الجريدة اليومية الأولى في البحرين


يوميات سياسية


أمن الخليج .. أفكار إيرانية حمقاء

تاريخ النشر : الخميس ١٥ مارس ٢٠١٢

السيد زهره



أمن الخليج قضية كبرى تهم ليس فقط دول المنطقة وإنما العالم كله.
وبطبيعة الحال، تتعدد الرؤى والمواقف حول مفهوم أمن الخليج ابتداء، وحول كيفية تحقيق الأمن في المنطقة بجوانبه المختلفة، وتتعدد السياسات والاستراتيجيات ايضا. فتصور دول الخليج العربية لأمن الخليج يختلف بالضرورة عن التصور الايراني مثلا، وعن التصور الغربي ايضا.
وبالتوازي مع التصورات الرسمية لأمن الخليج، لطالما اجتهد الباحثون في العالم كله، وقدموا رؤى وتقديرات متعددة ومختلفة للقضية.
ونحن في دول الخليج العربية لا بد ان نتابع باستمرار بالطبع التصورات المختلفة التي تطرح لأمن الخليج من أي جهة أيا كانت، سواء أعجبتنا أم لم تعجبنا.
غير ان هذا التصور لأمن الخليج الذي سنعرض له، ربما يعتبر أكثر التصورات سخفا وحماقة على الاطلاق.
التصور الذي نعنيه طرحه قبل أقل من أسبوعين أستاذ ايراني، هو محمد مهدي مازاهيري، الأستاذ في جامعة طهران. طرحه في تحليل مطول نشره تحت عنوان «اطار مقترح لأمن الخليج». وسوف نعرض للأفكار الأساسية التي يطرحها.
في تحليله، يستعرض الأستاذ الايراني، من وجهة نظره بالطبع، تطور قضية امن الخليج عبر المراحل المختلفة.
يتحدث عن أمن الخليج في مرحلة ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، والتي شهدت محاولة الولايات المتحدة إحكام هيمنتها في المنطقة.
ثم يتوقف عند القضية في مرحلة ما بعد غزو العراق، والتي شهدت تزايد الوجود الأمريكي في المنطقة. ويقول ان ايران حاولت في هذه المرحلة الترويج لصيغة لأمن الخليج تقوم على مفهوم «بناء الثقة» وتعزيز التعاون مع دول الخليج العربية و«التفاعل البناء مع العرب». ويقول ان ايران ذهبت حتى الى حد اقتراح ان تنضم الى مجلس التعاون الخليجي.
وفي غضون ذلك، ينتقد الأستاذ الايراني بالطبع المواقف الخليجية العربية والتي يعتبر انها انسياق وراء المواقف الغربية. كما ينتقد التواجد الغربي في المنطقة ويعتبر انه لا يمكن لأمن الخليج ان يتحقق في ظل هذا الوجود.
ثم يتوقف عند المرحلة الحالية، والتي شهدت تطورات عاصفة أهمها سقوط أنظمة عربية موالية للغرب.
ويعتبر انه بسبب التحولات الحالية، فإن ميزان القوى في المنطقة تحول لصالح ايران وقوى مقاومة الصهيونية والغرب.
ويعتبر انه في مواجهة موجة العداء لايران، فإنه يجب تأكيد ان الحلول الأمنية الاقليمية، والمفاوضات الجماعية بين دول المنطقة لتقليل التوتر، هي أفضل الخيارات لزيادة التفاعل بين دول المنطقة وتحقيق الأمن.
ولهذا، يطرح الأستاذ الإيراني ما يسميه «نموذج إقليمي لأمن الخليج».
النموذج الذي يطرحه يجب ان يقوم في رأيه على ما يسميه «الشراكة المتساوية والمتوازية».
وهذه الشراكة في رأيه تتطلب «تعظيم القوة الإقليمية لايران، وتقليل التدخل الأجنبي في الخليج».
يقول ان هذا هو النموذج الأكثر فعالية. ويعتبر ان هذا النموذج لا يهدف الى فرض الهيمنة والقرارات الايرانية على دول الخليج الأخرى، ولكن من شأنه تحقيق المصالح المشتركة والاعتماد الاقليمي المتبادل من اجل اقصاء النماذج الغربية.
ويدعو الأستاذ الإيراني دول الخليج العربية الى تبني هذا النموذج وحشد جهودها في اتجاهه لأنه «في غياب ايران كقوة اقليمية قوية لن يتحقق أي أمن».
هذه هي الافكار التي يطرحها الأستاذ الإيراني والصيغة التي يقترحها لأمن الخليج.
كما ذكرت في البداية، هذه الأفكار هي في غاية السخف، والحماقة، كي لا نقول الغباء السياسي .
ولنا فقط ان نتأمل ما يلي:
1- الكاتب يصور إيران كما لو كانت قوة خيرة تسعى الى تحقيق أمن واستقرار دول المنطقة ومصالحها. ويتجاهل تماما حقيقة ان ايران نفسها أصبحت في الفترة الماضية من أكبر مصادر تهديد أمن واستقرار دول الخليج العربية.
2- وهو يبني تصوره العجيب هذا لأمن الخليج على افتراض ان ايران هي المنتصرة في التحولات الحالية التي تشهدها المنطقة. وبالطبع، لا علاقة لهذا الذي يتصوره بالحادث فعلا. الحادث ان ايران هي من أكبر الخاسرين، وهي تواجه أزمة خانقة على مستويات عدة بسبب تطورات المنطقة.
3- أما قمة السخف والحمق فيما يطرح من أفكار، فدعوته دول الخليج العربية إلى العمل على تعظيم قوة ايران الإقليمية وطرد القوى الغربية على اعتبار ان هذا هو أحسن صيغة لأمن الخليج.
أي انه يتصور ان دول الخليج العربية يجب عليها ان تقبل بالهيمنة الإيرانية الكاملة على المنطقة ومقدراتها ويجب ان تعتبر ذلك هو الطريق الأمثل لتحقيق الأمن.
هل هناك حماقة أكثر من هذا؟
الحقيقة ان طرح مثل هذا التصور العجيب لأمن الخليج من أستاذ إيراني في هذا الوقت بالذات، هو في حد ذاته أحد مظاهر الأزمة الكبرى التي تتخبط فيها إيران،وهو تأكيد لحقيقة النوايا العدوانية الايرانية تجاه دول الخليج العربية.