الجريدة اليومية الأولى في البحرين


أخبار البحرين


الشيخ علي مطر: المسلم الموحّد ليس بالسبّاب ولا اللعّان

تاريخ النشر : السبت ١٠ مارس ٢٠١٢



قال الشيخ علي مطر في خطبة الجمعة بمسجد أبي بكر الصديق:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَحَبلا النَّاسِ إلى اللَّهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبلا الأَعْمَالِ إلى اللَّهِ تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ..».
وقفنا على هذا الحديث في الجمعة الماضية في موضوع فضل الأعمال التي يتعدى نفعها للآخرين.
فإسعاد الناس وإفراحهم وإدخال السرور إلى قلوبهم بكل طريقة مباحة مطلب شرعي وديني وإنساني، وهو الأصل الذي ينبغي أن يكون عليه المسلم، وهذه هي أخلاق المسلمين، وهو السلوك المتوقع منهم عند التعامل مع الناس والاحتكاك بهم، فالدين المعفعن أم المؤمنين أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أنها قَالَت: «مَا خَرَجَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم مِنْ بيتي قَطلا إِلاَّ رَفَعَ طَرْفَهُ إلى السَّمَاءِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إني أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ أَوْ أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَىَّ».
هكذا يعلمنا نبينا صلى الله عليه وآله وسلم عند الخروج من البيت أن نتعوذ بالله تعالى من أن نظلم أحدا أو نجهل على أحد، لأن ذلك إساءة ويسبب الضيق والحزن للطرف الآخر.
وها هو أبوبكر الصديق رضي الله عنه يقول للنبي صلى الله عليه وآله وسلم يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي مَا أَقُولُ إِذَا أَصْبَحْتُ وَإِذَا أَمْسَيْتُ، فَقَالَ: «يَا أَبَابكر قُلِ: اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ،أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ، وَأَنْ أَقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءًا أَوْ أَجُرلاهُ إلى مُسْلِمٍ». فأرشده صلى الله عليه وآله وسلم أن يتعوذ بالله عز وجل من شر نفسه لأن النفس أمارة بالسوء، وأن يتعوذ من أن يجر أي نوع من الإساءة والشر إلى أحد من المسلمين.
وورد في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سئل أيلا الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ قال: «مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ».
ويناقض ذلك ما يفعله البعض من تعمد مضايقة الآخرين والإساءة إليهم، وإحزانهم بالقول أو الفعل، وبالكتابة والرسائل التي تنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، مثل النميمة ونقل الكلام، والطعن في الأعراض والقذف والسب والازدراء، وبالكذب والهمز واللمز والاستهزاء وبذيء الكلام، وبالضرب والتعدي على الممتلكات والخصوصيات، بإيذاء الناس في طرقهم، ومضايقتهم بالسيارة، ومضايقة الموظفين والمرؤوسين والمراجعين وأصحاب المعاملات،... والأمثلة كثيرة، فهناك نوعيات من الناس وللأسف يتلذذون بإيذاء الناس ومضايقتهم، بل يصل الأمر من البعض أن يضايق أقرباءه من أب وأمّ وزوجة وأولاد وأرحام، ولا شك أن ذلك أشد جرما وقبحا.
قال الله تعالى: «وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَافالمسلم الموحد ليس بالسباب ولا اللعان ولا الفاحش البذيء كما بين ذلك نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، وليكن حظ أخيك منك إن لم تستطع أن تنفعه أو تسره وتفرحه، ألا تسيء إليه وتحزنه وتضايقه.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا فَلَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خِشَاشِ الأَرْضِ».
فهذه امرأة أساءت إلى حيوان فعوقبت بالنار فكيف بمن يسيء إلى البشر والمسلمين.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ». أي شروره وأذاه. وورد أن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم صعد الْمِنْبَرَ ذات يوم فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إلى قَلْبِهِ لاَ تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ وَلاَ تُعَيِّرُوهُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ في جَوْف رحله».