الجريدة اليومية الأولى في البحرين


زاوية غائمة


ساعدوني لأسعد

تاريخ النشر : الخميس ١٥ مارس ٢٠١٢

جعفر عباس



عشت طويلا على وهم انني انسان سعيد، فلدي أسرة متماسكة وعيالي يتمتعون بصحة جيدة وثلاثة منهم أكملوا دراساتهم وحصلوا على وظائف طيبة وآخر العنقود مجتهد في دراسته، وسينال درجته الجامعية بعد نحو 16 شهرا إن شاء الله، ومن ناحيتي، لدي وظيفة تكفل لي دخلا طيبا ولدي العديد من الأقارب والأصدقاء الذين يحبونني وأحبهم، ولا يعكر صفو حياتي سوى القنوات التلفزيونية العربية سواء منها التي تمارس النفاق والرياء او تلك التي تمارس قلة الحياء، ولكن أمر تلك القنوات مقدور عليه ولو تطلب الامر قطع التيار الكهربائي عن البيت، فبحمد الله لم أر «خلقة» فاروق الفيشاوي منذ أكثر من 15 سنة، لأنني من النوع الذي يبعد عن الشر ولا يغني له.. يعني ماشي الحال واستطيع تفادي أشياء كثيرة تسبب العكننة والنرفزة وفلتان الأعصاب، ولكن هناك فئة تسمي نفسها «علماء» تخصصت في تنكيد عيشتي، وأشير هنا إلى ما تناقلته الصحف عن نتيجة البحث والتقصي الذي أجراه موقع ياهو الشهير على الانترنت ومفاده ان عليك كي تكون سعيدا ان تملك خمسة ملايين دولار،.. وبصراحة فإنني عازم على العثور على السعادة، وأملي عظيم في ان القراء سيساعدونني في مهمتي النبيلة تلك، وخاصة وقد اتضح انني كنت «عبيطا» إذ حسبت ان مجرد حصولي على راتب يلبي احتياجات عائلتي الأساسية من سكن وطعام وصحة وتعليم سعادة ما بعدها سعادة!! دعوني اعرض عليكم اقتراحا بسيطا لتروا كيف بإمكاننا ان نعاون بعضنا البعض بدون ان نتكبد اعباء مالية... لنفترض ان جعفر بن شداد العبسي يعاني من مشكلة مالية تحرمه من السعادة وكتب مناشدة في الصحف على أمل ان يقوم فاعلو الخير بجمع الملايين الخمسة المطلوبة كي ينال السعادة!! طبعا لن يظفر بأكثر من قيمة سندويتش كيما وهو أكلة هندية قضمة او لقمة واحدة منها تجعل الدخان يخرج من أذنيك!! وتجعل جهازك الهضمي يتخلص من كل شيء دخل فيه طوال أسبوع!! طيب هب انني ناشدت جميع من في بلد كالسعودية من مواطنين ومقيمين راشدين وقاصرين، ان يتبرعوا لي بريال واحد في الشهر.. سيكون الحاصل «بالميت» نحو 15 مليون ريال شهريا، ورغم انها لا تساوي الملايين المطلوبة لشراء السعادة فإنني «راض»، والطمع ضيع ما جمع، والقناعة كنز لا يفنى وخاصة اذا كنت تملك 16 مليون ريال!!
الاقتراح اعلاه قد يبدو سخيفا ولكنه جوهر انشطة ادخار «بلدية» ظلت تمارس في الكثير من بلداننا عبر السنين تحت مسمى جمعية في بعض الاقطار وتحت مسمى صندوق في السودان، حيث يدفع كل «مشترك» مبلغا معينا شهريا ويتم تسلم المبلغ الكامل بالتناوب شهريا لأجل معلوم، وميزة هذه الوسيلة هي ان الشخص المحتاج يحصل على مبلغ يعادل مساهماته بالضبط في «وقت زنقة» ويجد حلا لمشكلته المادية من دون ان يضطر إلى دفع فوائد كما هو الحال مع القروض البنكية... تخيل ما يمكن ان يحدث لو أن وزارة التربية وحدها – في اي بلد نظمت جمعيات ادخار بحسب شرائح معلميها وموظفيها او إدارتها وقالت مثلا ان على كل مدرس في المرحلة الابتدائية ان يدفع شهريا خمسين ريالا ويوزع العائد الشهري على عشرين او ثلاثين معلما في كل مرة وفق حسابات دقيقة طبعا.. هي نفسها فكرة الضمان الاجتماعي ولكنها هنا طوعية ولا دخل للدولة بها او فيها حتى لا «تعك» وتجعل من المسألة «كسور وبواقي».. وتفعل ما يفعله البنك الدولي الذي يعطي دولة ما قرضا بمئات الملايين ثم يأتي بخبرائه ليحصلوا على نصف مبلغ القرض كرواتب ومزايا!! على كل حال دعونا نجرب جمع 15 مليون ريال لجعفر العبسي واذا نجحت التجربة عمموها في أماكن العمل وحلال عليكم أفكاري وحصيلة المشروع!



jafabbas19@gmail.com