يوميات سياسية
ماذا يقول الإيرانيون عن حماس؟
تاريخ النشر : الاثنين ١٩ مارس ٢٠١٢
السيد زهره
تحدثت بالأمس عن وجهة نظر بعض المحللين الذين يرون ان التصعيد الأخير في غزة تقف وراءه إيران، وان السبب في ذلك هو الغضب الإيراني من المواقف التي اتخذتها الحركة في الفترة القليلة الماضية، وخصوصا فيما يتعلق بسوريا، والتي نأت فيها بنفسها عن المواقف الإيرانية.
ومن المهم للغاية ان نتأمل المواقف التي عبر عنها الإيرانيون في الفترة الماضية تجاه حركة حماس وإزاء مواقفها الأخيرة هذه. ما يقوله الإيرانيون بهذا الصدد مهم ليس فقط لفهم أبعاد هذه القضية في حد ذاتها، ولكن أيضا لأنه يعتبر تجسيدا للتفكير الإيراني في قضايا المنطقة، وللطريقة التي تتعامل بها إيران مع القوى التي من المفترض ان تكون حليفة لها.
ولقد تابعت في الأيام الماضية عددا كبيرا من التصريحات الرسمية ومن الكتابات الإيرانية حول مواقف حماس الأخيرة، وسأقدم فيما يلي نماذج لما يقولون.
الكاتب الإيراني حسن هاني زاده، وهو مسئول في وكالة »مهر« الإيرانية للأنباء، كتب مقالا طويلا نشره احد المواقع الإيرانية، شن فيه هجوما عنيفا على حماس ومواقفها وقادتها، وصل الى حد التسفيه والتجريح.
يقول الكاتب ان حركة حماس أثبتت بمواقفها الأخيرة أنها »ناكرة لجميل إيران« عليها، وفعلت هذا في وقت صعب. ويزعم ان إيران دفعت في السنوات الطويلة الماضية ثمنا فادحا جدا بسبب دعمها لجماعات المقاومة الفلسطينية وخصوصا حركة حماس.. دفعت ثمنا سياسيا واستنزفت مواردها في سبيل ذلك. ومع هذا، يعتبر ان حماس تنكرت لهذا الجميل.
ويشن الكاتب هجوما عنيفا على إسماعيل هنيه بسبب المواقف التي أعلنها مؤخرا. ويشير مثلا الى انه عندما كان هنيه يتحدث في الجامع الأزهر، هتف المتظاهرون »لا إيران ولا حزب الله«، وكل ما فعله هنيه انه ابتسم وصمت، وهو ما يعني تأييده لهذا الهتاف.
ويقول الكاتب: »إذا كان هنيه يعتقد ان الربيع العربي هو وقت لأن يغني كما المخمور، وينسى أصدقاءه القدامى، فانه يرتكب خطأ تاريخيا، لأن قادة النظم العربية لم يكونوا ولن يكونوا أبدا أوفياء للشعب الفلسطيني«.
صحيفة »كايهان« الإيرانية المقربة من المرشد خامنئي، شنت بدورها في أكثر من مقال هجوما عنيفا على حماس وقادتها.
في احد المقالات هاجمت خالد مشعل بعنف شديد، وقالت انه »يستمتع بالحياة المرفهة المريحة« خارج فلسطين. هاجمت مشعل بهذا الشكل لمجرد انه اظهر استعدادا للمصالحة مع حركة فتح، واعتبرت انه بهذا الموقف سمح للسعودية وقطر باستغلاله.
وفي مقال آخر، اعتبرت »كايهان« ان مواقف حركة حماس الأخيرة تندرج في إطار ما أسمته مؤامرة بين أمريكا وقطر لتصعيد الأنشطة المعادية لإيران في المنطقة.
حسن شيخ الاسلام، السكرتير العام لمؤتمر دعم الانتفاضة ومستشار رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني، انتقد بشدة في مقابلة صحفية الموقف الأخير لحركة حماس من سوريا، وقال انها اتخذت هذا الموقف رضوخا للدول العربية.
واعتبر ان هذا الموقف يعبر عن نكران لجميل سوريا وإيران على الحركة. وقال ان حماس بانضمامها الى المعسكر المعادي لبشار الأسد يمكن ان تؤذي مصلحة إيران الإستراتيجية في الحفاظ على »محور المقاومة«.
محمد إيراني، سفير إيران السابق في الأردن ولبنان، كتب مؤخرا مقالا في احد المواقع الإيرانية، ندد فيه بدوره بحركة حماس ومواقفها.
في المقال، ينتقد بشدة قيام قادة حماس في الفترة الماضية بجولات زاروا خلالها الدول العربية »الموالية للغرب«، والتي تتخذ موقفا معاديا للأسد. ويعتبر أنهم يفعلون هذا في محاولة للتأقلم مع البيئة الجديدة في المنطقة في ظل الربيع العربي، وخصوصا بعد صعود الإسلاميين في مصر وتونس، أي انها تريد إعادة تشكيل تحالفاتها في المنطقة.
وانتقد توقيع اتفاق تشكيل حكومة الوحدة الوطنية بين فتح وحماس في قطر، واعتبر ان عباس ومشعل بتوقيعهما الاتفاق في قطر، أكثر الدول معاداة لسوريا كما يقول، يعني ان كل ما يهمهما هو ان يكون لهما وزن ودور إقليمي، أكثر من اهتمامهما بمصير القضية الفلسطينية.
تعمدت ان أورد هذه النماذج لما يقوله وما يكتبه الإيرانيون هذه الأيام عن حركة حماس وقادتها لندرك الى أي حد وصل غضبهم وانتقاداتهم للحركة وقادتها والى حد التجريح لمجرد أنهم اتخذوا مواقف لا ترضى عنها إيران.
لنلاحظ انه قبل أسابيع قليلة فقط، كان الإيرانيون يكيلون المديح والإشادة بلا حد لحماس، ويتحدثون عن قادتها كأبطال.
كيف نقرأ هذا الموقف الإيراني؟.. ما الذي يعنيه بالضبط؟
للحديث بقية بإذن الله.