دراسات
كتاب جديد يسلط الضوء على معاهدة سايكس بيكو
تاريخ النشر : الأحد ١٨ مارس ٢٠١٢
لقد قيل الكثير عن اتفاقية سايكس بيكو المبرمة سنة 1916، حيث ان البريطانيين والفرنسيين قد تآمروا آنذاك سرا من أجل تقسيم وتقاسم منطقة الشرق الأوسط، وتحديدا سوريا، لبنان، العراق، الأردن، فلسطين.
لم تكن لأي من هاتين الدولتين الاستعماريتين أي حق يشرع لسيطرتهما على هذه الأراضي العربية الشاسعة ونهب ثرواتها غير أن هذه المسألة كانت غير ذات أهمية في كل من لندن وباريس آنذاك ذلك أن منطق السياسات الاستعمارية كان هو السائد. في الحقيقة لقد خططت القوات الاستعمارية في كنف السرية التامة وعلى مدى أعوام للانقضاض على الأقاليم التي كانت تحت سلطة الامبراطورية العمثمانية التي كانت تسمى آنذاك «الرجل المريض».
من المؤكد أن تلك الاتفاقية كانت سهلة غير أن العواقب التي نجمت عنها كانت وخيمة ناهيك عن أن دول وشعوب دول الشرق الأوسط لاتزال حتى اليوم تحصد تبعاتها المريرة عدا عمليات نهب موارد وثروات الدول العربية.
لقد كانت اللعبة الاستعمارية في منطقة الشرق الأوسط عندما قام البارون السير مارك سايكس ؟ الذي كان يصور نفسه على أنه خبير مختص في شؤون الشرق الأوسط ؟ برسم «خطه المشؤوم» في الرمال التي كانت تربط ما بين مدينة عكا المطلة على حوض البحر الأبيض المتوسط ومنطقة كركوك التي كانت تعتبر آنذاك القلب النابض لما كان يعرف ببلاد ما بين النهرين التي تعتبر اليوم من أكثر المناطق الزاخرة بالنفط في العراق. لقد كانت بريطانيا قد استبقت الجميع بعدة عقود وبسطت هيمنتها الاستعمارية على مصر وقبرص، ثم اندلعت الحرب العالمية الأولى سنة 1914 التي أعطت دفعة قوية للمشاريع الاستعمارية البريطانية والفرنسية في الشرق الأوسط عامة وفي المنطقة العربية على وجه الخصوص.
لقد كان أمن قناة السويس والوصول إلى منابع النفط - موارد الطاقة الأحفورية المستقبلية ؟ من أهم العوامل التي كانت بمثابة الوقود الذي حرك الحركة الاستعمارية البريطانية والفرنسية في الشرق الأوسط. بقطع النظر عن المكان الذي رسم فيه البارون السير مارك سايكس خطه في الرمل فإن الشرق الأوسط عامة ؟ والمنطقة العربية على وجه الخصوص ؟ كان مقبلا على تغييرات كبيرة حيث ان القوتين الاستعماريتين البريطانية والفرنسية قد مزقتا أوصاله.
لقد صدر الكتاب الثاني الذي ألفه جيمس بار وقد اختار له هذه المرة عنوان: «خط في الرمل: الصراع الانجليزي-الفرنسي في الشرق الأوسط-1914-1918». يصور المؤلف في هذا الكتاب المهم المعركة المستعرة والدامية في أحيان كثيرة بين قوتين استعماريتين كانتا في أغلب الأحيان حليفتين.
لقد وصل الأمر بهاتين القوتين الاستعماريتين في صراعهما المستميت على فرض السيطرة على مناطق النفوذ في منطقة الشرق الأوسط إلى حد استغلال الشعوب المحلية كوقود في نزاعهما الاستعماري، فعندما كان العرب ينتفضون ضد الاستعمار الفرنسي في الهلال الخصيب تقاعست بريطانيا عن تقديم المساعدة بل راحت تؤلب عليه السكان المحليين وتمنيهم بأشياء كثيرة ثم ما لبثت أن تنكرت لهم عندما تمكنت من تحقيق أهدافها الاستعمارية التوسعية.
لم يكن المستعمرون الفرنسيون أقل لؤما من البريطانيين، فعندما كان الصهاينة يقاتلون سلطة الانتداب البريطاني في أرض فلسطين التاريخية تحين الفرنسيون الفرصة للانتقام من البريطانيين فراحوا يساعدون الارهابيين الصهاينة على قتل الانجليز.
ربما يكون البريطانيون قد قدموا يد المساعدة للفرنسيين في مناسبتين في المواجهة العسكرية ضد ألمانيا غير أنهم لم يبدوا أي رغبة في تقاسم مناطق النفوذ في منطقة الشرق الأوسط مع الغريم التاريخي الفرنسي. أما فرنسا فقد كانت بالمقابل تسعى يائسة لاسترداد مجدها التليد وهيبتها كقوة عالمية بعد أن لحقت بها الإهانة عندما غزتها ألمانيا واحتلتها بقيادة أدولف هتلر خلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945). لقد بدا في بعض الأحيان أن بعض القادة الفرنسيين المهمين من أمثال الجنرال ديجول يعتبرون أن الجبهة السورية أكثر أهمية من الحرب ضد أدولف هتلر.
لقد ازداد الوضع غموضا وتداخلت الأوراق، فعندما قام المستعمرون البريطانيون ومن كانوا يسمون آنذاك «الفرنسيين الأحرار» بغزو سوريا سنة 1941 في ذروة الحرب العالمية الثانية ضد ألمانيا النازية وبقية دول المحور كانت القوات الفرنسية التابعة لحكومة فيشي الفرنسية ؟ الموالية لألمانيا النازية ؟ تقاتل بقية القوات الفرنسية الأخرى المتحالفة مع البريطانيين بهدف الثأر منها.
في سنة 1945 تدخل المستعمرون البريطانيون من أجل إفشال المساعي الفرنسية الرامية إلى إخماد وقمع الانتفاضة السورية، وهو ما حدا بالجنرال الفرنسي شارل ديجول إلى أن يقول لأحد كبار المسؤولين البريطانيين بكثير من الإحباط والتسليم بالأمر الواقع:
«أعتقد أننا لسنا ؟ نحن الفرنسيين ؟ في وضع يسمح لنا بالدخول في مواجهة ضدكم ومناصبتكم العداء. لكنكم أهنتم فرنسا وشتمتموننا وهذا ما لا يمكن أن ننساه ونغفره لكم أبدا».
الكاتب جيمس بار هو في الأصل صحفي متميز وقد ركز في كتابه المعنون «خط في الرمل: الصراع الانجليزي-الفرنسي في الشرق الأوسط-1914-1918» في إبراز تلك العلاقة العدائية بكثير من التعمق والإلمام والشمولية مع حرص كبير على تنزيل كل ذلك في سياقه التاريخي.
يعتبر البارون السير مارك سايكس من أهم الساسة الذين عملوا على هندسة المشروع الاستعماري البريطاني في منطقة الشرق الأوسط. أما «سايكس» الفرنسي فقد كان يسمى «فرانسوا جورج بيكو». من هنا جاء اسم اتفاقية «سايكس - بيكو» التي تقاسمت من خلالها القوتان الاستعماريتان: بريطانيا وفرنسا النفوذ على منطقة الشرق الأوسط وتمكنتا من الهيمنة على العالم العربي ونهب ثرواته الطائلة.
لقد استفاد جيمس بار من الوثائق الأرشيفية التي أصبحت متداولة بقرار من الحكومة البريطانية واستطاع بالتالي أن يقدم الاضافة ويثري كتابه بتفاصيل إضافية عن عمق المناورات التي دبرت في الخفاء والتي أدت إلى تشكيل أو بالأحرى تشويه منطقة الشرق الأوسط الحديث.
عندما فضح البلشفيون السوفيت اتفاقية سايكس - بيكو سنة 1918 راح البريطانيون والفرنسيون يسعون لرفع الحرج الذي وقعوا فيه ويزعمون بأنهم إنما يساعدون الشعوب المحلية في المنطقة العربية على الانتقال إلى الحكم الذاتي. يقول المؤلف ان المستعمرين البريطانيين قد تفننوا حتى أكثر من نظرائهم الفرنسيين في الانتقال ما بين هذا الطرف وذاك بناء على اعتبارات استراتيجية تخدم مصالحهم الحيوية.. فتاريخهم في الشرق الأوسط زاخر بالخيانات والوعود الكاذبة والضحكات الصفراء في الوجه والطعنات القاتلة في الظهر.
لقد أيد البريطانيون الصهاينة وبدا لهم أن ذلك يمثل خير وسيلة لتكريس نفوذهم في فلسطين سنة 1917 غير أن المستعمرين البريطانيين أنفسهم عادوا يتوددون للعرب ويداهنونهم ذلك أن ألمانيا النازية أصبحت سنة 1939 تتهدد كامل منطقة الشرق الأوسط. إن السياسة الخارجية البريطانية لاتزال حتى اليوم حبيسة تلك القوالب الاستعمارية حيث لا شيء يعلو في علاقاتها بالدول العربية فوق الاعتبارات المصلحية والاستراتيجية. وبطبيعة الحال فإن ما كان يخدم مصالح بريطانيا وفرنسا كان يلحق أفدح الأضرار بمصالح الشعوب العربية التي لاتزال حتى اليوم تدفع ثمن تلك التركة الاستعمارية.
لقد درس جيمس بار التاريخ الحديث في جامعة أكسفورد كما عمل بالميدان السياسي في وستمسنتر في الوقت نفسه الذي كان يعمل فيه صحفيا في صحيفة ديلي تلجراف البريطانية. يهتم المؤلف بكشف النقاب عن خبايا الأمور التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط والأحداث التي كانت تدور حول شخصيات استعمارية محورية مثل جورج بيكو والبارون سايكس ونستون تشرشل علما أنه قد سافر عديد المرات لهذا الغرض عبر منطقة الشرق الأوسط وزار الكثير من البلدان العربية كما أنه مهتم بالتاريخ المعاصر في الشرق الأوسط والعالم العربي على وجه الخصوص.
في كتابه «خط في الرمل: الصراع الانجليزي - الفرنسي في الشرق الأوسط-1914-1918» يبرز جيمس بار الدور الذي لعبته القوى الاستعمارية في تشكيل الشرق الأوسط والعالم العربي وتمزيق أوصالهما لمصالحها ومن دون أي مراعاة لمصالح الشعوب.
صدر للمؤلف جيمس بار كتابه الأول سنة 2006 بعنوان «اشعال النار في الصحراء» مْىئ َد لاْمَّم مولا هَىلالامس وقد ركز فيه في سرد قصة تي ايتش لورانس والبعثة البريطانية التي كانت ترافقه عندما راح منذ سنة 1916 يجمع القبائل العربية في الخليج وقد أبدى المؤلف قدرة كبيرة على الغوص في المناورات والخداع الدبلوماسي الذي ساد تلك الفترة المهمة من تاريخ الشرق الأوسط والعالم العربي.
أما في كتابه الثاني «خط في الرمل: الصراع الانجليزي-الفرنسي في الشرق الأوسط-1914-1918»، فقد اختار المؤلف التركيز في خبايا الصراع المحتدم بين القوتين الاستعماريتين، بريطانيا وفرنسا على بقايا الامبراطورية العثمانية المتداعية وقد ركز على وجه الخصوص في الفترة الممتدة من الحرب العالمية الأولى حتى قيام إسرائيل في أرض فلسطين التاريخية سنة .1948
يقول المؤلف: «رغم أن بريطانيا وفرنسا كانتا في تلك الحقبة حليفتين من الناحية العملية فإن علاقاتهما كانت مشوبة بالتنافس والشكوك والريبة فيما يتعلق بالقضايا ذات الصلة بالشرق الأوسط والعالم العربي. لم تكن بريطانيا وفرنسا تأبهان لأمر الشعوب العربية أو اليهود أو استقرار منطقة الشرق الأوسط بقدر ما تسعيان لتحقيق مصالحهما وأهدافهما الاستعمارية المعلومة والخفية. لقد تسبب ذلك الصراع بين بريطانيا وفرنسا في زرع بذور الكثير من المشاكل والصراعات التي نشهدها اليوم.. لقد تسبب ذاك الصراع الاستعماري بين فرنسا وبريطانيا على وجه الخصوص في تأجيج الصراع العربي-الإسرائيلي الذي لايزال حتى اليوم يزعزع الأمن والاستقرار والسلام في منطقة الشرق الأوسط».
لقد ركز المؤلف في كتابه «خط في الرمل: الصراع الانجليزي-الفرنسي في الشرق الأوسط-1914-1918» في التعمق في المؤامرات العديدة التي حاكها البريطانيون والفرنسيون ضد بعضهم بعضا، هذه المؤامرات التي لعبت دورا كبيرا في تشكل خريطة الشرق الأوسط الحالية.
رغم أن الكثير من المؤرخين والساسة والصحفيين أسهبوا في التطرق إلى مثل هذا الموضوع فإن كتاب «خط في الرمل: الصراع الانجليزي-الفرنسي في الشرق الأوسط-1914-1918» حظي بالكثير من الإشادة وقدم إضافة مهمة لهذا الموضوع الذي طالما شكل مادة دسمة للعديد من الكتب. يعتبر كتاب «خط في الرمل: الصراع الانجليزي-الفرنسي في الشرق الأوسط-1914-1918» ثمرة جهد بحثي استغرق المؤلف عدة سنوات. لقد أنجز المؤلف جزءا من العمل في بريطانيا حيث يتوافر العديد من المصادر التاريخية كما أنه سافر إلى باريس للتنقيب في الأرشيف السياسي والعسكري الفرنسي. انتقل المؤلف أيضا إلى كل من لبنان وسوريا ومناطق أخرى عديدة من العالم كما أنه حصل على المساعدة من شخصيات أكاديمية معروفة مثل هنري لورانس إضافة إلى أبناء وأحفاد جورج بيكو الذي كان طرفا في معاهدة سايكس بيكو.
يتسم كتاب «خط في الرمل: الصراع الانجليزي-الفرنسي في الشرق الأوسط-1914-1918» بالثراء لأنه يمسح أكثر من نصف قرن كامل من التوترات الدبلوماسية والكثير من النفاق السياسي البريطاني والفرنسي.
ينقسم الكتاب إلى أربعة أجزاء تلاحق التسلسل الزمني الخطي للأحداث السياسية في الشرق الأوسط والعالم العربي. اختار المؤلف للجزء الأول عنوان: «مرحلة التقسيم 1915-1919» حيث لاحظ أن المصالح البريطانية والفرنسية في المنطقة العربية كانت في البداية متداخلة. خلال الحرب العالمية الأولى جعلت بريطانيا وفرنسا يجمعهما هدف رئيس ألا وهو القضاء على الامبراطورية العثمانية. عندما تحقق هذا الهدف راح المستعمرون البريطانيون والفرنسيون يتقاسمون ما تبقى من الامبراطورية العثمانية فيما بينهما.
لقد كانت المصالح «الحيوية» البريطانية في تلك الفترة تشمل الحفاظ على أمن قناة السويس والطريق إلى الهند إضافة إلى تأمين ضخ النفط العربي. منذ سنة 1912 قرر ونستون تشرشل أن يتم تزويد سفن البحرية الملكية البريطانية بالنفط بدل الفحم الحجري. لذلك فقد كان يتعين على البريطانيين السيطرة على الضفة الشرقية للبحر الأحمر وهو ما أصبح يعرف بالأردن والعراق.
أما المصالح الحيوية الفرنسية فقد كانت تخضع للتفسير الفرنسي لمفهوم الامبراطورية، حيث إن السلطات الاستعمارية الفرنسية كانت آنذاك تعتبر أن كل مستعمرة إنما تعتبر امتدادا لفرنسا الأم على غرار الجزائر وهو ما جعل المستعمرين الفرنسيين يعتمدون على تغريب الشعوب التي استعمروها وفسخ هويتها. كان للفرنسيين ايضا عديد المصالح التجارية على غرار صناعة الحرير كما أنهم استثمروا كثيرا في البنى التحتية في المنطقة. لقد سعى المستعمرون الفرنسيون أيضا إلى توطيد علاقتهم بالمسيحيين وتعزيز دورهم في لبنان على وجه الخصوص.
لقد تم التوصل إلى اتفاق بين الشاب البريطاني مارك سايكس والفرنسي جورج بيكو وقد ورد في الكتب التاريخية ما يلي:
«تنقل سايكس بإصبعه فوق الخريطة التي كانت موضوعة أمامه على الطاولة ثم قال: أود أن أرسم خطا هنا يمتد من ميناء عكا على حوض البحر الأبيض المتوسط إلى كركوك في العراق. يحصل الفرنسيون على المناطق الواقعة شمالي هذا الخط فيما تسيطر بريطانيا على المناطق الواقعة إلى الجنوب على أن يتم وضع مدينة القدس تحت إشراف دولي. أما في الولايات المتحدة الأمريكية فقد كان الساسة ينظرون لمفهوم «حق الشعوب في تقرير مصيرها» وهو ما يتناقض مع السياسات الاستعمارية البريطانية والفرنسية.
في رسالة بين ماك ماهون والشريف حسين، تعهد البريطانيون للعرب بأنهم في حالة التعاون معهم على القضاء على الامبراطورية العثمانية فإنهم سيتمكنون بعد ذلك من بناء الدولة العربية بأنفسهم. لذلك فقد تزعم تي ايتش لورانس (لورانس العرب) والأمير فيصل، ابن الشريف الانتفاضة العربية ضد الأتراك.
كان لدى البريطانيين خطة تتناقض مع الطموحات العربية ألا وهي وعد بلفور. لم يكن البريطانيون ولا الفرنسيون يحبذون فكرة وضع فلسطين تحت الاشراف الدولي غير أنهم يريدون في الوقت نفسه أن يتجنبوا الانتقادات الأمريكية. عندها طرح البريطانيون فكرة دعم هجرة الصهاينة إلى فلسطين وعملوا على تسويق ذلك وتصويره على أنه لا يتناقض مع فكرة «حق الشعوب في تقرير مصيرها» التي كانت الولايات المتحدة الأمريكية تدافع عنها بحكم أنها ليست دولة استعمارية، على عكس بريطانيا وفرنسا.
استوطن اليهود فلسطين وتقاسم البريطانيون والفرنسيون الشرق الأوسط، فحصلت فرنسا على لبنان وسوريا فيما آلت فلسطينو الضفة الشرقية (الأردن) والعراق إلى بريطانيا التي غنمت بذلك نصيب الأسد.
أما العرب - ورغم أنهم قاتلوا من أجل تحرير بلادهم - فإن بريطانيا تنكرت لهم وطعنتهم في الظهر. لقد قال أحد البريطانيين آنذاك معلقا على هذا الأمر: «لقد بعنا أصدقاءنا الصغار كي ندفع لأصدقائنا الكبار».
قال رئيس الوزراء الفرنسي متهما نظيره البريطاني لويد جورج: منذ اليوم الأول بعد الهدنة ووقف إطلاق النار شعرت بأنك تكن عداء كبيرا لفرنسا.
عندها رد عليه لويد جورج قائلا: «اعلم يا عزيزي انها سمة أساسية في سياستنا التقليدية». فعلا، لم تكد الحرب تحط أوزارها حتى احتدم الصراع بين بريطانيا وفرنسا وراحت القوتان الاستعماريتان تتبادلان الطعنات «تحت الحزام». لقد واجه الفرنسيون الكثير من المصاعب والتحديات في سعيهم لإخضاع السوريين للاحتلال لأن الحركات القومية هناك كانت تعلق آمالا كبيرة على توحيد الأمة العربية. ازدادت حدة التوتر بين القوتين الاستعماريتين: بريطانيا وفرنسا مع اكتشاف النفط بكميات كبيرة في شمال العراق.