مقالات
الانتقام يخترق أسوار المدارس!!
تاريخ النشر : الأحد ١٨ مارس ٢٠١٢
قبل عام وقعت حادثة مدرسة سار الثانوية للبنات التي بدأت باستفزازات مفتعلة داخل المدرسة بين الطالبات، وانتهت بفوضى عارمة وحالة هلع تدخل فيها محافظ الشمالية وأولياء أمور ودخلاء على المنطقة كادت أن تودي -من شدة ترهيبها- بحياة مديرة المدرسة الأستاذة نادية الدوسري المستهدفة بتلك الحادثة لولا لطف الله بها وبالمعلمات معها.. فكان خروجهن بالتهريب من حلق الضيق أشبه بالمعجزة الإلهية!! ولعمري ان أولئك المربيات الفاضلات يتجرعن مرارة الجرح النفسي والمهانة من هول ما فاجأهن وعدم اتخاذ موقف حاسم مع المتسببين في تلك الحادثة على الرغم من اتخاذ الوزارة قرارا بنقل مديرة المدرسة للتهدئة!
هذه السنة يتكرر السيناريو نفسه، ولكن مع مديرة مدرسة الدير الابتدائية للبنين الأستاذة عائشة هلال، فبعد تكوين لجنة أهلية في قرية الدير بمحافظة المحرق دعت إلى تغييب الطلبة عن المدرسة في لفتة احتجاجية، وإصدار بيان من لجنة الخدمات بجمعية الوفاق الإسلامية تتهم فيه المديرة «بتحويل المدرسة إلى ثكنة عسكرية والإيقاف التعسفي لعدد من التلاميذ فضلا عن تسببها، إبان السلامة الوطنية، في سجن وفصل ثمانية من المعلمات وممرضة صحة مدرسية واختصاصية موهبة وتفوق». بحسب ما ورد في ذاك البيان المؤرخ في ؟؟مارس ؟؟؟؟، انتهى الحال بوزارة التربية إلى نقل المديرة إلى مدرسة أخرى، وأيضا للتهدئة!!
وكأقلام صحفية مهنية تثير قضايا المجتمع وتنبه إلى ما قد يكون غائبا عن الذهن من أبعاد - تعليقنا قد يمتد مقاله لهول وعظمة مقامه، فنرجو أن يتسع صدر الوزارة وأولياء الأمور والمعلمين لنا.
ففي الوقت الذي شكرنا فيه وزارة التربية وعلى رأسها المربي الفاضل وأستاذي القدير الدكتور ماجد النعيمي على القرار الشجاع بفتح باب التطوع للتدريس وتقويض مخططات شل الحراك التعليمي كما كانت تريد له أن يتحقق جمعية المعلمين التي تم حلها بعد مخالفتها للقوانين.. نفاجأ اليوم بتراخي الوزارة مع مخططات أشد وطأة ومكارثية على الأجيال الناشئة! إذ كيف تتم الاستجابة لمطالب جمعيات سياسية ولجان أهلية مقصدها كما هو ظاهر للعيان وفي البيان ممارسة الانتقام والتشفي بالعاقبة!! هل نسمح لمصائر الأبناء أن تتحول لعبة بيد سماسرة السياسة!! ثم ماذا عن تبعات قرار نقل مديرة المدرسة بهذه السرعة في التنفيذ والاستجابة،ألن يشجع ذلك على التمادي أكثر في إرغام الوزارة على تلبية مطالب وأوامر هدفها على المدى البعيد فصل وعزلة الأجيال في المدارس وفقا للتمييز المذهبي، وبالتالي بعد أن ينجح العزل والفصل في المدارس يجد طريقه معبدا في المستشفيات والمناطق السكنية وحتى الوظائف وننتهي بتكوين دولة داخل دولة!!
البعض قد يجد في كلامي مبالغة في الطرح وتهويلا في الأمر، لكن وظيفتي المهنية تحتم أن أكشف عما هو أبعد من الحاضر وأنبه إلى خطورته!
ثم الكلام موجه إلى أولياء الأمور بمن فيهم لجنة الدير الأهلية: ما الذي ستترقبونه من أبنائكم أن يردوه عليكم في المستقبل من أدب واحترام وأنتم تحثونهم منذ نعومة أظفارهم على عصيان معلميهم والصراخ في وجوههم وعدم طاعتهم!
للمعلم خصوصية في الاحترام والتقدير مستمدة من قدسية مهنته، ومخز جدا النيل من كرامة معلم ومحو سجله من دون التحقق فيما يوجه إليه من اتهامات من دون دليل وبرهان. فكم معلمة كانت أما بديلة لطالباتها وكم من معلم مرشد روحي لطلبته. فعن نفسي وأبناء جيلي لم نكن ننظر إلى معلماتنا إلا نظرة التوقير على اختلاف جنسياتهن ومذاهبهن. لا أستطيع أن أنكر فضائلهن يوما وكم يراودني شعور بالاعتزاز أن تصادفني إحداهن ويكفيني منها أن تتذكرني بالاسم وتخصني بالثناء، فهذا يعني أني لم أخذلها ولم يذهب جهدها معي سدى. والكلام ينطبق أيضاً على أساتذتي بالجامعة أيضا.
أتمنى فعلا من وزارة التربية وهي تمضي قدما في تنفيذ مبادراتها التطويرية لتطوير التعليم أن تتنبه أولا إلى صحة العلاقة القائمة بين الهيئتين التعليمية والطلابية في كل المدارس والجامعات، وألا تسمح مجددا في لحظة إذعان وتراخ بتكرار سيناريوهات مرفوضة عند الغالبية لما تهدف إليه من انتقام وتفتيت نسيج مجتمعي وصولا بتطبيقها مخطط الفصل والعزل إلى بناء دولة داخل دولة.
اللهم إني بلغت..
للتواصل مع الكاتبة على التويتر missajnadjew@