المال و الاقتصاد
العقوبات تضع إيران أمام مأزق دفع الفواتير
تاريخ النشر : الأربعاء ٢١ مارس ٢٠١٢
واشنطن ـ رويترز: الايرانيون مثل غيرهم من شعوب العالم لا يمكنهم الاستغناء عن حفاظات الاطفال، وأقام الامريكي فريد هارينجتون تجارته على بيع المواد الخام التي تستخدم في صناعة الحفاظات للايرانيين.
ويقول هارينجتون وهو من منطقة ردموند في واشنطن انه يصدر إلى إيران بموجب تصريح لاغراض انسانية أصدرته وزارة الخزانة الامريكية، وان الديون المستحقة له لدى شركات ايرانية تصل إلى 3,8 ملايين دولار لكن لا يمكن للشركات دفع المبلغ له بسبب العقوبات التي فرضها الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة على إيران في الاونة الاخيرة، ومشكلة هارينجتون ليست فريدة من نوعها.
وتواجه شركات أمريكية بدءا من شركات تصنيع الادوية مثل (ميرك اند كو) إلى شركة اميركان بالب اند بيبر التي يملكها هارينجتون صعوبات في الحصول على أموالها مقابل أدوية وصادرات انسانية أخرى تسمح بها وزارة الخزانة وفقا لمسؤولين ومحامي العقوبات والشركات.
وقالت كاري ستاينباور وهي محامية دولية في التجارة لدى شركة كروويل اند مورينج القانونية ومقرها واشنطن ومستشارة سابقة في مكتب مراقبة الاصول الاجنبية في الوزارة «كل شيء من الاسبرين إلى الفيتامينات - أي شيء - كلها عالقة».
وتمثل مشكلة المدفوعات اختبارا لفعالية أحدث جولات العقوبات المالية التي فرضت على إيران بهدف اجبار الجمهورية الاسلامية على وقف برنامجها النووي. وجعلت العقوبات قطاع البنوك الايراني معزولا بشكل أكبر عن البنوك العالمية الكبيرة.
لكن المشكلة تلقي أيضا بظلال على ما تقوله الولايات المتحدة منذ وقت طويل بأن العقوبات التي تفرضها على إيران لا تهدف إلى تضييق الخناق على الشعب الايراني وانما قادة الجمهورية الاسلامية ومسعاهم المثير للجدل لامتلاك أسلحة نووية.
وقال هارينجتون «لست ضد معاقبة إيران لكونها دولة مارقة لكن الولايات المتحدة أو الاوروبيين يجب أن يفكروا في شركاتهم نفسها قبل البدء في فرض عقوبات».
واضطر هارينجتون - وهو أمريكي من أصل ايراني وغير اسمه من فرهد فروحي - إلى تسريح ثلاثة من العاملين لديه في فبراير بسبب تأخر المستحقات لينخفض بذلك عدد موظفيه من سبعة إلى أربعة.
وعلى الرغم من أن قانونا أمريكيا جديدا يستهدف المؤسسات المالية التي تتعامل مع البنك المركزي الايراني حظي باهتمام كبير فإن محامي عقوبات قالوا ان قرارا اتخذ يوم 23 يناير بضم بنك ايراني إلى قائمة سوداء أحدث تأثيرا أسرع وأكثر حدة على تجارة المواد الانسانية.
وكان «بنك تجارت» الايراني قد أضيف إلى قائمة سوداء بموجب أمر تنفيذي أمريكي يستهدف الاشخاص أو الشركات التي تروج لانتشار أسلحة الدمار الشامل وكذلك الشبكات التي تدعمها.
وتسببت الخطوة في عزل هذه الشركات عن النظام المالي الامريكي كما عزلت أي بنك يتعامل معها، وتجد العديد من البنوك أن من المستحيل المجازفة بهذا الامر.
وأدرجت وزارة الخزانة الامريكية على مدى السنوات الخمس الماضية 23 كيانا لها صلة بايران للقائمة السوداء لتضيّق بذلك الخناق على قدرة إيران على اقامة علاقات تجارية مع العالم.
وقال محامون في العقوبات ان اضافة «بنك تجارت» إلى القائمة السوداء كان له تأثير كبير لانه كان اخر بنك ايراني كبير متاح لاقامة علاقات تجارية مع إيران من خلاله. وبعد اضافة البنك إلى القائمة السوداء تضطر الشركات الان إلى التعامل مع بنوك أصغر لايجاد بعضها الذي يمكنه اجراء هذه التحويلات.
وقال دوجلاس جاكوبسون وهو محام في واشنطن يركز على العقوبات «من ناحية يمكن الحصول على تصريح. وتقول الحكومة: حسنا يمكنك البيع لكن الحقيقة العملية هي أنه لا يمكنك الحصول على أموالك».
وأضاف المحامي أن مستحقات أحد موكليه وصلت إلى مئات الالاف من الدولارات بسبب ادراج «بنك تجارت» على القائمة السوداء، وأنه يعرف العديد من الشركات الطبية التي أوقفت التصدير إلى إيران بسبب مشاكل الدفع.
وقال ايريش فيراري وهو محام اخر في مجال العقوبات «كانت أمامك نافذة صغيرة للفرص في السابق لكن هذه النافذة أغلقت الان بالكامل».
وقال محامو العقوبات ان قرار خدمة سويفت جمعية الاتصالات المالية بين البنوك في انحاء العالم - ومقرها بلجيكا - طرد كل البنوك الايرانية التي أدرجها الاتحاد الاوروبي على القائمة السوداء قد يزيد من صعوبة اجراء التحويلات.
وشددت الولايات المتحدة تدريجيا من صرامة العقوبات بسبب عدم استجابة إيران للرد على أسئلة حول برنامجها النووي الذي تشتبه واشنطن وحلفاؤها في الغرب في أنه غطاء لتطوير أسلحة نووية لكن إيران تقول انها لا تهدف الا إلى توليد الكهرباء.
وأصبحت العقوبات أكثر صرامة بكثير منذ أقر الرئيس الامريكي باراك أوباما قانونا لتضييق الخناق على مبيعات النفط الايرانية عن طريق التهديد بعزل البنوك الاجنبية عن النظام المالي الامريكي اذا تعاملت مع البنك المركزي الايراني.
وقالت شركة ميرك اند كو - وهي ثالث أكبر شركة للادوية في العالم - ان لديها تصاريح لبيع أدوية السكري والسرطان وأمراض الجهاز التنفسي والالتهابات لايران.
وأقرت شركة فايزر أكبر شركة لتصنيع الدواء في العالم بوجود تحديات في الحصول على مستحقاتها المالية مقابل المبيعات الايرانية، وقالت انها ستعمل على حل هذه المشكلة. ولم تقدم فايزر وميرك أي تفاصيل.
وقال مسؤول في وزارة الخزانة الامريكية طلب عدم ذكر اسمه ان موقف الوزارة من صادرات المواد الانسانية لايران لم يتغير، لكنه لم يواجه بشكل مباشر تساؤلات بشأن صعوبة حصول الشركات الامريكية على المدفوعات.
وأضاف المتحدث «لم تنخفض الطلبات المقدمة إلى مكتب مراقبة الاصول الاجنبية لتصدير المواد الانسانية إلى ايران.. ولم تغير العقوبات التي فرضت في الاونة الاخيرة على إيران من موقفنا من تصدير الغذاء والدواء والاجهزة الطبية لايران».
وتحظر الولايات المتحدة فعليا كل أشكال التجارة مع ايران. وقطعت واشنطن علاقاتها الدبلوماسية مع طهران في عام 1980 بعدما سيطر طلبة ايرانيون على سفارتها في طهران واحتجزوا 52 رهينة أمريكيا مدة 444 يوما. وصدرت الولايات المتحدة بضائع لايران بقيمة 229,5 مليون دولار فقط العام الماضي.
ويستغل هارينجتون ثغرة في القانون الامريكي الذي يحظر تصدير الحفاظات إلى إيران لكنه لم يمنع تصدير المادة الرئيسية التي تستخدم في تصنيعها.
وكانت مبيعات شركة هارينجتون قد وصلت العام الماضي إلى 26,6 مليون دولار بينها 70% تقريبا مبيعات لايران.
وكان تأثير العقوبات على شركة هارينجتون كبيرا إلى الحد الذي دفعه إلى كتابة خطاب إلى الرئيس الامريكي باراك أوباما يوم 29 فبراير قال فيه ان العقوبات الامريكية الاخيرة على إيران أوقفت فعليا تجارتنا بين عشية وضحاها.
وأضاف هارينجتون «نثمن تعليقاتكم وأي مقترحات لما يمكننا فعله عند هذه النقطة.. ومن وجهة نظرنا يبدو أنه ليس أمامنا ما نفعله سوى غلق أبوابنا». واقترح هارينجتون اتاحة فترة سماح للانتهاء من تحصيل المدفوعات المستحقة لكن لم يصل إليه رد.
وقال «لم نتلق أي رد فعل ولا أتوقع ذلك.. لقد صمّت واشنطن أذنيها ولا تسمع شيئا».