أخبار البحرين
رئيس لجنة الشؤون العربية بمجلس الشعب المصري:
دول التعاون مطالبة حاليا بالمشروع الخليجي الواحد والبحث عن حلفاء جدد
تاريخ النشر : الجمعة ٢٣ مارس ٢٠١٢
قال رئيس مجلس الشؤون العربية في مجلس الشعب المصري د.محمد سعيد إدريس إن «دول مجلس التعاون ستكون معنية بإعطاء قدر أكبر من الاهتمام لمشروع مجلس التعاون الخليجي وتطويره والبحث عن حلفاء أو شركاء جدد ضمن إطار إعادة ترسيم خرائط التحالفات على مستوى الإقليم وتمكين دول المجلس من أن يكون لها دور أساسي في إدارة شؤون الإقليم، والأهم في إدارة تفاعلات وتداعيات ربيع الثورات العربية والتحول من إدارة رد الفعل إلى إدارة الأفعال في محاولة للحد من تداعيات تلك الثورات وتوجيهها قدر الإمكان في الاتجاه الذي يخدم مصالح الدول الخليجية».
وأضاف «خريطة تحالفات إقليمية جديدة سوف تفرض نفسها بعد سقوط حلفاء مهمين لدول مجلس التعاون، وعلى ضوء أدوار جديدة لقوى إقليمية وخاصة تركيا، وعربية قامت على أنقاض النظم التي تساقطت، والأهم في ظل بروز مصدر قوة جديد يملك القدرة على أن يفرض نفسه كمتغير أساسي وهو قوى الثورة الشعبية الثورة العربية التي تملأ الساحات على امتداد الوطن العربي تطالب بالتغيير وأن تكون شريكاً وفاعلاً في صنع القرار السياسي الوطني والعربي».
وواصل «هناك مفهوم جديد لأمن الخليج سوف يفرض نفسه تدريجياً، وهذا المفهوم الجديد سوف يحرص على إدراك متغيرين أساسين جديدين على معادلة الأمن الخليجي المتغير الأول يتعلق بمصادر التهديد حيث فرضت مصادر التهديد الداخلية نفسها بما يفوق أو بما يعادل أو يوازن مصادر التهديد الخارجية، وإذا كان الأمر كذلك، فإن أمن الخليج الذي ظل مستورداً لسنوات طويلة، وظل أسير الحماية الأمريكية أحياناً أو أسير «عولمته» في أحيان أخرى بعد ما شهده إقليم الخليج إثر حرب الخليج الثانية عام 1991 (حرب تحرير الكويت) والدور الأمريكي الفاعل في هذه الحرب، وما شهده من تداعيات للحرب الأمريكية على الإرهاب، ودخول حلف الناتو كشريك أو منافس للدور الأمريكي المهيمن. هذا الأمن لن يبقى معتمداً على الحليف الخارجي بالدرجة الأولى وحتماً سيكون للقوة الذاتية أو للأمن الجماعي للمجلس دوره الفاعل والأساسي الجديد في معادلة تحقيق هذا الأمن، لكن ما هو أهم هو أن تحقيق الأمن في مفهومه الجديد لن يعتمد بالدرجة الأولى على الوسائل الأمنية بل على أدوات سياسية اجتماعية اقتصادية وثقافية وإعلامية تتلائم مع المطالب والضغوط ذات العلاقة بمصادر التهديد الداخلية للأمن: المصادر السياسية والمصادر الاجتماعية والمصادر الثقافية».
وأوعز إدريس أسباب قيام الثورة المصرية إلى غياب بنية أساسية تعمل في إطارها مؤسسات المجتمع المدني بحيث تكون قادرة على المشاركة الفعالة، بالإضافة إلى عدم توافر البيئة التشريعية والسياسية والمؤسسية لهذه المؤسسات، فمراجعة القوانين الحاكمة لهذه المؤسسات يكشف مدى قدرة هذه القوانين على تجميد أنشطة المؤسسات، وكذلك عدم توافر ثقافة ديمقراطية مدنية حاكمة للعملية السياسية وتعكس عمق الالتزام بالثقافة الديمقراطية والمشاركة السياسية كحق أساسي من الحقوق السياسية، مضيفاً «غياب هذه الشروط فرّغ العملية السياسية المصرية من مضمونها، وبالتالي لم تستطع هذه العملية أو اللعبة السياسية استيعاب أكثر من 2% من الشعب المصري يُمثلون مجمل أعضاء الحزب الحاكم، وهذا الاستئثار صاحبة استئثار آخر في الثروة».
وتابع «هذا الوضع سبب حالة من الإحباط واليأس وغياب الأمل في التغيير أو حتى الإصلاح، وبدت دعوات المشاركة السياسية الشعبية ترفاً لا يُقبل فاتجه المواطن إلى بدائل أقرب إلى العدمية السياسية وهي القبول بالصمت طوعاً أو كراهةً».
وواصل «من هذا الوضع نشأت الحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) وذلك تزامناً مع المؤتمر الثاني للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم المنعقد بين 21 و23 سبتمبر 2004، إذ بينما طرح المؤتمر الوطني رؤية (الفكر الجديد) بتسليطه الأضواء على جمال مبارك، أعلن مؤتمر كفاية كلمة (لا) في بيانه التأسيسي الذي تضمن أربع نقاط هي إنهاء احتكار السلطة وفتح الباب لتداولها ابتداءً من موقع الرئيس، وإعلاء سيادة القانون والمشروعية واستقلال القضاء والمساواة وتكافؤ الفرص للجميع، وإنهاء احتكار الثروة المؤدي إلى شيوع الفساد والظلم الاجتماعي وتفشي البطالة والغلاء، والعمل على استعادة دور ومكانة مصر الذي فقدته منذ اتفاقية كامب ديفيد، منوهاً «بعد فشل جهود الحركة في منع التمديد لرئاسة مبارك في عام 2005، برزت حراك شبابي نوعي ابتداءً من (شباب كفاية) و(6 أبريل) و(كلنا خالد سعيد)».
وبين أنه مثلما كانت الأوضاع الداخلية مهيأة للثورة، كانت الأوضاع العربية هي الأخرى تحمل في كنهها شيئاً يدفع نحو التغيير، إذ يتضح ذلك «بعد أن دخل النظام العربي في حالة أشبه بالعجز الكامل عن تحقيق الأهداف والقيام بالوظائف سواء على مستوى الأمن العربي أو على مستوى إدارة الصراع مع الكيان الصهيوني الذي وصلت معه مبادرة السلام إلى طريق مسدود»، منوهاً «الثورات هزت أركان النظام الرسمي العربي، الذي امتد إلى الدول الخليجية».
وعن الثورات العربية، أكد أن ثورات تونس ومصر واليمن وليبيا أسقطت رؤوس أنظمتها لكنها لم تحقق انتصاراً حقيقياً بسبب أنها «كانت شعبية ديمقراطية غير خاضعة لقيادة حزبية أو طبقة سياسية بعينها، بالإضافة إلى أن السلطة آلت لمؤسسات من النظام الذي كان يُراد إسقاطه كما حدث في مصر وتونس، وكذلك إن ما حدث في اليمن من توريث نائب الرئيس والنظام ومؤسساته للحكم الجديد في اليمن ومنح الرئيس السابق حصانة من الملاحقة أدى إلى الحيلولة دون إسقاط النظام، أما في ليبيا فإن دور حلف شمال الأطلسي في إسقاط نظام القذافي وانتشار السلاح على مدى واسع في أوساط الشعب الليبي أدى إلى حصر الحكم الجديد في أيدي من يملكون المال والسلاح».
وأضاف «أهداف الثورات في الحرية والعدالة والكرامة والسيادة الوطنية أصبحت مرتكزات لأي نظام حكم جديد يتأسس في هذه الدول رغم كل ما تواجهه من تحديات وإلى جانب هذه النجاحات هناك أيضاً نجاحات أخرى على المستوى العربي الجماعي من أبرزها، تأسيس وعي شعبي عربي جديد بضرورة تحديث وتطوير النظام العربي إن لم يكن تغييره بحيث يصبح الشعب طرفاً مباشراً في إدارة النظام الجديد، وأيضاً فرض معادلات توازن جديدة للقوة داخل النظام العربي سواء في أوساط محور الاعتدال أو محور الممانعة بعد أن أسقطت الثورات رموزاً في الوسطين، بالإضافة إلى «عودة مصر» وتحديداً مصالحة مصر مع جغرافيتها السياسية ومع أولويات الدولة المصرية في المجالين الإفريقي والمشرقي الخليجي، وكذلك انفتاح النظم السياسية في العالم العربي بالنسبة الى البعض وصعوبة الإبقاء على الإقفال بالنسبة الى البعض الآخر في خضم التحولات الحاصلة مما يلغي القطيعة التي كانت قائمة بين السياسة الخارجية والسياسة الداخلية التي هي سمة أساسية في النظم المقفلة بحيث صارت السياسة الخارجية جزءاً من السياسات الداخلية ولم تعد تستطيع أن تكون في حالة عداء أو قطيعة أو عدم اكتراث أو غياب الحساسية تجاه الأولويات والاهتمامات الشرعية المجتمعية. الأمر الذي سيخلق من دون شك صعوبة وقد يحمل توترات في علاقات بعض الدول الصديقة للولايات المتحدة مع واشنطن في قضايا حيوية في المنطقة أهمها من دون شك القضية الفلسطينية. فالتكيف المطلق مع سياسات أميركية هنا وهناك لم يعد ممكناً، وكذلك الأمر في شأن تمرير سياسات معينة كانت تغطى بدبلوماسية إعلامية موجهة للداخل غير القادر على الحراك والمحاسبة لذر الرماد في العيون، ودخول الحركات الإسلامية المختلفة وبالأخص حركات الإخوان المسلمين بخصوصياتها المختلفة من دولة إلى أخرى في العملية السياسية الوطنية في مصر وتونس كجزء بشكل أو آخر من صنع القرار وكجزء من السلطة التي ستقوم لاحقاً، مع التحولات الحاصلة وصعود هذا الدور حيث هنالك أوضاع تغييرية وتحول غربي في تكريس الاتصال كبديل للقطيعة مع هذه الحركات والقبول بها، بحيث صارت هذه الحالة الإسلاموية تشكل مرجعية سياسية منتشرة التأثير في النظام الإقليمي».
وأكمل «الدينامية الجديدة التي تطبع مجلس التعاون لدول الخليج العربية بسبب قلقه وانشغاله ومخاوفه من التطورات الحاصلة في منطقته وفي المنطقة العربية ككل مما يدفع للانشغال بثنائية (التعميق) و؟(التوسيع)، فالتعميق يتبلور في نقاش رسمي وغير رسمي حول ضرورة اتخاذ مزيد من الخطوات لمزيد من الاندماج السياسي والاقتصادي والأمني والبعض يتحدث عن التحول إلى نوع من الكونفدرالية فيما التوسيع يشير إلى إحداث تغيير في هيكل البيت الخليجي أو النادي المقفل من حيث العضوية مع الدعوة إلى الأردن والمغرب للانضمام إلى هذا البيت، وهو ما يحمل مؤشراً أياً كانت احتمالات الانضمام في المستقبل القريب أو البعيد، حول التركيز على ديبلوماسية ناشطة للاستثمار في مواكبة ودعم كل إصلاح استباقي تقوم به دول صديقة لنزع فتيل الانفجار والثورة».