قضايا و آراء
دفاعا عن ثقافة الفرح
تاريخ النشر : الخميس ٢٢ مارس ٢٠١٢
من الأمور المحزنة التي تدخل الغم على القلب أن يظهر لنا من بين الذين انتخبناهم واخترناهم ليمثلونا في البرلمان من يعلن الحرب على الثقافة هذا الكائن الصغير والجميل الذي يزين البحرين ويعطيها لمسة من الجمال خارج سياق المولوتوف الذي يخنق حياتنا منذ أكثر من عام ضمن الحرب «السلمية» التي تقودها جحافل «اللوفرية».
ومن المحزن أيضا أن يقود إمام مسجد تظاهرة بمشاركة مجموعة من المراهقين طالبت بإلغاء فعاليات ربيع الثقافة قبل انطلاق الأمسية الموسيقية التي أقامها مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث ضمن فعاليات ربيع الثقافة بذريعة الأوضاع في سوريا وتهديدهم بالدخول بالقوة إلى المركز لإيقاف الأمسية.
ومن المؤسف حقا والمؤلم أن نجد من يعلن حربا لا معنى لها ضد الثقافة على أسس لا يمكن القبول بها بأي شكل من الأشكال مثل أن الأموال المخصصة للثقافة الأولى أن يتم تخصيصها للخدمات الأخرى، ومنها القول إن الكثير من برامج وزارة الثقافة تتضمن الموسيقى والأغاني والفرق الفلكلورية التي تعبر عن الفرح، وهذه أمور غير مطلوبة من وجهة نظرهم، وهذان أمران لا أساس لهما في واقع الأمر وذلك للاعتبارات التالية:
أولا: ان الثقافة بطبيعتها ومكوناتها وفروعها الأدبية والفنية والفكرية تعبر عن وجدان الإنسان وعن جوانب الفرح في الحياة وعن جوانب الجمال بأشكالها كافة لذلك لا يعقل أن تتحول الثقافة إلى كابوس من الظلام مغلق على الأحزان فإذا كانت الثقافة لا تدخل البهجة على القلوب ولا تؤنس الناس ولا تدفعهم إلى الاستئناس والفرح وإلى التعبير عن الوجدان وتشجع الإبداع والتفكير فأي قيمة لها في هذه الحالة؟
ثانيا: إن ما درجت على تنظيمه الشيخة مي آل خليفة منذ توليها وزارة الثقافة حتى قبل ذلك هو جزء لا يتجزأ من مشروع التنمية الشاملة لوطننا العزيز فلا تنمية من دون ثقافة ومن دون فكر ومن دون فن ومن دون أدب، فلا يعقل أن نبذل الغالي والنفيس من أجل تحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي وننسى الجانب الثقافي في حياة المواطن البحريني.
ثالثا: إن إعلان المنامة عاصمة للثقافة العربية وهو صادر عن قرار من الجامعة العربية لا يمكن في جميع الأحوال أن يتم التنصل من الالتزامات التي يفرضها على الدولة والمجتمع، ومن هذه الالتزامات أن توفر الدولة هذه السلسلة الواسعة من البرامج الثقافية التي تحول البحرين إلى ساحة حقيقية للفن والفكر والأدب، وهذا ما اعتقد أن الشيخة مي قد نجحت في عمله بامتياز ولعل هذا النجاح للشيخة مي هو ما يثير البعض ويجعلهم أعداء للنجاح، ولعل الشيخة مي قد نجحت أيضا في جعل الثقافة حدثا يوميا يندمج مع الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتربوية، بل جعلت الثقافة تدخل في اشتباك مع ما يحاول البعض تصويره في الداخل والخارج أن البحرين فوضى وعدم استقرار واضطرابات، ولعل أعداء الثقافة وهم بطبيعتهم أعداء للفرح وللنجاح لا يستشعرون أهمية هذا الجانب في موازنة حياتنا وفي استقرار البلد وفتح نوافذه على العالم لأن الدول اليوم لا تتنافس فقط بصناعة السيارات والطائرات والحواسيب والصواريخ العابرة للقارات بل تتنافس أيضا في برامج الفكر والفن والسينما والمسرح والفنون التشكيلية حيث إنها من الجوانب التي تكرس مكانة الدول على الساحة العالمية وتجعل لها مكانة رفيعة بين الدول.
إن جميع المثقفين والكتاب يجب أن يقفوا إلى جانب ثقافة الفرح والتميز وإلى جانب الشيخة مي آل خليفة، وأن يكونوا إلى جانب من يسعى إلى جعل البحرين جزيرة الأحلام والآمال العريضة بالرغم من محاولات طيور الظلام غلق منافذ الأكسجين في حياتنا.