثورة ومنع ما يسمى بثورات الربيع العربي من الوصول إلى عتبات بيوتهم.
وهدد عبدالجليل باستخدام القوة للحفاظ على وحدة البلاد، داعيا «إخواني في شرق البلاد ألا ينخدعوا لدعوات المتسللين» وبقايا نظام القذافي. وعارض حزب سياسي خاضع لسيطرة جماعة الاخوان المسلمين في ليبيا فكرة الفيدرالية. وقال حزب العدالة الذي انشأه مستقلون وإسلاميون مؤخرا في بيان «نؤكد من جديد رفضنا للفيدرالية، مثل كل الليبيين».
وأضاف الحزب الذي يقود عضو في الاخوان المسلمين ان «الفيدرالية نموذج حكم لا يتماشى مع ليبيا سواء على المدى القصير أو الطويل على حد سواء». أما أحمد الزبير السنوسي الذي عين رئيسا للمجلس الانتقالي الأعلى لإقليم برقة، فقد قلل من شأن المخاوف من ان يؤدي نموذج الفيدرالية إلى تقسيم البلاد.
وقال لفرانس برس «هذه ليست الفتنة». وأضاف أن الفيدرالية أدت إلى ازدهار دولة الإمارات العربية المتحدة وهي «الشكل الأكثر ملاءمة للحكم في ليبيا». والسنوسي هو احد أقارب الملك الراحل الذي أطاح به القذافي في انقلاب عام 1969، وكان أقدم سجين سياسي في ظل نظام القذافي. وهو أيضا عضو في المجلس الوطني الانتقالي الحاكم في ليبيا.