الجريدة اليومية الأولى في البحرين


المال و الاقتصاد


قراءة في تفاصيل تطورات
الأزمة المالية العالمية

تاريخ النشر : الأحد ١١ مارس ٢٠١٢



بلغت المخاوف من احتمال انزلاق الاقتصاد العالمي إلى السيناريو المخيف - ركود عميق أو كساد - أعلى مستوياتها في شهر نوفمبر وبدايات ديسمبر 2011، وبدأ الانحسار قليلا، في شهري يناير وفبراير 2012.
وجاء الانحسار من الشعور بجدية مواجهة أوروبا الوحدة النقدية لمشكلاتها، وآخرها تمرير دفعة الدعم الثانية لليونان، وكانت القسوة البالغة، في التعامل مع أزمة اليونان، رسالة واضحة فهمها ثالث ورابع -إيطاليا وإسبانيا- اقتصادات منطقة اليورو، وقاما بما يفترض أن يقوما به من إجراءات تقشف وإصلاحات جوهرية، بعضها سياسي.
وعلى الضفة الأخرى من المحيط، بدأ الاقتصاد الأمريكي يعطي بعض المؤشرات الإيجابية، وأهمها على الإطلاق كان هبوط معدل البطالة إلى مستوى 8.3% بعد أن كان قد بلغ حدود الـ 10% في وقت ما بعد خريف عام 2008.
وكان صندوق النقد الدولي قد خفض توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي في عام 2012 من 4% في تقرير سبتمبر 2011، إلى 3.3% في تقرير يناير 2012، وخفض توقعاته لنمو منطقة اليورو، للعام الجاري، من موجب 1.1% في تقرير سبتمبر 2011 إلى سالب -,.5% في تقرير يناير 2012.
وجاء الأثر السالب، معظمه، من خفض توقعاته لكل من الاقتصاد الإيطالي المتوقع له نمواً سالباً بنحو -2.2%، والأسباني بنمو سالب بنحو - 1.7%، وفي إسبانيا بلغ معدل البطالة نحو 23%، بينما حافظ الاقتصاد الأمريكي على نموه الموجب عند 1.8% في تقرير سبتمبر 2011 وتقرير يناير 2012.
وذلك يعني أنه غير مهدد بدخول حقبة ركود، وهو مؤشر مهم من الناحية النفسية، حتى إن كان مستوى النمو غير واعد بإيجاد ما يكفي من فرص عمل جديدة.
وخفـّض تقرير يناير 2012 للصندوق أيضاً، توقعاته لنمو الاقتصادات الناشئة والنامية بنحو 0.7% ما بين التقريرين، وخفضه للصين، ثاني أكبر اقتصادات العالم بنحو 0.8%، ولكنه أبقاه فوق المستوى الحرج بالنسبة إليها، إذ كان بحدود 8.2%، أي أعلى، قليلاً، من المستوى الحرج البالغ 8%.
أما بالنسبة إلى اقتصادات منطقة الشرق الأوسط، فقد أبقى التقرير توقعاته لنمو اقتصاد المنطقة ثابتاً، ما بين التقريرين وبحدود 3.2%، ولعل التفسير يكمن في تعادل تأثير المؤشرات السلبية والإيجابية، فبينما تتأثر بعض اقتصاداته، ضمن المنطقة، سلباً، بحالة الاقتصاد العالمي وأحداث الربيع العربي، تؤثر الأخرى إيجاباً، بفضل تماسك أسعار النفط فوق حاجز الـ 100 دولار أمريكي للبرميل.
وأهم الدروس التي يمكن الإفادة منها يأتي من التجربة الأوروبية، فما يبدو، حالياً، من قسوة مفرطة تجاه اليونان، هي رسالة حضارية من دول الشمال الملتزمة إلى دول الجنوب المفرطة في رخاوة الالتزام.
فعندما أصبحت دول الجنوب عضواً في منطقة اليورو، انخفضت كُلفة اقتراضها باليورو كثيراً، وبدلاً من استخدام حصيلة الاقتراض في البناء أفرطت في الاستهلاك، وكذبت في مؤشرات الالتزام، مثل سقف الالتزام بنسبة القروض السيادية إلى الناتج المحلي الإجمالي، أو نسبة العجز في موازناتها المالية.
وما تقوم به حالياً، من خفض رواتب القطاع العام وتسريح بعضها وبيع أصوله ورفع سن التقاعد وخفض النفقات الضرورية بما تسببه من ارتفاع معدلات البطالة والاستجداء، كلها كانت محرمات وأصبحت ممارسة يومية في دول الأزمة التي فقدت خياراتها كلها.