الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤١٣ - الأحد ١٨ مارس ٢٠١٢ م، الموافق ٢٥ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

الثقافة السياسية

السياسة الخارجية





كثيراً ما نسمع في نشرات الأخبار اليومية عن مفهوم «السياسة الخارجية» عندما يتعلق الأمر بإحدى القضايا الدولية أو الإقليمية في هذه المنطقة أو تلك، وقليلاً ما يتم التعرف على هذا المفهوم ودلالاته وأهميته لأي دولة، وكيف يتم صياغة وتنفيذ السياسة الخارجية.

السياسة الخارجية بمفهومها البسيط هي الاستراتيجية التي تتبعها الدولة لإدارة علاقاتها الخارجية في محيطها الإقليمي والدولي بما يضمن لها تحقيق مصالحها الوطنية.

فكما للدول سياسات داخلية تقوم فيها الحكومة بالتعامل مع العديد من الأطراف سواءً كانت سلطة قضائية أو سلطة تشريعية، أو مؤسسات المجتمع المدني، أو غيرهم من الجماعات والأفراد، فإن هناك أيضاً مكونات موجودة في محيط أي دولة على المستويين الإقليمي والدولي يجب أن تتفاعل معها لحماية مصالحها.

فعلى سبيل المثال إذا كان الحديث حول مملكة البحرين، فإننا نقصد أن هناك العديد من القوى الإقليمية والدولية التي يجب أن تتفاعل معها الدولة لحماية مصالحها الوطنية، ومنها دول مجلس التعاون الخليجي الشقيقة، وكذلك مجلس التعاون الخليجي باعتباره منظمة إقليمية مهمة في المنطقة. أما على المستوى الدولي فإن هناك المئات من بلدان العالم التي يجب أن تتعامل معها الدولة، وأن تحدد إطاراً واضحاً للتعامل معها، ويشمل ذلك أيضاً التعامل مع المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي وغيرها من المنظمات المعروفة.

عندما تتعامل مملكة البحرين مع هذه الدول والمنظمات فإنها تعتمد في تحديد طريقة التعامل على كيفية حماية المصلحة الوطنية وتعظيمها بشكل متوازن بما لا يضر مع مصالح الدول والمنظمات الأخرى انطلاقاً من مبادئ المصالح المشتركة واحترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.

فعملية صناعة أو تشكيل السياسة الخارجية ترتبط بعدة عناصر أبرزها:

أولاً: رؤية وتقدير السلطة التنفيذية (الحكومة) للمصالح الوطنية العليا.

ثانياً: رؤية وتقدير السلطة التشريعية (البرلمان) للمصالح الوطنية العليا، لذلك نجد أن هناك لجنة برلمانية متخصصة في شؤون السياسة الخارجية لدى كلاً من مجلسي الشورى والنواب. وتقوم هذه اللجنة بمراجعة أداء الحكومة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية ومواقفها تجاه القضايا الإقليمية والدولية المختلفة.

وأيضاً يمكن تفسير سبب اهتمام غرفتي البرلمان بإصدار بيانات بشكل دوري حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية بأنها جزء من عملية تشكيل السياسة الخارجية باعتبار أعضاء السلطة التشريعية يمثلون الشعب، ومثل هذه المواقف تعد تمثيلاً للرؤية الشعبية العامة.

ثالثاً: الأطر الدستورية والقانونية التي تحدد ملامح السياسة الخارجية العامة للدولة كمبادئ أساسية، وهو ما سيتم توضيحه لاحقاً في هذا المقال.

رابعاً: دور وتأثير الجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، وكذلك القطاع الخاص في السياسة الخارجية البحرينية.

أما بالنسبة الى كيفية صناعة وتشكيل السياسة الخارجية، فإنها تتم عبر عملية تقوم على خمس مراحل، وهي كالآتي:

المرحلة الأولى: تقييم الأوضاع السياسية الداخلية والخارجية.

المرحلة الثانية: وضع أهداف السياسة الخارجية.

المرحلة الثالثة: تحديد خيارات السياسة الخارجية.

المرحلة الرابعة: اتخاذ القرار السياسي رسمياً بشأن خيارات السياسة الخارجية.

المرحلة الخامسة: تنفيذ قرارات السياسة الخارجية.

السياسة الخارجية البحرينية بدأت في عام ١٩٧١ عندما نالت البلاد استقلالها، وحدد دستور البلاد آنذاك أسس ومبادئ هذه السياسة التي تشرف على تنفيذها الحكومة من خلال التنسيق المباشر عبر وزارة الخارجية.

وفي عام ٢٠٠١ عندما أقر ميثاق العمل الوطني في الاستفتاء الشعبي العام تضمن مجموعة محدثة من المبادئ والأسس التي ينبغي أن تقوم عليها السياسة الخارجية لمملكة البحرين، وهي المبادئ والأسس السارية حتى الآن لتنظيم طبيعة تفاعل البلاد على المستويين الإقليمي والدولي بما يضمن حماية المصالح الوطنية العليا.

يمكن تصنيف أسس السياسة الخارجية البحرينية طبقاً لميثاق العمل الوطني على طريقتين، الأولى تتعلق بالعلاقات الخليجية، والثانية تتعلق بالعلاقات الخارجية. وبالنسبة الى العلاقات الخليجية فإن مبادئها تقوم على ضرورة حماية وتطوير المصالح المشتركة بين شعوب دول مجلس التعاون الخليجي بسبب طبيعة الترابط بينها، ولذلك فإن الميثاق أقر فكرة أن أمن ورفاه البحرين جزء لا يتجزأ من أمن ورفاه دول الخليج العربية الأخرى. وبناءً على ذلك أقر الميثاق ضرورة العمل لتحقيق المزيد من التنسيق والتقارب والتكامل في كيان مجلس التعاون الخليجي المشترك. وهو ما يفسّر سبب اهتمام السياسة الخارجية البحرينية بمشروع الكونفدرالية الخليجية لأنها تعد مرحلة أكثر تقدماً في التكامل الخليجي.

أما على صعيد العلاقات الخارجية، فقد حدد ميثاق العمل الوطني مجموعة من الأسس المهمة لتكون إطاراً إرشادياً للسياسة الخارجية لمملكة البحرين. ومن أبرز هذه المبادئ عروبة البحرين باعتبارها جزءاً مهما من هوية شعب الدولة، وقناعتها بضرورة تطوير العمل العربي المشترك من خلال تفعيل دور جامعة الدول العربية، وموقف الدولة الثابت من القضية الفلسطينية، وكذلك القضايا الإسلامية الأخرى عبر منظمة المؤتمر الإسلامي، ومن المبادئ كذلك احترامها للدور الذي تقوم به هيئة الأمم المتحدة.

ومن الأسس المهمة للسياسة الخارجية البحرينية التي وردت في ميثاق العمل الوطني، التمسك بمبدأ تسوية جميع المنازعات الدولية بالطرق السلمية، وحظر استخدام القوة للنيل من سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة. واحترام كل الاتفاقيات والعهود الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، وكذلك المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة بهذا الشأن، ومن هذه المبادئ أيضا: حرية التجارة الدولية، وحرية انتقال الاستثمارات ورؤوس الأموال والقوى العاملة، واحترام الثروات الطبيعية للدول.

معهد البحرين للتنمية السياسية

للتواصل hb.vog.dpib@ofni







































.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة