الجريدة اليومية الأولى في البحرين


أخبار البحرين


الشيخ علي مطـر يحـذر من الطـائفية بين الأطفـال

تاريخ النشر : السبت ٢٤ مارس ٢٠١٢



قال الشيخ علي مطر في خطبة الجمعة بمسجد أبي بكر الصديق
ان وقوع المشاكل والخلافات والخصومات أمر طبيعي وهو حاصل سواء بين الزوجين وأفراد الأسرة، أو بين الجيران والأصدقاء وزملاء الدارسة والمهنة والصنعة الواحدة أو بين السياسيين أو بين أهل البلد الواحد...
ومسببات تلك الخلافات والخصومات كثيرة منها النزاعات المالية، التجاذبات السياسية، الاختلاف في وجهات النظر، الاعتداد بالرأي، النفس الأمارة بالسوء، إتباع الهوى نقل الكلام ووَسْوسة أهل الشر والإفساد وقرناء السوء، الظلم والغضب والتعصب والكبر والتعالي وازدراء الآخرين واحتقارهم، ردود الأفعال غير المتزنة، سوء الظن، عدم التثبت، الجشع وعدم القناعة وغيرها كثير.
*ومهما كان نوع الخصومة وأسبابها وأطرافها ومدتها، ومهما طالت فلا بد لها من حل ونهاية، وهذا ما أمر به شرعنا الحنيف عقلاء أفراد وجماعات المجتمع بأن يسعوا إلى إصلاح ذات البين.
قال الله تعالى: «...فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ...».
قال أهل التفسير: أي أصلحوا ما بينكم من التشاحن والتقاطع والتدابر، بالتوادد والتحاب والتواصل، فبذلك تجتمع كلمتكم، ويزول ما يحصل بسبب التقاطع من التخاصم، والتشاجر والتنازع.
وقال سبحانه: «وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا...».
وقال جل في علاه: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ».
وقال عز وجل: «وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا».
وهذا نبينا وقدوتنا صلى الله عليه وآله وسلم لما بَلَغَهُ أَنَّ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ كَانَ بَيْنَهُمْ شَيْءٌ - أي شر وخصومة- خَرَجَ صلى الله عليه وآله وسلم يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ فِي أُنَاسٍ مَعَهُ...». ولم يتركهم بخصومتهم وتفرقهم لأن ذلك شر.
وهو القائل صلوات ربي وسلامه عليه: «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاَةِ وَالصَّدَقَةِ، قَالُوا بَلَى. قَالَ: إِصْلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ الْحَالِقَةُ».
فبيّن عليه الصلاة والسلام أن إصلاح ذات البين من أفضل الطاعات والعبادات، ومن المعلوم أن عند أي صلح لا بد أن تكون هناك بعض التنازلات وغض الطرف والمسامحة والعفو، والاعتذار، فمن أخطأ في حق الآخرين وأساء إليهم يجب أن لا يتردد من تقديم الاعتذار، وطلب السماح، فالاعتذار ليس عيبا ولا نقصا ولا خورا وضعفا وجبنا...
*يا قوم اتقوا الله تعالى في أنفسكم وأولادكم وأهل بلدكم، واستجيبوا لنداء الشرع والدين، استجيبوا لنداء الفطرة والإنسانية، استجيبوا لنداء العقل والحكمة والمصلحة العليا للأمة، ويكفينا ما حل بنا من خصومة وقطيعة وتدابر، ويكفينا كراهية وأحقاد، ويكفي تأزيم وعناد، ونقول لبعض الخطابات والكتابات يكفي.. وكفاكم عبثا.
فالخلافات والخصومات والاحتقان الطائفي وصل إلى أبنائنا في مدارسهم وإن لم نتدارك الأمر فسوف يقضي على طفولتهم وبراءتهم وشبابهم وحيويتهم وسعادتهم وحتى مستقبلهم.
يقول الله تعالى: «والصلح خير». ولو كان في نظرنا ومفهومنا غير ذلك، ولأن الصلح خير تصالح النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع قبائل اليهود في المدينة النبوية وأبرم معهم العهود، من أجل السلام والتعايش السلمي.
فلا عيشة هنيئة مع الخصومة، ولا عيشة سعيدة مع الكراهية ولا عيشة مطمئنة آمنة منتجة مع القطيعة، فالوطن يحتاج إلى جميع سواعد أبنائه وتكاتفهم وتعاونهم.
وكيف تستمر الحياة مع الخصومة والكراهية في بيوتنا ومدارسنا وأعمالنا وأسواقنا..
*لنحرص على نشر ثقافة الحب والتسامح والرحمة ونبذ الكراهية بين أفراد المجتمع وخاصة بين الأطفال والشباب من خلال محاضنهم الطبيعية كالأسرة والمسجد والمدرسة والجامعة والنادي والمركز الشبابي...، ومن خلال المنتديات، وأجهزة الإعلام المختلفة.
الواجب اليوم يحتم على عقلاء الأمة وحكمائها أن يتقدموا الصفوف وأن يتصدروا وأن يتكلموا، وأما فاقد الاتزان والحكمة فمكانه في بيته يبقى فيه ويغلق عليه الباب.
فديننا الحنيف الذي يجمعنا هو دين السلام والتعايش، والمسلم دائما وأبدا يجب أن يكون مفتاحا للخير مغلاقا للشر.