الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤١٨ - الجمعة ٢٣ مارس ٢٠١٢ م، الموافق ٣٠ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


المالكي يُعيد إنتاج نماذج (سنية) مهترئة لدعم سلطته الشيعية الطائفية





لم يعد سرا ما دار في الاجتماع الذي دعا اليه رئيس الحكومة والامين العام لحزب الدعوة نوري المالكي وعقد في منزله بالمنطقة الخضراء في السادس والعشرين من الشهر الماضي وشارك فيه إضافة اليه عتاة الشيعة وممثلين عن احزابهم ومليشياتهم، وكرس لبحث آخر التطورات في سوريا وانعكاساتها على السلطة والحكم في بغداد، فالاسرار في العراق اليوم لا وجود لها واخطر الاحداث بما فيها الاجتماعات السرية، إحسب لها يوما او يومين كحد أقصى وتكون قد تسربت وشاعت تفاصيلها رغم ما يرافقها من اجراءات وتحوطات أمنية سياسية لان الذين يحكمون ويتحكمون في حاضر ومستقبل البلاد الآن، ليسوا رجال دولة ولا يملكون إرثا أوخبرة في كيفية ادارة بلد مثل العراق، ولانهم أصلا لا يؤمنون به كبلد ولا يحرصون على سيادته وسلامة شعبه ويقدمون الطائفية على الوطنية كما حصل مع زعيمهم المالكي وهو يعّرف نفسه لوسائل الاعلام والرأي العام الامريكي في آخر زيارة له لواشنطن عندما صرح بملء فمه انه شيعي ومسلم وعراقي وعربي، هكذا حسب التسلسل الذي اورده بلا حياء او خجل.

فالاجتماع الذي حضره ابراهيم الجعفري رئيس كتلة التحالف الشيعي في مجلس النواب وهادي العامري وزير النقل ورئيس ميليشيا بدر وهمام حمودي نائب رئيس المجلس الشيعي الاعلى وكرار الخفاجي ممثلا عن مقتدى الصدر المقيم في قم الايرانية استعرض النجاحات التي احرزتها الثورة الشعبية السورية ضد نظام بشار، ومخاطرها على السلطة الشيعية في بغداد وتوقف طويلا أمام تصريحات أدلى بها عدد من قادة الثورة وخاصة الشيخ العرعور الذي توعد الاحزاب الشيعية في العراق بمصير اسود وتأكيداته بان رياح الثورة التي تعم سوريا لن تقتصر على الشام وانما ستمتد الى الكوفة في العراق، وهو ما أشاع أجواء من الفزع في اوساط شيعة طهران وواشنطن، ونسب الى المالكي انه ابلغ المجتمعين بان الفرصة التي مُنحت الى الشيعة في حكم العراق باتت في خطر، ومما نقل عنه: لا تصدقوا اننا جلسنا في سفينة النجاة الى الابد، وانما نعيش حالة خطرة وخطيرة بسبب ما يحدث في سوريا، فاذا سقطت سوريا بيد السنة العرب وهذا ما تتوقعه اطراف وقوى دولية فان الدور يأتي علينا لا محالة، لذلك فان من الضروري ان يتوحد شيعتنا وينسوا خلافاتهم لمواجهة الخطر السني الذي يتهددنا. واحاط المالكي حلفاءه السياسيين علما بمواقف امريكا وروسيا مؤكدا لهم بان الروس مع بشار لحد الان وهذا شيء جيد نعمل على تطويره من جانبنا، مشيرا الى انه على اتصال مع المسؤولين الروس وخصوصا وزير خارجيتهم وعرضنا عليهم تسهيلات نفطية رحبوا بها، اما الموقف الامريكي فانه حسب ما اشار المالكي لا ينبيء بخير، ومما قاله: لقد قلت للامريكيين خلال الاتصالات الاخيرة معهم بعد ان وردتني منهم اشارات مقلقة، بانني لا استطيع تحمل أي ضغط آخر على الشيعة في العراق كما يحدث لشيعة لبنان، وقلت لهم ايضا لا تدفعوني الى ان اكون مثل حسن نصرالله واقول اننا هنا ندافع عن الشيعة فقط وننسى ما يجري حولنا ولا نفكر في اوضاع المنطقة، وقلت للامريكيين ايضا بعد ان طلبوا تأمين بعض الاجراءات في الجانب الامني لحماية القمة العربية والمشاركين فيها باننا سنعقد القمة بمن يحضر حتى لو كانوا بمستوى سفراء! وخاطب المجتمعين لا تقلقوا من ناحية حجم ومستوى المشاركة في قمة بغداد لانها في كل الاحوال قمة عربية بالرؤساء ام السفراء وهي ستكون مناسبة تحدث لاول مرة من الف واربعمائة سنة يُجبر العرب فيها على الاعتراف بحكم الشيعة وحكومة شيعية وهذا في نظري انجاز تاريخي يسجل لشيعتنا.

ورغم ان المعلومات المتسربة عن هذا الاجتماع الذي يقال انه استمر سبع ساعات على فترتين مسائية وليلية تكاد تكون عادية وآراء المشاركين في الاجتماع معروفة سلفا في القضية السورية وموضوع القمة العربية، غير ان التحركات الشيعية التي اعقبت الاجتماع تبدو وكأنها صادرة منه دون اعلان ومنها على الصعيد المحلي لجوء المالكي الى التهدئة المؤقتة مع القيادات السنية في القائمة العراقية وزيارته غير المسبوقة الى منزل اسامة النجيفي واجتماعه معه لساعات، وتقول المصادر المقربة من النجيفي ان الاجتماع الذي مهد له نائب رئيس مجلس النواب قصي سهيل وهو من مساعدي مقتدى الصدر كان وديا ابدى فيه المالكي استعداده للتعاون مع النجيفي في كل شيء سواء كان سياسيا او غير سياسي، وهذه طريقة شيعية في التعامل مع الاخرين عند الحاجة تجتمع فيها (التقية) الباطنية واخواتها وبنات خالاتها، وعرض المالكي على النجيفي ان يشارك في اجتماع القمة العربية كنائب لرئيس الوفد العراقي ولكن الاخير اعتذرعلى اعتبار ان القمة تشارك فيها الحكومات او السلطات التنفيذية وهو ليس منها، وكذلك مصالحته مع وزير المالية رافع العيساوي وهو قيادي بارز في القائمة العراقية سبق له وتحدى المالكي ان يكشف ما لديه من ملفات كان يلوح بها ضده، وفي جلسة المصالحة التي كان المالكي المبادر لها والراغب فيها واستمرت ثلاث ساعات متصلة سعى رئيس الحكومة فيها الى استرضاء العيساوي حتى انه أبدى صنوفا من الرياء وكلمات الاطراء لجهود وزير المالية قابلها الاخير بابتسامة ذات معنى ومغزى وهو الذي خبر اساليبه وعرف اغراضه، وضمن محاولاته الاحتيالية لانهاء قضية طارق الهاشمي وفق مزاجه الطائفي ايفاده النائب حسن العلوي الى مسعود بارزاني رئيس اقليم كردستان يقترح عليه اخراج نائب رئيس الجمهورية الى خارج العراق لغلق القضية المثارة عليه في محاكم بغداد، وكان رد مسعود ان الهاشمي هو ضيف شخصي خصوصا وانه ما زال نائبا لرئيس الجمهورية، فاذا كان المالكي يريد اخراجه من اربيل فانه على استعداد لتنفيذ ذلك ولكن بكتاب رسمي وتحريري من مجلس الوزراء وبتوقيع رئيسه المالكي. وانكشفت لعبة المالكي وسعيه الخبيث لخداع بارزاني، فهو كان يريد انهاء ملف الهاشمي بطريقة لصوصية بعد ان اتضح للرأي العام في العراق ان قضية الهاشمي كيدية وملفقة من الفها الى يائها ومن اعداد وسيناريو المالكي نفسه، فقد كان يرمي ان يخرج الهاشمي من اربيل الى تركيا بسرية حتى يقول انه هرب الى خارج العراق وعندها تثبت التهم عليه، وفي الوقت نفسه يتهم الاكراد بتهريبه الى الخارج ويتهم تركيا باستقباله وايوائه، ولاحظوا (الملاعيب) الشيعية وكيف يفكر بعضهم؟.

وعلى الصعيد المحلي كذلك اتخذ المالكي قرارا بنقل جميع منتسبي المنفذين الحدوديين مع سوريا (ربيعة والتنف) وجاء بلواء عسكري جمع عناصره من قوات الدمج وهي ميليشيات شيعية دمجت في صفوف الجيش العراقي الحالي عند انشائه في عهد الحاكم الامريكي بول برايمر عامي ٢٠٠٣ و٢٠٠٤ ونشره حول المنفذين، والقصد واضح من هذا الاجراء فهو يستخدم هذا اللواء الشيعي الطائفي في تمرير اسلحة وذخيرة ومحروقات ومساعدات الى اجهزة النظام السوري، وفي الوقت نفسه يمنع اتصال الثوار السوريين مع اشقائهم في محافظتي الموصل والانبار، كما بدأ المالكي في استقطاب بعض العناصر المعروفة بفسادها ولصوصيتها في المحافظات السنية العربية عبر الاغراءات المالية والصفقات التجارية والتسهيلات الشخصية ومن هذه العناصر سلام الزوبعي نائب رئيس الوزراء الاسبق الذي خصص له ميزانية (معتبرة) لانشطته التي تهدف الى شق الصف السني وقد شوهد مؤخرا في زيارة له لقضاء (الحضر) التابع للموصل وهو يقيم مأدبة غداء باذخة في دار استراحة القضاء لم يحضرها غير حراسه ومرافقيه وقد تجاوز عددهم على اربعين شخصا أغلبهم من عناصر حزب الدعوة، كما ان المالكي استمال الى جانبه بعض السياسيين المغمورين او المتهمين بقضايا فساد أمثال محمود المشهداني رئيس مجلس النواب الاسبق الذي ما زال يغتصب منازل الايتام والارامل بقوة سلاح المالكي ويرفض دفع ايجاراتها منذ عام ٢٠٠٤ لغاية اليوم، ولم تسلم من سطوته بيوت ابناء وبنات الرئيس الاسبق المرحوم احمد حسن البكر وعددها تسعة الى جوار الجسر المعلق دون سند قانوني، واستمال المالكي ايضا النواب قتيبة الجبوري من تكريت وكامل الدليمي من الانبار وزهير الاعرجي من الموصل وثلاثتهم حصلوا على مقاعدهم النيابية بعد ان خدعوا الجمهور السني وقدموا أنفسهم اليه باعتبارهم مدافعين عن السنة العرب في الانتخابات الاخيرة، أما آخر الراكضين للالتحاق بركب المالكي فهو مشعان ركاض الجبوري صاحب قناة (الرأي) الفضائية التي كانت تبث من دمشق وتوقفت عقب مقتل العقيد القذافي واعتقال ابنه سيف الاسلام، والمعلومات عنه انه بدأ يصفي اعماله التجارية والفندقية في سوريا وانتقل الى بيروت تحت حماية حزب الله لاطلاق فضائية جديدة تحمل اسم (الشعب) تدافع عن المالكي والاحزاب الشيعية، وهو قد عاد الى بغداد يوم الاحد الماضي برفقة عزة الشابندر كبير مستشاري المالكي ومن مطار بغداد الى مبنى المحكمة الجنائية التي عقدت جلسة استغرقت بضع دقائق لحست فيها قراراتها السابقة بتجريمه وحبسه بالمؤبد وافرجت عنه، ويحيا العدل في دولة المالكي الشيعية ويعيش مدحت محمود النعل بند رئيس مجلس القضاء النزيه والعادل والمستقل.

ان السنة العرب في العراق ليس امامهم وهم يتعرضون الى الابادة بالتقسيط من قبل القيادات الحزبية الشيعية الطائفية ومليشياتها وفرق الموت التابعة لها غير رص صفوفهم وتوحيد كلمتهم لمواجهة سلطة الملالي الشيعية في بغداد التي حولها الوافدون عليها والمستوطنون فيها الى مدينة اشباح وخرائب واطلال لانهم يكرهون اسمها وعباسيتها وحضارتها واهلها، وانقاذ العراق من براثن النفوذ الايراني الفارسي الصفوي الذي بدأ يمتد الى محافظاتهم ومناطقهم بالسر او العلن، وهذا يستدعي من السنة العرب ان يعبئوا طاقاتهم ويحشدوا امكانياتهم المتاحة ويتخلصوا من ضعاف النفوس والمرتزقة في بيئتهم ومن ضمنهم عملاء الشيعة الجدد باي شكل او طريقة والالتحام مع اخوانهم الثوار في سوريا تمهيدا لوحدة الهلال العربي وتقويض ما تبقى من مشروع الهلال الشيعي المنقرض وعزل المالكي ليلقى عقابه المعروف وتأديب ايران خامنئي ونجادي بما تستحق، وعلى السنة الاكراد ان يتخلوا عما يسمى بـ(المناطق المتنازع عليها) مع اخوانهم السنة العرب، فهذه قضية سهلة الحل في اجواء تتسم بالاخوة السنية والتعاون المشترك وتتبع فيها الاحصاءات السكانية والمعطيات والظروف التاريخية والاجتماعية وتعود الحقوق الى مستحقيها بلا استئثار من هذا الطرف او ذاك، ولا تدعو المالكي وشيعته يلعبون على الحبلين ولا تصدقوا مزاعمهم انهم مع السنة الاكراد ضد السنة العرب وقد بانت اكاذيبهم واتضحت مشاريعهم العدوانية، إنهم ضد كل سني في العراق سواء كان الشيخ حارث الضاري او الدكتور عدنان الدليمي او مسعود بارزاني او على بابير، انهم احفاد اسماعيل وعباس الصفويين وايتام خميني وجواسيس خامنئي وقاسم سليماني.

* كاتب وسياسي عراقي



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة