قضايا و آراء
بعد الإمارات.. «الإخوان» بين المسئولية والمساءلة
تاريخ النشر : الاثنين ١٩ مارس ٢٠١٢
أعجبتني إحدى تغريدات القائد العام لشرطة دبي الفريق ضاحي خلفان (أبو فارس) التي أرسلها لي قائلا: «لا أريد التحدث عن إمارات العطاء.. لكن لسنا لا نملك إلا الفلوس.. نملك العطف والرحمة والإحسان».
وأضاف: ماجد: «يقول الشيخ القرضاوي ان لدينا فلوسا وشايفين حالنا.. ولا كأن لدينا شيئا عملناه.. «نور دبي» مشروع علاج فاقدي البصر عالج حتى الآن ستة ملايين شخص».
ماذا بعد ذلك يا اخوان؟ هل دولة الإمارات تستأهل منكم هذا الهجوم الشرس الذي نال حكامها ومواطنيها؟ إلا تعلمون إنها دولة خير وعطاء دولة زايد بن سلطان رحمه الله؟
كان من أولى أولويات تياركم المحسوب على نظرية «الإسلام السياسي» تهذيب أيديولوجياته المبنية سابقا على العمل السري، والأخذ بمرتكزات العمل الشفاف المبني على العدالة والحق، بعيدا عن التمييز والاصطفاف الذي مورس أكثر من نصف قرن مضى ضد الناطقين بالشهادتين، وخاصة أنكم اليوم وصلتم إلى كرسي «عزيز مصر» بعد ثورة 25يناير وهي «ثورة الشعب المصري بكل طوائفه ومذاهبه» وليست ثورة الإخوان.
ولا يغيب عن بال احد ان هذا هو أول امتحان للتيار الاخواني، سقط في المحظور، وأدى سقوطه إلى خسارة بورصة مصر 9 مليارات جنيه، كما جاء ذلك في صحيفتي «البلد» و«الوفد» الصادرتين في 13 مارس الجاري.
هذه هي نتيجة الأثر السيئ الذي تركه اثر محاولة بعض رموزه النيل من استقرار دولة ذات سيادة، وكنتيجة خلط الأوراق الفاشلة، فقد سقطت من بعض رموزه الأقنعة الزائفة.
وعلينا ان نتذكر، إن الخلاف الذي بات يؤرق أروقة ودهاليز السياسة في أنظمة الحكم بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ليس نتيجة القرار الذي اتخذته دولة الإمارات بترحيل مجموعة من المخالفين لقوانينها، فهذا قرار لا خلاف عليه وهو قرار سيادي، لكن الخلاف ينبع في كيفية احتراز هذه الأنظمة للأخطار التي تتهددها ان كان ذلك ضمن «تيار الإخوان» أو «السلفية الجهادية» أو «التيارات الإسلامية الشيعية» أو غيرها، وطريقة معالجتها للإفرازات الخفية لها، التي ظهرت في صور رموز «تيار الإخوان» كما سبق ذكره.
لنفترض بحسن نية ونسأل انفسنا.. لماذا اختلق الإخوان من لا شيء قضية ضد دولة الإمارات؟ وهل هذا الاختلاق يعبر عن شعور بالمرارة يكنه الإخوان في نفوسهم بعد أن أعلن الفريق ضاحي خلفان منذ أسابيع في البحرين تصنيفهم كخطر محدق على أنظمة دول مجلس التعاون؟
أمام هذا المشهد الساخن يكفي ما نشاهده من مزايدات، فقيادات الإخوان يعلمون أن مريديهم في دول الخليج العربية لا يعتبرون أغلبية، بل هم فئة من ضمن المكون الاجتماعي المختلط بالعديد من التيارات الدينية السنية والشيعية والمدنية، وهذا يجب أن يكون سببا في ترك التصعيد، والركون إلى لغة العقل.
في تقديري والاهم، ان الموقف الموحد الذي اعلنته دول الخليج بالتنديد بتصريحات الناطق الرسمي باسم الاخوان في مصر محمود غزلان هو اقل ما يمكن أن يُفعل، حيث لا بد من القيام بإجراءات جماعية لكسر لغة التطرف التي تسعى لشق الصف العربي، والتي وصفها بيان مجلس التعاون بأن تلك التصريحات «مستهجنة وغير مسئولة ».
وخلاصة الأمر، فان الارتقاء بالمسئوليات من جانب إخوان مصر يعد ضرورة بعد الموقع السياسي الذي وصلوا إليه في بلادهم، فكل خطوة صغيرة كانت أو كبيرة أصبحت محسوبة عليهم، وان المناورات، لا يمكن لها أن تنجح مع دول الخليج العربية، فالمستور أصبح منشورا.
لذلك، كان عليهم إن يطلقوا تصريحاتهم وأسلحتهم النارية ضد إسرائيل، فهم مطالبون حاليا أمام الشعب المصري بأن يثبتوا مصداقيتهم، فهم مسئولون ومساءلون أمام الله وعباده.
* عضو هيئة المجلس العالمي للصحافة