الجريدة اليومية الأولى في البحرين


مقالات


الاتحاد العمالي.. نافش ريشه، على شنو؟!

تاريخ النشر : الأربعاء ١٤ مارس ٢٠١٢



بعد المقال السابق (يا عمال: السياسية، ما توكل عيش)، جاءت اتصالات بعض العمال المتألمين من وضع الاتحاد العام لعمال البحرين، وما آلت إليه ظروف العمال والموظفين بعد الإضرار بمصالحهم، وحينما تم سلب الإرادة العمالية وتسليمها إلى جمعية الوفاق، وكان الخاسر الأكبر في أحداث فبراير الماضي 2011م العمال وأصحاب الأعمال، وكأن المقال السابق قد لامس أوجاع العمال، وفتق الجرح وأخرج ما فيه من صديد سببها لهم الاتحاد العام لعمال البحرين، لقد آلمني ما سمعت من شكاوى أولئك المفصولين، لذا آثرت أن يسمعها كل العمال في البحرين، سواء من المتضررين بالأحداث التي رافقت دوار مجلس التعاون، أو الذين تضرروا بسبب الأزمة الاقتصادية التي ضربت القطاع الخاص. التقيت ثلاثة موظفين مفصولين من أحد البنوك، وما أكثر من تم فصله بسبب الأزمة الاقتصادية، وتم تسريح الثلاثة من وظائفهم مع العرض )egakcap( المغري في ظاهره، والذي تمت الموافقة عليه لأنه ليس هناك خيار آخر، المؤسف له أن الكثير من الكوادر البحرينية التي تم فصلها من أعمالها بهذا العرض )egakcap( كانت طاقات وطنية مدربة، أنفقت عليها الدولة والبنوك ذاتها الكثير من المال، ولكن بسبب الظروف الاقتصادية والخسائر التي تكبدتها البنوك تم الاستغناء عنها واستبدالها بعمالة آسيوية، الشاهد في الملف أن المفصولين لم يجدوا من يتبنى قضيتهم ويعرض مشكلتهم، لأن الاتحاد العام لعمال البحرين كان مشغولا بالمفصولين بسببه، أما الآخرون فهم أبناء البطة السوداء!. الاتحاد العام لعمال البحرين في أحداث العام الماضي تجاوز القانون والكثير من الأعراف العمالية، ولم يتدرج في المطالب العمالية، ولا حتى في طريقة الاحتجاج، لذا دفع بالعمال إلى الشوارع تحت شعار (الإضراب العام)، العمال الذين وثقوا به حينما صوّتوا له للدفاع عن حقوقهم، لا أن يكون سبباً في طردهم وإيقافهم على عتبات وزارة العمل، مع أنه كانت بيده الكثير من الوسائل التي لا تضر العمال ولا الشركات والمؤسسات التي كانت في الأصل في حالة تراجع كبير بسبب الأزمة الاقتصادية، فلو كان الاتحاد يهتم بالعمال وبالشركات والمؤسسات لما انتهج هذا الأسلوب، ولوضع شرائط حمراء (مثلاً) على الكتف كما في الدول المتقدمة، أو لنظم اضرابا جزئيا لا يتعدى الربع ساعة لإيصال مطالبه، ولكن لأنه إضراب مدفوع الأجر من جمعية سياسية فقد قام بتسريح العمال بعد أن أوهمهم بمشروعية الإضراب العام. عند قراءة حيثيات الإضراب العام الذي دعا إليه الاتحاد العام في العاشر من فبراير 2011م نجد أنه تجاوز الهيكلية المعتمدة في الاتحاد، فهو قرار أحادي اتخذه رئيس الاتحاد العام من دون الرجوع إلى الجمعية العمومية التي تستوجب موافقة ثلثي الأعضاء لتمرير مثل هذا القرار الخطير، فهو بهذا القرار خالف المعايير الدولية للإضراب، الغريب اليوم أن هيئة الاتحاد العام تسعى لاستدعاء المنظمات الدولية للتدخل في الشأن الداخلي بعد أن صور لها مظلومية عمال البحرين، والحقيقة أنها نقطة حياء إن زالت فليفعل بعدها الفرد ما شاء، وكما جاء في المثل المصري القديم: اللي اختشوا ماتوا!! فقد ضغط على العمال الى درجة الأمر بأن اتركوا أعمالكم وعطّلوا المصالح، ثم عليكم بالتوجه إلى الدوار لقضاء أسعد الأوقات هناك!. إذا كان ولا بد فعلى الاتحاد العام لعمال البحرين ألا يكيل بمكيالين، وألا يمارس الازدواجية في التعاطي، فإذا كان جادّاً في عودة المفصولين فليطالب أولاً بعودة المسرحين في القطاع المصرفي بدءا من الأعوام 2008-2009-2010م، وبامكانه الحصول على عددهم من وزارة العمل، فالجميع يعلم أن هذا القطاع يضم أربعة عشر ألف عامل وموظف، وأن أعداد المسرحين منهم كبير، وأن الباقي من المسرحين بسبب الأحداث لا يتجاوز 22 عاملا، فلم يطالب بعودتهم في الوقت الذي يتغاضى عن المفصولين من القطاع المصرفي؟ ونحن نمارس كشف المستور عن الأحداث التي جرت العام الماضي نجد أن هيئة الاتحاد العام لعمال البحرين تتكون من خمسة عشر عضواً، تسعة منهم ينتمون إلى جمعية الوفاق والآخرون هم من الأهل والأصدقاء وذوي القربى، يعني أكثر من نصف الأعضاء هم من جمعية سياسية واحد، وللإجابة عن هذا التساؤل عن كيفية وصولهم إلى أعلى الهرم العمالي نجد أن القطاع الخاص يتكون من 550 ألف عامل، منهم 20 ألف مستخدم، منضوون تحت 70 نقابة، يتم تسديد اشتراكات الكثيرين مع قرب الانتخابات لتأهيلهم للمشاركة في الانتخابات، كل ذلك من أجل ابتلاع الاتحاد العام وحسمه للون وطيف سياسي واحد، وهذه هي إشكالية الاتحاد العام لعمال البحرين! العمال اليوم يعيشون أتعس مراحل حياتهم، بعد أن تم خديعتهم، وتعطيل مصالح مؤسساتهم وشركاتهم، فهم اليوم يعيشون هاجس نفس الاتحاد الذي سلبهم إرادتهم ورهنها لجمعية سياسية ومرجعية دينية، لذا لا يستقيم الحال والأمر بهذه الصورة، لا بد للعمال من قول كلمتهم الفصل، وأن يتم فصل المواقف العمالية عن القرار السياسي أو الفتوى الدينية، وإلا فإن الأزمة ستعود من جديد وفي سياق آخر، فمازال الاتحاد العام لعمال البحرين يحاول تصديق أكذوبة العام الماضي (الإضراب العام) والتي بسببها تم تسريح العمال، لذا يراه الجميع وهو نافش ريشه، وعلى شنو؟!.