الجريدة اليومية الأولى في البحرين


عالم يتغير

الربيع العربي وأمريكا:

3 - لماذا المدربون صهاينة؟

تاريخ النشر : الثلاثاء ٢٠ مارس ٢٠١٢

فوزية رشيد



} لم يتوقف الأمر عند المنظمات الأمريكية وعلى رأسها (فريدوم هاوس) التي دربت الشباب العرب، ليتحولوا بين ليلة وضحاها الى نشطاء سياسيين والى محركي أحداث في بلدانهم ونجوم فضائيات ودول حسب التوجيهات والتعاليم الأمريكية، وتحت عنوان اتضح الهدف منه (دورات تدريبية عن الديمقراطية وتطبيقها) انما المسألة مستمرة حتى كتابة هذه السطور، وربما الى أمد بعيد، حيث لايزال هناك نشطاء يتم توجيه الدعوة اليهم فيسافرون للتدريب أو لمزيد من التدريب، ووجهات السفر لا تقتصر على أمريكا وانما سويسرا واستراليا وجنوب افريقيا ودولة خليجية ودول عديدة أخرى في العالم تتوافر فيها انشطة تلك المنظمات الصهيونية الأمريكية، ونقول صهيونية ليس هكذا، وانما للغرابة أن غالبية المدربين فيها هم يهود صهاينة، وربما إسرائيليون تحديدا من حملة الجنسيات الأخرى المزدوجة! وحسب ما ورد على لسان الناشطة المصرية (تدربت على يد يهود في أمريكا لقلب نظام الحكم في مصر). وتضيف: (بعد ما سافرت الى... - وتذكر عاصمة البلد الخليجي - وجدت نفس البرنامج بس كان مكثفا في 4 أيام، وكنا جنسيات مختلفة من الشباب، والذين كانوا يدربوننا يهود أيضا، - وتعود لذكر اسم البلد الخليجي -... إسرائيليين.. شعرت أنها منظمات صهيونية مشبوهة، والمخابرات الأمريكية والموساد، ثم بحثت عن المؤسسة فعرفت) أي أنها تأكدت مما حدست به عبر البحث.
} (نحن شباب لدينا مطالب فقر وبطالة ومستشفيات ومياه ملوثة... كثير مما لا يعجبني في اداء الحكومة في مصر، أنا أريد أن أغير، ولكن لا أريد أن أخرب وأكسر وأحرق بيتي لكي أغير).
هكذا تعبر الناشطة عن كيفية اصطياد تلك الجهات الأمريكية لرغبات التغيير لديها ولدى الشباب العربي، لتحويلهم بها الى عناصر تخريب وتكسير وتدريب على السلاح وعلى الحرق وعلى اسقاط الأنظمة.
وجميع تلك المعلومات على لسان إحدى المتدربات وسط مجموعة كبيرة أخرى من المتدربين العرب، واعتراف على الشاشة مع تغطية الوجه الكترونيا لاصابتها بالجزع والخوف من نتائج اعترافها هذا.
تسألها المذيعة:
ماذا كان يقول لكم الإسرائيليون المدربون؟
تجيب: (يسألوننا عن تفاصيل الحياة المصرية، ويوجهوننا للتركيز على طلبة الجامعة والتواصل معهم، ويقولون لنا هذا هو الجيل الذي سيغير، شباب الجامعة وشباب الثانوية، وكيف نعمل ائتلافا وكيف نأخذهم على الفيس بوك، وكان معانا شباب من (الإخوان المسلمين) في مصر تدربوا معنا على كل هذا، وعلى يد نفس المدربين.
وتضيف: حادثة القديسين بالإسكندرية كانت مدبرة، أياد خارجية لعبت. دخلوا وخططوا في بلدنا، هناك مخطط كبير جدا ضد مصر. أنا مستعدة للمساءلة أمام الجهات المصرية الأمنية).
} تعمدنا سرد ما قالته تلك الناشطة المصرية، وذلك لأن ذات التدريب يتلقاه كل الشباب العرب الآخرين بما يخص بلدانهم، للقيام بذات الدور واتباع ذات التوجيهات والخطوات في كيفية تحريك الأحداث، واطلاق الشرارة الأولى، لمسار قد لا يتمكن القابعون في غرف المتابعة في أمريكا، من التحكم في كل اتجاهاته، ولكنهم يعرفون أنهم حين يشعلون الفوضى، بالامكان التدخل في اذكاء نيرانها متى ما ارادوا وخاصة عبر منظماتهم العميلة غير الحكومية، وخاصة أيضا أن الكوادر المتدربة هي كوادر تتواصل في تلقي التدريبات، تحت وهم التغيير الايجابي وتصدير الديمقراطية، على طريقة الفوضى الامريكية، وتحديدا في بلدان عربية أوضاعها المعيشية مأساوية، ولكن هذا لا يعفي تلك الفوضى من أن تعمل بأساليب أخرى في بلدان تعتبر من بلدان الرفاهية كالخليج العربي، الذي أريد أن يكون المدخل إليه الباب البحريني.
} أما لماذا المدربون صهاينة؟ لأن أهم وأخطر المؤسسات الأمريكية الاستراتيجية والسياسية والاعلامية والحقوقية والقانونية، وخاصة تلك المتعلقة بالتدخل في دول العالم تحت مسميات زائفة تعلنها عن نفسها المنظمات التابعة هي في حقيقتها واقعة تحت الإمرة، وتحت التخطيط الصهيوني العالمي، بما فيها كيفية التحكم في الشعب الأمريكي نفسه. أي في النهاية المتحكمون في مسار المتغيرات واللعبة الدولية هم أصحاب أو رؤوس (المنظمات الماسونية ومنظمات الصهيونية العالمية) والمراكز أو الجمعيات السرية التابعة لها، وفي هذا كتب وتقارير وتحاليل كثيرة صادرة عن الدول الغربية وأمريكا نفسها.
} سؤال آخر لافت يطرح نفسه حول ما قالته الناشطة المصرية إن هناك شبابا من الإخوان المسلمين المصريين يتلقون التدريب أيضا، وبقدر ما ندرك أن المدربين يعرفون الأهداف الخفية وراء تدريب هؤلاء مثلا نتساءل ان كان أولئك الشباب من هذا التيار يعرفون حقيقة تلك المنظمة وغيرها، وأن إسرائيليين هم من يدربونهم، وأن المسألة ليست تدريبا على الديمقراطية التي لم يكن تيارهم يعترف بها حتى وقت قريب؟ ولماذا أمريكا تحديدا هي من تدربهم؟ ولعل هذا يطرح بعض الأسئلة حول حقيقة تلقي شباب التيارات الدينية المختلفة التدريب الأمريكي رغم عدائهم المعلن لأمريكا ولإسرائيل بالطبع؟
فاذا كنا ندرك بعض الخلفيات والاسباب خلف توجه الشباب والكوادر الشيعية في البحرين والخليج، لتلك التدريبات من المنظمات الدولية ذاتها، فان الإخوان المسلمين في مصر الذين كانوا يتدربون مع الناشطة المصرية التي استعارت اسم (شيماء) هل هم نماذج مصرية فقط أم كان يوجد من ذات التيار من بلدان عربية أخرى حسب تصنيف جنسية المتدربين؟ وهنا نحن نتساءل فقط.
} ان المنظمات الأمريكية أو الصهيونية التي اخترقت الكثير من الدول العربية تحت مسميات ديمقراطية وحقوقية هي كثيرة، ودورها بعد ما يسمى الربيع العربي بات مكشوفا بل مفضوحا، وما حدث من انكشاف تدخلها في تحريك وتوجيه ودعم وتمويل بعض شباب وتيارات مصر ومؤسساتها المدنية، اتضح حجمه بقدر حجم الضغط الأمريكي على السلطة المصرية والقضاء المصري، والغريب أن السلطات المصرية استجابت لتلك الضغوط ورحلتهم، ولكن ورغم حجم الانكشاف والانفضاح فانها تتصرف تحت ذات القضاء المزيف، وتتدخل في شؤون العديد من البلدان بذات الطريقة وبينها الشأن البحريني، مستندة الى سياسة الضغط الأمريكي نفسه في العالم، وحيث أصبح اليوم اللعب بقضايا المنطقة العربية على المكشوف، حتى لو كان هناك عميان كثيرون، أو نماذج كثيرة تمارس لعبة القرود الثلاثة مع نفسها (لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم) أو لاتزال تستهويها تلك اللعبة.
} أما مصدر الاثارة الحقيقية الى جانب زواج المتعة الأمريكي - الايراني بما يخص استغلال الورقة الشيعية في البحرين والخليج العربي مثلا، فهو أمر تلك الدولة الخليجية، التي دخلت اللعبة من أوسع أبوابها حتى أصبحت جهة تدريب للشباب لاسقاط أنظمة بلدانهم بما فيها الأنظمة الخليجية، فيا ترى ما هو الوعد الذي تم قطعه لها، لكي تقبل باشاعة الفوضى حتى في بلدان خليجية هي جزء من منظومتها وتعتقد بعدها أن وضعها وحده سيبقى متماسكا حتى النهاية، في حال انهيار كل ما حولها؟ هل تعتقد أنها ستحكم مخطط «البحرين الكبرى» حسب نيات أتباع الولي الفقيه مثلا؟ أم أنها ستتحول الى دولة اقليمية عظمى وسط الخراب العربي، خاصة مع تصريحات بعض الاستراتيجيين الأمريكيين بأن مقياس التصنيف للدول العظمى لم يعد المساحة أو عدد السكان وانما الاعلام والثروة المالية؟
هل هو فخ يشبه الفخ الذي تم نصبه لصدام العراق فكان بداية الانهيار العربي؟ هل الثقة مطلقة الى هذا الحد باللاعبين الماسونيين والصهاينة الكبار، الذين أثبت التاريخ وأثبتت الوقائع والأحداث أن صديقهم الوحيد والمؤكد هو مصالحهم للهيمنة على العالم؟
لا نقول في أمر ذلك إلا أن لله في خلقه شؤونا، وليس ببعيد الوقت الذي فيه تتضح المآلات والنهايات الكلية للطبخة الكبيرة فيما يسمى الربيع العربي، الذي تم ويتم فيه استغلال التطلعات والطموحات الشعبية العربية أبشع استغلال من قوى التحكم الدولي.
وللحديث صلة.