>
ردود فعل الصحافة الغربية على خطاب «باراك أوباما» في مؤتمر «إيباك»
 تاريخ النشر : الجمعة ١٦ مارس ٢٠١٢
مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية
تنبع أهمية الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأمريكي «باراك أوباما»، في ٤ مارس ٢٠١٢، أمام مؤتمر لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (إيباك) من عدة نقاط ترتبط في معظمها بتوقيته، أولاها: تزايد حملات الترويج لشن حملة عسكرية ضد البرنامج النووي الإيراني، وثانيتها: هيمنة البرنامج النووي الإيراني على نحو متزايد على التفكير الاستراتيجي الأمريكي الإسرائيلي، وثالثتها: تزامنه مع زيارة مسئولين إسرائيليين رفيعي المستوى للأراضي الأمريكية (وعلى رأسهم قاتل الأطفال الرئيس «شيمون بيريز»، ورئيس الوزراء «بنيامين نتنياهو» ووزير الدفاع «إيهود باراك» فضلاً عن أنه أتى قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية، والتي أسقطت القضية الفلسطينية من برامج جميع المترشحين للرئاسة، والتي من المقرر أن تبدأ في وقت لاحق في هذا العام، وأمام أحد أكثر جماعات الضغط اليهودية في أمريكا تأثيرًا.
وفي هذا التقرير نحاول معرفة ردود فعل وسائل الإعلام الغربية على النقاط التي أثارها الخطاب، أو استنبطت منه، وذلك عبر محورين: يتناول الأول تفسير وسائل الإعلام الغربية للنقاط الرئيسية التي تناولها «أوباما» في خطابه الذي كان يستعطف اليهود ويتزلف إليهم، فيما ينصب تركيز الثاني في توضيح ردود الفعل المتباينة في أوساط المعلقين والمحللين على الخطاب.
أولاًـ النقاط الرئيسية في الخطاب:
تحت عنوان «دعوا أوباما يكسب» ركزت افتتاحية «هاآرتس» يوم ٥ مارس ٢٠١٢ في أهم نقاط الخطاب بقولها: «بعد تأكيد التزامه بسلام وأمن إسرائيل، أوضح «أوباما» أن بلاده لن تنظر في استخدام القوة العسكرية لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية، إلا بعد اقتناعها بأن العقوبات والوسائل الدبلوماسية الأخرى قد استنفدت»، كما وعد أيضًا بمواصلة الضغط على إيران وتعميق عزلتها، منتقدًا الحديث بإفراط عن الحرب مع إيران، ملمحًا إلى كل من مسئولي الحكومة الإسرائيلية والمترشحين الجمهوريين للرئاسة، الذين كانوا يتنافسون مع بعضهم بعضا في الدعوة إلى الحرب، موضحًا أن ذلك تسبب في ارتفاع أسعار النفط، الذي بدوره ساعد على تمويل برنامج إيران النووي، مضيفًا «إن النقاش العام بشكل متزايد بشأن القضية الإيرانية لم يقوض فقط الأمن في أمريكا والعالم، ولكن أمن إسرائيل أيضًا».
بدورها ألقت «هيلين كوبر»، مراسلة صحيفة «نيويورك تايمز» بالبيت الأبيض، الضوء على مختلف القيود التي فرضت على «أوباما» هذا الأسلوب في التعامل مع البرنامج النووي الإيراني، والتي يمكن القول إنها حصرت قدرته على المناورة فيما يتعلق بمضمون خطابه، وهو ما أكده مقال نشرته «نيويورك تايمز» في ٥/٣، بعنوان: «الرئيس يقول إن الكلام الكثير عن الحرب يساعد فقط إيران»؛ حيث أشار: «بالنسبة لـ «أوباما»، كان إلقاء الخطاب، أمام بعض من مؤيدي إسرائيل الأكثر تأثيرًا في الولايات المتحدة الأمريكية، تصرفًا سياسيٌّا محفوفًا بالمخاطر، ومحاولة منه لإثبات التزامه بأمن إسرائيل من دون الإشارة لدعم الولايات المتحدة لتوجيه ضربة وقائية ضد إيران، كما كانت محاولة لمواجهة مترشحي الحزب الجمهوري للرئاسة الذين حولوا القضية النووية الإيرانية إلى العنصر الأهم في الاختبار الحقيقي لهم لإظهار الدعم لإسرائيل». لافتًا أن «أوباما» رغم ذلك أعلن أنه لن يتسامح مع وجود إيران مسلحة نوويا، وسيستخدم - القوة العسكرية، إذا تتطلب الأمر - لمنع ذلك من الحدوث، ولكنه استدرك أنه لا يعتقد أن توجيه ضربة لإيران سيخدم مصالح أي من الولايات المتحدة أو إسرائيل.
وهنا تتضح نقطة مهمة، هي أن وسائل الإعلام الغربية انجذبت بشكل كبير نحو إحجام «أوباما» عن استخدام القوة قبل استنفاد أدوات القسر (غير العنيفة) الأخرى التي في متناول الولايات المتحدة وإسرائيل والمجتمع الدولي، وهو ما ركز فيه أيضًا «كريس ماكجريل» في مقال نشرته صحيفة «الجارديان» في ٥/٣، بإشارته إلى كيف عاتب «أوباما» إسرائيل على «الكثير من اللغط بشأن الحرب» مع إيران، مضيفًا أن العالم يتحمل مسؤولية إعطاء العقوبات فرصة لثني طهران عن السعي لصنع سلاح نووي.
وهكذا فقد قسم موقف «أوباما» فيما يتعلق باستخدام القوة ضد إيران ردود فعل وسائل الإعلام الغربية حول خطابه؛ فبينما أيد بعض المحللين النهج الذي اعتمده «أوباما»؛ ظهر آخرون يخشون من الغموض الذي يلف إدارة «أوباما» فيما يتعلق بالتخطيط الاستراتيجي لسياستها، كما رأى كثيرون أيضًا أنه كان يجب على «أوباما» أن يذكر بشكل واضح، ويجعل إيران (وإسرائيل) على علم بشكل واضح أيضًا بالسياق الذي ستكون من خلاله الولايات المتحدة مستعدة للرد عسكريا.
ثانيًاـ «الخطوط الحمراء» لبرنامج إيران النووي:
في مقال لـ «دونالد ماكنتاير» نشرته صحيفة «إندبندنت» في ٥/٣، بعنوان «أوباما: الكثير من اللغط حول الحرب ساعد فقط إيران» ألقى الكاتب الضوء على نقطة الخلاف الأساسية التي طفت على السطح بين مسئولي الأمن الأمريكيين والإسرائيليين بشأن التقدم الذي أحرزته إيران نحو تطوير أسلحة نووية، فبحسب «ماكنتاير» «لم يفعل «أوباما» الكثير للتعتيم على الخلاف بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن استراتيجيتيهما تجاه برنامج طهران النووي، وأهم هذه الاختلافات مسألتان مرتبطتان بشكل وثيق بالتوقيت.. فبالنسبة لإسرائيل، فإن «الخط الأحمر» يأتي عندما تكون إيران قادرة على صنع سلاح نووي، ووفقًا لمعظم القراءات الإسرائيلية، فإن إيران - بفضل تخصيب اليورانيوم - ليست بعيدة عن هذه المرحلة.. أما بالنسبة للإدارة الأمريكية، فيأتي الخط الأحمر بشكل ملحوظ في وقت لاحق، أي عندما تبدأ إيران تصنيع، أو على الأقل عندما تقرر تصنيع الأسلحة النووية».
واستطرد الكاتب ليؤكد أن التناقض الواضح من حيث التخطيط الاستراتيجي بخصوص هذه النقطة يفسر محاولات «أوباما» طمأنة إسرائيل بالتزام الولايات المتحدة منع إيران من أن تصبح دولة نووية، كما حاول التخفيف من حدة مخاوف إسرائيل من خلال اتخاذ موقف حذر، ولكن من المحتمل أن يكون واقعًا ملموسًا؛ وذلك من خلال تأكيده أنه رغم حرصه على استنفاد كل الخيارات الدبلوماسية غير العنيفة أي القوى الناعمة أولاً فإنه «لن يتردد في استخدام القوة عندما يكون ذلك ضروريا للدفاع عن الولايات المتحدة ومصالحها».
ورغم كل ضمانات «أوباما» لإسرائيل بأن كل «الخيارات مطروحة على الطاولة»، يشكك بعض المعلقين في صدق مثل هذا الادعاء، فعلى سبيل المثال، سارعت «جينفر روبين» إلى إبراز الآثار السلبية التي يحتمل أن تنشأ نتيجة للغموض الملحوظ في الرسالة التي نقلها «أوباما» في إيباك، وفي مدونة نشرتها صحيفة «واشنطن بوست» في ٥/٣، تحت عنوان «أوباما يذهب إلى إيباك»، قالت «روبين»: «لسوء الحظ، «أوباما» هو المسؤول عن سياسة الولايات المتحدة، وعلمنا منه الكثير عن رسالته الدفاعية لحملته الرئاسية (فهو يصر على أنه كان دائمًا يدعم إسرائيل)، ولكنه لم يتحدث حول إذا ما كان فرض العقوبات يأتي بثماره، وما هو التقدم الذي يعتقد أن إيران حققته بشأن برنامجها النووي، ومتى يقوم باستخدام الخيار العسكري، بل ادعى أن لدينا الفرصة لمعرفة إذا ما كانت الدبلوماسية ستأتي بثمارها، مؤكدًا أنه لم يفت الوقت بالنسبة لإيران لتختار الانصياع لمطالبنا، مضيفًا أن الدبلوماسية تستطيع وحدها أن تحل بشكل دائم المشكلة النووية الإيرانية».
والواضح أن ما يسبب قلقًا بالغًا بالنسبة لـ «روبين» هو أن عدم توافر الشروط اللازمة للتدخل العسكري الأمريكي، سيضمن في جميع الاحتمالات مواصلة إيران السير على الطريق نفسه نحو شراء الأسلحة النووية، من دون الالتفات إلى الإصرار المبهم على أن جميع الخيارات «مطروحة على الطاولة»، واستخدمت «روبين» هذا القلق كنقطة انطلاق من خلالها اقترحت على إسرائيل أنها يجب أن تعمل بشكل مستقل «في حالة الضرورة» نظرًا لضعف «باراك أوباما».
وفضلاً عما سبق أكدت «روبين» ربما يكون الاقتصاد الإيراني يعاني، ولكنه يبدو أنه غير متأثر بالعقوبات للحد من طموحاتها النووية. وعلى ما يبدو أن إسرائيل غير مستعدة للانتظار لأجل غير مسمى لحين ظهور تهديد وجودي. ولذا فإن كلمات «أوباما» ؟ بحسبها - أقل أهمية وحسمًا عما كانت عليه من أي وقت مضى. وما يهم هو ما يفعله الإيرانيون (أو لا)، وكيف تقيم إسرائيل تلك المخاطر، وإذا كان سيتم إجبار إسرائيل على التصرف بشكل مستقل.
وبالعودة مرة أخرى إلى المقالة التي كتبها «دونالد ماكنتاير»، ونشرتها صحيفة «إندبندنت»، حول قدرة العقوبات على ردع إيران عن تطوير أسلحة نووية تساءل «ماكنتاير»: «ماذا لو لم تردع العقوبات إيران، مثلما تقول إسرائيل، فهي تخشى من أنها قد لا تفعل؟ وهذه هي القضية الخلافية الثانية الخاصة بالتوقيت بين الولايات المتحدة وإسرائيل، لأنه وفقًا لوزير الدفاع الإسرائيلي، «إيهود باراك»، إيران قد تدخل في وقت قريب «منطقة من الحصانة»، أو النقطة التي تصبح فيها منشآتها النووية، بما في ذلك مفاعل لتخصيب اليورانيوم تحت الأرض في «فوردو»، بعيدة عن متناول أي هجوم خارجي، مما يمكنها من استكمال البرنامج النووي من دون أي تدخل فعال».
وبالمقابل، أشاد بعض المحللين والخبراء الاستراتيجيين الغربيين بمستوى صلابة «أوباما» إلى جانب رغبته في إنهاء «اللغط فيما يتعلق بالحرب»، فمن الملاحظ في افتتاحية صحيفة «هاآرتس» في ٥/٣/٢٠١٢، التي جاءت تحت عنوان «دعوا «أوباما» يكسب»؛ أنها أيدت جهود «أوباما» في هذا الصدد، حيث ذكرت: «مما لا شك فيه أن التصريحات غير الضرورية التي أدلى بها قادة إسرائيليون تفتح النار على إسرائيل. وقد تكون الحكومة حكيمة في إنصاتها بعناية لنصيحة «أوباما» وأن تتبنى نصيحة الرئيس الأمريكي السابق «ثيودور روزفلت» التي تقول: تحدث بهدوء، واحمل عصًا غليظة».
وتوقعًا لنتائج الاجتماع المرتقب بين «أوباما» و«نتنياهو» خلصت الافتتاحية إلى أنه «يجب أن نعقد الآمال على أن «أوباما» سيستغل اجتماعه مع «نتنياهو» يوم الاثنين ٥/٣/٢٠١٢، لتأكيد ما قد تسببه عواقب انهيار العملية الدبلوماسية والتحول إلى صراع عنيف في المنطقة لكل من الجهود الدولية والأمريكية لوقف برنامج إيران النووي إلى جانب إرهابها.
وفي مقاله الذي نشرته صحيفة «إندبندنت» في ٥/٣ تحت عنوان «يتعين على «أوباما» أن يواجه «نتنياهو»» يبدو أن «أفي شلايم» يؤيد الخط الذي رسمه «أوباما» في خطابه أمام مؤتمر إيباك بإلقاء اللوم على القادة الإسرائيليين المنفعلين، حيث يبدو الأمر كأنهم غضوا الطرف عن العواقب الخطرة التي يمكن أن تنجم عن شن حرب على إيران، موضحًا في السياق ذاته: «فيما يتعلق بالقضية الإيرانية، يُعد «نتنياهو» داعية رئيسيا للحرب، كما أنه يبذل كل ما في وسعه لإقحام الولايات المتحدة في مواجهة خطرة، لا يمكن أن تخدم المصالح الأمريكية، وستجعل المنطقة كأنها صندوق مشتعل ومن يشعله يتعرض لحريق كبير». ورغم إشادة البعض بخطاب «أوباما» ومحاولاته منع انفلات زمام الدعوة إلى حرب مع إيران، فإن بعض المحللين سرعان ما انتقدوه متهمين إدارته بالتضليل بشأن البرنامج النووي الإيراني، فعلى سبيل المثال في افتتاحية «وول ستريت جورنال» في ٥/٣ بعنوان «أوباما يغير من نهجه ويكشر عن أنيابه لإيران» تم الإشارة إلى أن «مسئولي الإدارة الأمريكية بدوا بصورة متكررة، كأن أولويتهم القصوى هي ردع إسرائيل بدلاً من التصدي لإيران ومنعها من الحصول على القنبلة».
وأخيرًا، فكما هو متوقع فإن أغلب ما جاء في خطابه «أوباما» أمام مؤتمر إيباك كان موجها لتأكيد التزامه، بل التزام الولايات المتحدة بأمن واستقرار إسرائيل.. وعلاوة على ذلك، وكما كان متوقعًا أيضًا فقد اختار «أوباما» هذه المناسبة لتوضيح موقفه وجهًا لوجه أمام الدعوات التي تطالب بوقف برنامج إيران النووي من خلال استخدام القوة.. ومن هذه الزاوية اختارت وسائل الإعلام الغربية تحليل خطاب «أوباما» مما جعلها تدور داخل إطار ضيق ينحصر في قضية واحدة.
وكان مثيرًا للاهتمام سعي أحد المعلقين لتوسيع نطاق التحليل ليشمل القضية الفلسطينية، وقد كان هذا المعلق هو «أفي شلايم» الذي سلط في مقاله السابق الإشارة إليه الضوء على كيف يجب على «أوباما» استعادة زمام المبادرة، وأن يجبر الداخل الإسرائيلي على ضرورة اعتراف إسرائيل بحق الفلسطينيين في تقرير المصير؛ بدلاً من السماح لـ «نتنياهو» بوضع أجندة من المحتمل أن تأتي بنتائج عكسية على مصالح الولايات المتحدة، والمجتمع الدولي ككل، كما ناشد «شلايم» الرئيس الأمريكي «أوباما» تحديد أولوياته والأولويات الأمريكية في الشرق الأوسط مشيرًا، «ففي الاجتماع الأول بين «أوباما» و«نتنياهو» - في ١٩/٥/٢٠٠٩ ـ كانت أولوية «أوباما» هي الفلسطينيون، في حين أراد «نتنياهو» فقط الحديث عن التهديد الإيراني. وفيما بعد، نجح «نتنياهو» في فرض أجندته على حليفه، واليوم فإن عملية السلام في حالة يرثى لها، في حين استحوذت هستريا الحرب ضد إيران على النصيب الأكبر من الاهتمام. ويبقى التحدي أمام «أوباما» هو السيطرة على حليفه المبتدئ المتهور، إلى جانب إعادة ترتيب الأولويات الأمريكية في الشرق الأوسط». مشيرًا إلى «ان التهديد الرئيسي بالمنطقة ليس إيران، وإنما الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وأن المصدر الرئيسي للعداء تجاه أمريكا عبر الأراضي العربية والإسلامية هو القمع الإسرائيلي للشعب الفلسطيني والتواطؤ الأمريكي في هذا القمع». خلاصة القول: إن نداء «شلايم» لن يجد آذانًا صاغية لدى الإدارة الأمريكية، والمزعج حقا هو غض وسائل الإعلام الغربية بصرها عن عملية السلام، وعما تقوم به إسرائيل التي وضعت القومية فوق الشرعية الدولية والأخلاقية بتأييد ودعم من الولايات المتحدة وبريطانيا أيضًا، ورفضت حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وتحرير أرضهم، وتتمادى كل يوم في قتلهم وتشريدهم وتهويد مقدساتهم وهدم مساجدهم، فضلاً عن اعتقال أكثر من ١٠ آلاف معتقل منهم الأطفال والنساء والشيوخ من دون محاكمة منذ سنوات.
لقد شاهدنا «أوباما» كيف يخضع للإملاءات الإسرائيلية منذ وصل إلى البيت الأبيض حتى إن تظاهر في البداية بغير ذلك ليبقى في كرسي الرئاسة فترة ثانية، فقد تخلى عن مبعوثه للشرق الأوسط «جورج ميشيل»، واختفت المستوطنات من جدول أعماله، وهدد باستخدام الفيتو إذا طلبت السلطة الوطنية الاعتراف بعضوية فلسطين في الأمم المتحدة، ونذكر موقفه المخزي من الحرب الإجرامية الإسرائيلية على غزة، وكذلك موقفه من تقرير «جولدستون» بشأن هذه الحرب، وآخر هذه المواقف المشينة رفض إدارته عضوية فلسطين في منظمة اليونسكو.. من تابع خطاب «أوباما» هذا يعرف أن «نتنياهو» استطاع إقناع الإدارة الأمريكية بأن المشكلة الأولى في الشرق الأوسط هي البرنامج النووي الإيراني لا القضية الفلسطينية، وأن الخلاف بينه وبين «نتنياهو» حاليا حسبما نرى ليس على مبدأ توجيه الضربة لإيران وإنما على توقيتها.
ولكن أين العرب من كل هذا؟
فواشنطن لا تعيرهم أدنى اهتمام، فلا تتشاور مع قادتهم، وإن فعلت لا يؤخذ برأيهم، بل ضالعة في التآمر على العرب مع إسرائيل، وهو ما يدركه هؤلاء القادة ولكنهم يتجاهلونه.. عليهم أن يعرفوا أنه إذا وقع العدوان على إيران فسوف نصبح في اليوم التالي شرق أوسط مختلفا وفق العديد من المحللين، وعندها ستقع الكارثة لا سمح الله فهل هم مستعدون لها؟
لا نعتقد.
.