الجريدة اليومية الأولى في البحرين



دولة الساحل

تاريخ النشر : الجمعة ٢٣ مارس ٢٠١٢

حامد عزة الصياد



من يدافع عن الشعب السوري؟
إذا كان صحيحا ما تناقلته وكالات الأنباء عن وصول وحدة مكافحة الإرهاب الروسية إلى ميناء طرطوس وأعيد انتشارها في شوارع دمشق، فإن معنى ما قاله «الأسد»، لأحد المقربين له في لبنان، بعزمه التوجه نحو إنشاء دولة علوية على الساحل، كان صحيحا.
فهل الإحساس بخيبة الأمل من المجتمع الدولي بات قريبا؟ أم أن أمرا جللا قد نتوقع حدوثه؟
لا يمكن لأحد أن يتكهن ما سيحدث غدا، ولكن أصبح من حق أي إنسان أن يعرف الطريقة التي سنرد بها كرامة الـ 10 آلاف شهيد الذين ذهبوا مبكرا لنيل الشهادة، وكيف نقوم بعلاج عشرات الآلاف من الجرحي، ونحرر مثلهم من المعتقلين والمفقودين، ونعيد إيواء المهجرين من بيوتهم، ونرسم البسمة على شفاه الثكالى والأرامل والأيتام.
إذا أتيح لأحد أن يعرف ما توحي به النصائح الروسية للأسد على لسان «لافروف» ومدير الاستخبارات «فرادكوف» بعد الفيتو الأخير، يدرك تماما أن الطريق الذي مشى فيه الأسد يبدأ من موسكو وينتهي في دمشق، وبينهما منعرجات بالطبع في بكين وطهران وبغداد ولبنان، ومن ثم فلا الجامعة العربية، ولا الدوائر المؤثرة في الأمم المتحدة، ولا كوفي عنان، ولا لجان المراقبة الشعبية، ولا مؤتمرات تونس السابقة، ولا أنطاكيا اللاحقة، لها فائدة، طالما كان رهان الروس واضحا في إطلاق التحذيرات منذ ثلاثين يوما بعدم التدخل في الشأن السوري.
في العام الأول من الثورة المباركة، لم يكن الكرم الروسي قاصرا على الدعم السياسي واللوجستي للأسد، بل امتد بتحريك قطعة من أسطوله القديم في 10 يناير الماضي وهي مليئة بنحو 35 إلى 60 طنا من الذخيرة والمتفجرات لتبحر عبر البحر الأسود وتقف في قبرص لتستقر في طرطوس.
لكن المتابع للموقف الروسي يلحظ تكرار ما سبق أن أطلقه من تحذيرات، كأن روسيا تناور هذه المرة من أجل إفساح الوقت لوصول سفنها الحربية من بحر الشمال عبر دول البلطيق في أوروبا الشمالية، مرورا بالمحيط الأطلسي، عبورا لمضيق جبل طارق والبحر الأبيض المتوسط، وهي رحلة شاقة تستغرق هذه المدة على الأقل، وتحتاج هذه السفن إلى أيام للتزود بالوقود من موانئ ضفتي المتوسط، ولاسيما إذا كانت حمولتها أسلحة وذخائر ودعما لوجستيا وفرقا خاصة، لتصل بعد أيام من طليعة العام الثاني من الثورة السورية إلى طرطوس، وعلى متنها ما لا يقل عن 3000 عنصر تم تدريبهم على مكافحة الإرهاب.
مع ملاحظة زيادة وتيرة التحذيرات الروسية، طالب «لافروف» مع مبعوث الصليب الأحمر الدولي منذ يومين بهدنة لوقف القتال ساعتين لتأمين المساعدات الإنسانية للأماكن المتضررة.
فهل يهيئ الوزير الروسي المسرح لدور أكبر تقوم به عواصم منعرجات الطريق، لإنقاذ ما تبقى من نظام الأسد المترنح في دولة علوية على الساحل، بعد كثرة الانشقاقات عن الجيش السوري والانضمام للثوار؟
ربما تكون الإجابة عن هذا السؤال، جاءت بوضوح في عرض إحدى صفحات موقع «بزنس انسايدر» عن وثيقة تم تسريبها من «ويكيليكس» بأن 3000 عنصر من الحرس الثوري و2300 من حزبي «أمل والشاطر حسن» يقومون منذ يوليو الماضي، بتنفيذ حكم الإعدام على الجنود السوريين الذين لا يمتثلون لأوامر إطلاق النار على الثوار.