الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٠٩ - الأربعاء ١٤ مارس ٢٠١٢ م، الموافق ٢١ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


«الدوغمائية» ومفهوم الوحدة الوطنية





طريقة القفز على الحقيقة تعتبر احد معطيات الأزمة التي نعيشها في البحرين، وهي محللة بالعرف السياسي فيما تكون محرمة بالوازع الديني، ولكن ممارسيها استقرأوا هذه الصورة بعكس ما هي عليها، وهدفهم في ذلك إذكاء نار الطائفية لتكون الاجابة واضحة من جانبهم بأننا لسنا نعيش في ظل «جنة عدن».

لا اقصد هنا أي احد، بل ما اقصده هو تلك اللحظة التي مارسوا من خلالها التفكير الميكيافيلي من دون العناء بأن يسألوا انفسهم إلى أي مدى ستستمر ايديولوجيتهم ومسوغاتهم لابتزاز الوطن وظلمه؟

لقد جعلوا من ابجديات ديمقراطيتنا هدفا للقضاء على المبادئ والقيم التي عاشتها الاجيال، كما انني تأكدت قبل هذا اليوم ان الديمقراطية التي يتحدثون عنها ليس لها لون ولا طعم، كما أنها ليست كالماء يروي شاربه.

سأكون صريحا قبل ان اجيب عن سؤالنا: من هم هؤلاء؟ انهم «شياطين الارض» ويعرف مفردها بالسحر «ارضي» وهم اخطر الشياطين على الاطلاق.. وستتعرفون إلى شخوصهم ما بين السطور، وقبل كل شيء لننظر حول دلالات تحركاتهم «الخداج» على الساحة، ونتمعن مباشرة في مفاصلها، نصل الى نتيجة ينفيها العقل برمتها، مثلما تتمثل فكرة النظر الى الجزء الممتلئ من الكأس.. فهل سيكون الحال بهذا السوء؟

باعتقادي، الجميع من يدري او لا يدري ذلك، ان حالات الاستقراء والتركيز في مثل هذه الازمات يجب ان تكون صارمة حول نظرتنا العامة للكأس، حتى يمكننا ألا نلتفت الى الفراغ بعد رؤية الواقع المر الذي يعيشه المواطن نتيجة الاسقاطات التي باتت تطل علينا في كل دقيقة تحمل في اتونها الكثير من التشكيك في ولاء ووطنية الاخرين.

فأيا يكن المعني، فان التحذلقات التي تطلق من ابواق المشككين هي فقط للاستهلاك السياسي والفتنة، وهي لن تكون لهم مطايا الا لطأفنة مسلكهم، رغم انهم يعلمون ان المراحل الحياتية التي تعيشها البحرين بالغة الصعوبة، ولا جدال في ذلك. التخريجات التي وضعها هؤلاء «الطائفيون» جميعها ذات مقاصد متلونة الوجوه، وفي حقيقتها فاقدة التواصل مع النفس قبل التواصل مع الاخرين.. لذا فانهم ليس لديهم القدرة على البدء بأي مرحلة جديدة خالية من التعقيدات الا من خلال منهجيتهم «الدوغمائية» التي تختمر في رؤوسهم بشتى الظنون السيئة المبنية على الانشقاق الفكري والطائفي، بعيدا عن «فن» الثقة بالاخرين.

لماذا لا يتعلمون من ديننا الحنيف التسامح والتراحم بدلا من ان يتخذوه مطية لأهوائهم؟ فلا عيب ولا انكسار، فقليل من التنازلات من شأنه أن يرفع هامة الوطن الذي استنفد جهودا طويلة في «الصبر والتروي».

طبعا، لا نعيب على السياسي خديعته، ولكن نعيب على التيارات الاسلامية بناء ايديولوجياتهم على هموم المنبت، وما تسوغه من طأفنة مذهبية وتمييز عرقي تنكر من خلالهما كل ما يمت بصلة إلى ما هو عروبي على هذه الارض.

للأمانة، ما جعلني اتطرق الى هذا الموضوع بروز ثقافة التطرف والكره في كنف تيارات اسلامية تعبر عن مكونات ملموسة في مجتمعنا، وفي ظل ما يعيشه الوطن من وهن نتيجة مؤسسات يعشش فيها الترهل، مما يمنعه من تلبية المطالب التي تتواكب مع التطورات السياسية التي تجتاح العالم المعاصر.

للتوضيح، فإنه يوجد مساران لا ثالث لهما لكي نصل الى مرحلة الوئام الوطني بعيدا عن مرحلة «الاستلاب»: المسار الأول يتطلب مسألة وقت لبناء وعي شامل لفهم معنى الوطنية يساعد على تخطي حالة التردي والانكسار، اما المسار الثاني فهو مسار ابراز مفهوم الوحدة الوطنية من خلال طرح الخيارات المتعددة لممارسة مبادئ الديمقراطية في «حوار المصير المشترك» المرتقب بتوافق الاطراف لايجاد واقع سياسي تتوافر فيه مقومات الأمن والاستقرار والعدالة للمواطن.



.

نسخة للطباعة

أين حق الأغلبية الصامتة؟

أتواجد هذا الأسبوع في جنيف لحضور دورة للأمم المتحدة عن حقوق الإنسان. عقد وفدنا لقاءات عدة مع مسئولين كبار. ... [المزيد]

الأعداد السابقة