الجريدة اليومية الأولى في البحرين



المخطط واضح جدا

تاريخ النشر : الأحد ١١ مارس ٢٠١٢

صلاح عبيد



في يوم الأحد الماضي «أعلن زعيم ثوار (مصراتة) الذين يحتجزون صحفيَّين بريطانيَّين يعملان لحساب شبكة تلفزيون إيرانية ضبط أجهزة تجسس إسرائيلية بحوزة الصحفيين، مشيرا إلى أنهما يخضعان للتحقيق بسبب دخولهما البلاد خلسة والاشتباه في قيامهما بأنشطة تجسس. وأوضح أن الصحفيين ضبطا وهما يصوران منطقة حساسة في العاصمة الليبية خلال الليل قبل أسبوعين. وأظهر لوسائل الإعلام كيسا بلاستيكيا رمادي اللون يحتوي على زي ميداني يحمل عبارة (صنع في إسرائيل) قال إنه عثر عليه مع الصحفيين. وقال إن هذا الزي يستخدمه الجيش الإسرائيلي. وأضاف أنه كان بحوزة الاثنين وثائق ليبية تتضمن أسماء أعضاء ميليشيا في طرابلس قتلوا في اشتباك مع جماعة منافسة أواخر العام الماضي، وقوائم بأسماء مرتزقة أفارقة من دول جنوب الصحراء كانوا يقاتلون إلى جانب قوات الزعيم المخلوع معمر القذافي». في اليوم التالي من نشر هذا الخبر - أي يوم الاثنين الماضي - جرى تنظيم اجتماع في (برقة) بالقرب من مدينة بنغازي الليبية أعلن خلاله «زعماء القبائل وقادة المليشيات شرق ليبيا الغني بالنفط منطقة تتمتع بحكم شبه ذاتي، وقالوا إن منطقة (برقة) أهملت طوال عقود وستكون من الآن فصاعدا دولة في بلد اتحادي. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مشاركين في الاجتماع قولهم إنه تم اختيار الشيخ (أحمد الزبير الشريف السنوسي) رئيسا لمجلسه الأعلى. وتعد (برقة) أول منطقة تعلن نفسها إقليما فيدراليا اتحاديا يتمتع بحكم ذاتي منذ الإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي. ويقول مؤيدون للحكم الذاتي إن حكومة الإقليم ستتولى إدارة شئون الإسكان والتعليم، بينما تتولى الحكومة المركزية الإشراف على شئون الأمن والدفاع».
ثم في اليوم التالي من نشر خبر هذا الاجتماع - أي يوم الثلاثاء الماضي- أعلن رئيس المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا معارضته هذه الخطوة خوفا من تفتت البلاد، مؤكدا أن المجلس لن يسمح بها حتى لو تطلب الأمر استخدام القوة المسلحة لمنعها. أي الدخول في حرب داخلية مع القبائل الليبية والمليشيات المسلحة.
لا أعتقد أحدا يقرأ هذه الأخبار الثلاثة مجتمعة يمكن أن يشك ولو للحظة واحدة في أن (الربيع العربي) المزعوم ليس سوى مطية يستغلها الغرب لتقسيم وتفتيت دولنا العربية وإدخالها في حروب داخلية طائفية تحيل المنطقة العربية برمتها إلى خراب ينعق فيه البوم، إذ إن هذا السيناريو الذي تجري أحداثه في ليبيا هو نفسه تقريبا الذي سيتكرر في سوريا بمجرد مقتل أو هروب بشار الأسد وأفراد نظامه حيث ستسقط سوريا عن بكرة أبيها في أتون حرب داخلية طائفية مدمرة تنتهي بتقسيم ما تبقى من سوريا أرضا وشعبا إلى كانتونات متنافرة متناحرة، وهو السيناريو نفسه الذي يجري الدفع إليه بقوة في مصر باستفزاز الجيش لإيقاعه في تصادمات دامية مع ثوار حركة يناير الذين يريدون التعجيل برفع يد الجيش عن السلطة في بلادهم تماما والتحول إلى نظام حكم مدني كامل، كما أن السيناريو نفسه أيضا يجري الدفع إليه بقوة في اليمن عبر التصادم بين اليمنيين الشماليين من جهة، واليمنيين الجنوبيين الاشتراكيين من جهة ثانية، والحوثيين الشيعة من جهة ثالثة، والعلمانيين الممسكين حاليا بزمام السلطة بعد رحيل علي عبدالله صالح من جهة رابعة، والقوى الإسلامية التي تتهم بأنها فلول تنظيم القاعدة أو بأنها في أحسن الأحوال موالية له أو راضية عن مخططاته وعملياته (الجهادية).
الهدف الذي يجري الدفع إليه بقوة أيضا بالتوازي مع ما سبق هو تفجير الوضع الأمني في البحرين والكويت والمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية عبر التغرير بالمواطنين الشيعة في هذه المنطقة للثورة ضد حكومات بلادها والسعي بكل قوة لإسقاطها وإقامة حكومات طائفية موالية لنظام ولاية الفقيه الإيراني المتطرف، ما يعني تفتيت المنطقة الخليجية وإدخالها في حروب داخلية طائفية تحرق الأخضر واليابس. المخطط واضح الملامح بلا أدنى لبس، ومشكلتنا الحقيقية هي في انسياق إخواننا في الوطن والدين والتاريخ واللغة والمصير في تنفيذه من دون أدنى وعي بما يجرّون إليه أنفسهم وأبناءهم وإخوانهم وديارهم من مهالك مروّعة سيكونون هم أول ضحاياها



salah_fouad@hotmail.com