أخبار البحرين
الدكتور عبدالرحمن الفاضل في خطبة الجمعة:
للكأس حد ثم يفيض.. إلى متى ستظل تسفك دماء رجال الأمن؟
تاريخ النشر : السبت ٢٤ مارس ٢٠١٢
قال الدكتور عبدالرحمن الفاضل خطيب جامع نوف النصار بمدينة عيسى في خطبته ليوم الجمعة أمس:
«إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ
أَجْرًا كَبِيرًا» فالسعادة والفلاح، والفوز والنجاة، لمن آمن به، واهتدى بهداه. فإنه لا حيلة لأحد أن يسلك سبيلاً غير سبيله، ولا يتبع منهجاُ غير منهجه، فالإعراض عنه إعراض عن الحق العظيم، وتنحيته تنكب للصراط المستقيم، ودخول في متاهة الضلال المبين.. التي تستلزم عيشة الضنك في الدنيا، ويستتبعها في الآخرة الخسران والعمى: «وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى، قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا, قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى» وعلى هذا وجب التذكير بالقرآن الكريم: «فذكر بالقرآن من يخاف وعيد» «وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى
تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ» إننا مأمورون بأن نذكر، من أجل صلاح الأمة، لكي لا نكون ممن عميت أبصارهم, وطمست بصائرهم، لعدم إيمانهم وكفرهم بربهم فلا يفقهوه: «وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآَنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا» هكذا يشمئزون من سماع القرآن، كارهين له عناداً واستكباراً، لئلا ينقادوا للحق، مما يؤذن بوقوع الفتن، لأن أي تقصير في ذلك يعرض الأمة كلها للفتنة: «وَاتَّقُوا
فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ وخاصة وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ» فلا تقع الفتن إلا حين تقصر الأمة في الإتباع! فكيف بها إذا أعرضت عن هدى ربها ولم تلتزم به كما ينبغي؟! ومن هنا وجب على صالحي الأمة وملحيها أن يواجهوا بصرامة وحزم من يريد للأمة الدمار، أو يسعى فيها بالفساد، حتى لا تخرق سفينتها فتغرق بمن فيها، ولهذا لزم التحذير من خطورة المخالفات الشرعية وإن صغرت!
وقد استنكر إخوانكم في الاسبوع الماضي واعتصموا إحتجاجاً على تلك المنكرات التي جعلت البحرين مضرب المثل السيئ في مثل تلكم الممارسات المخزية، والتي لم تعد عن الأعين خافية، وهذا مما ينذر بغضب الله تعالى إن رضينا به على أرضنا ولم نعلن إستنكارنا، وقد حذر المولى عز وجل في كتابه العظيم، وعلى لسان نبيه الكريم –صلى الله عليه وسلم- من الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وخطورت حلول سخط الرب سبحانه وتعالى. ولا شك عندنا في أن ما تمر به بلادنا من زعزعة للأمن، وإشاعة للفوضى والخوف، وتعثر للإقتصاد وغيره، سبب رئيس فيما يرتكب من معاص ظاهرة وباطنة!.. تستوجب منا أن نقف وقفة جادة وحازمة، لننكر بكل قوة على تلكم المنكرات، وهاتيكم الفواحش التي تعرض البلاد للخطر الدائم المستمر، وتتحمل الدولة كامل المسئولية أمام الله تعالى إن هي سمحت ورضيت بهذه الحالة المنكرة: «كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكر..» فهل نكون جادين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لنجنب البحرين مزالق التخريب والدمار؟! وبخاصة نحن نعيش دنيا فيها من العجائب والغرائب الشيئ الكثير.
ولعل مملكة البحرين إحدى عجائب الدنيا، فرغم صغرها الجغرافي المتناهي بين بلدان العالم، إلا أن الأضواء مسلطة عليها، وكأنها غدت قضية العالم وشغله الشاغل ، فما يرتكب من جرائم وإنتهاكات شنيعة لحقوق الإنسان تمارسها أنظمة مستبدة ، النظام الصفوي في إيران وأذنابه في العراق، وكالنظام النصيري الصفوي في الشام، وكالنظام المحتل الصهيوني في فلسطين، والإنتهاكات المحرمة في غونتانامو، وفي حق كثير من الشعوب في مختلف أنحاء الأرض لا ينظر إليها كما ينظر لأحداث البحرين، فالدول الكبرى والمنظمات بمختلف مسمياتها ومستوياتها تتدارس قضية البحرين، وكأنه إذا حلت مشكلات البحرين ستحل على غرارها مشكلات العالم!. نالت البحرين شهرة زائفة على حساب أمننا واستقرارنا وسيادتنا!
نعتقد بموج ماتقدم بأننا دولةٌ اكتسبت أهمية كبرى بالنسبة إلى المخططات المعادية التي تكيد ليس للبحرين فحسب، وإنما للمنطقة والأمة بأكملها! فالبحرين تمثل في نظرهم الشرارة الأولى التي بسقوطها ستسهل عليهم دخول المنطقة الأهم في العالم من حيث: الدين، والموقع الجغرافي، والخيرات الاقتصادية الثرية، ويندرج تحت هذا تفصيلات كثيرة، ومعلومات خطيرة لا بد من التمعن في دراستها، والإهتمام ببيانها، ليعلم الناس أهميتها، ويدركوا حقيقة المخاطر المحدقة بهم!! وإنه على الرغم من الخطر الداهم نجد البحرين بحسب ما نرى، أنها ليست على الوضع المناسب الذي يجب أن تكون عليه في مواجهة الأحداث المتصاعدة والمتنامية فيما يظهر من عداوة بينة لمثير الشغب والتخريب والإرهاب فيها! فالقوة التي يجب أن نعدها لا نعني بها الإعداد والتسليح العسكري وحجم القوات المسلحة فحسب، وإنما نعني كذلك إعداد افراد الأمة والوطن إعداداً يهيئهم لمواجهة الأحداث بقوة وصمود، وهذا مالم نره!! بدليل التشتت والضياع، وعدم وحدة الصف وهذه شكوى يرفعها الجميع! شاهدوا أعداد التجمعات التي يتنادى لها الناس، سنجد كلاً يدعو جماعته وحزبه وتكتله. وكأن الولاء أصبح لهذا أو ذاك، ولم يعد الولاء لا لله تعالى أولاً، ولا للأمة والوطن من بعد!! هذه الصور مرفوضة تماماً للمخلصين من أبناء الوطن، هذه الصورة تسعد من سعى لشق صفنا، تفرح هؤلاء الذين نعرفهم من جماعتنا ومن بني جلدتنا ومذهبنا لا من المخالفين لنا، لماذا؟ هذا أمر قديم ومرض مستحكم فيهم، وسياسة خبيثة يذوقون اليوم ذل مرارتها، والقادم أعظم وأدهى إن بقي الحال على ما هو عليه!! إنهم يعتقدون بأن تفرقنا نحن أهل السنة على هذا النحو، وإظهار زعمات فيما بيننا كرتونية تحب الظهور والتصدر وقبض المعلوم، فهذا يُمَكِنُهم من إحكام السيطرة والتوجيه بحسب المصلحة السياسية التي يهدفون!
ولهذا نقول على أهل السنة ألا يقبلوا بهذه الحالة: أي حالة الاستدعاء الجماعي فيكونوا تحت الطلب متى بدت مصلحة لفئة ما.. عليهم أن لا يتراكضوا وكأنهم المجاميع التي تحشد لتصوير الأفلام، أي تكثير العدد لا غير! نحن نقول نعم لنداء الوطن في أي وقت وعلى أي حال وجب علينا أن نلبي النداء بصدق وإخلاص وقوة عزيمة لا تردد فيها أبداً! ولكن يجب أن تحترم هذه الجموع المباركة، وأن تجد ثمرة ظاهرة أمامها في مقابل تلبيتها النداء وهذا من حقها، أما أن يخرج الشعب مناصراً ثم تكون النتائج على غير ما أراد وما طرح من مطالب، فهذا مما يولد عنده الشعوربالإحباط وعدم الإهتمام! فهل تعي الدولة هذه المسألة، وتدرك خطورتها، فللكأس حد ثم يفيض!
ولعل لنا أن نكرر بكل صراحة، بأن هناك إستياءً شعبياً وعدم رضاً عما يحدث من عمليات تخريب وارهاب وسفك مستمر لدماء رجال الأمن حفظهم الله تعالى. نعتقد أن الدولة قد فسرت قوله تعالى: «وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا
اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ» على غير وجهه الصحيح حيث فسرت «إعداد القوة» باللين والتساهل والتسامح ومعاملة المجرمين على أنهم (جهالوه) ويجب على رجال الأمن أن يتعاملوا مع هؤلاء (المخربين) بكل عطف ومحبة ولين، فإذا قذفوا بالزجاجات الحارقة (المولوتوف) على رجال الأمن أن يقدموا شكرهم إليهم وإذا حرقوا لهم جانبهم الأيمن عليهم أن يدروا لهم جانبهم الأيسر ليحرقوه، وإذا لم تحترق سياراتهم عليهم أن يوصلوا المخربين برسم الخدمة إلى بيوتهم سالمين غانمين معززين ومكرمين، لكونهم جهالوه وكفلت لهم الدولة بالدستور حرية التعبير «بالمولوتوف»، وتأكيداً لصحة ما نقول: هو أن الدولة جلبت من المستشارين والخبراء من بلاد الإصدقاء والحلفاء من يدرب رجال أمننا على ضبط النفس وكيفية التعامل الصحيح في تطبيق حقوق الإنسان مع (الجهالوه)، فعلى رجال الأمن أن يعلموا بأنه لو اشتعلت فيهم النيران واحرقتهم فعليهم أن يصبروا ولا يروعوا المخربين الجهالوه أبداً ، وإلا سوف يعاقبون على عدم ضبط أنفسهم، فمن الخير لهم أن يقبروا، وييتم أطفالهم، وترمل نساؤهم، وتثكل أمهاتهم من أن يدافعوا عن أنفسهم ، لكي لا تغضب عليهم الدول الكبرى ومنظماتها، لأنها ستثور من أجل إنتهاك رجال الأمن لحقوق الإنسان! أليس هذا هو حال رجال الأمن البواسل؟ الدولة ضمناً تقول لهم موتوا حرقاً بالنار، وطعناً بالسيوف والسكاكين، ورميا بالسهام والأسياخ الحديدية، وبكل أنواع الأسلحة المميتة، ثم إياكم..إياكم أن تحركوا ساكناً للرد عليهم. وليس عندهم شيء ليحركوه أصلاً للدفاع عن أنفسهم، عليهم أن يموتوا صبراً، وموعدهم الأوسمة والجنة!
لا أدري هل تريد الدولة أن نقول بأننا مظلومون لتثبت للعالم غير المنصف بأننا نظلم من تريدون أن نظلمهم؟ الناس يتساءلون إلى أي مدى ستبلغ التنازلات، تقرير لجنة تقصي الحقائق فيه ظلم بين للبحرين وأهلها ونؤكد لكم عن يقين راسخ بأنه لن يرضى عنكم القوم الذين تسعون حثيثاً لإرضائهم بدليل أنهم كما قلنا ماضون في مخطط تدمير البلاد والاستيلاء عليها هو هدفهم كما أن الدولة ماضية بل مصممة على مسلسل التنازلات المهينة تزلفاً للمجرمين الذين لن يقبلوا أبداً بحسب شعاراتهم المرفوعة، وتصريحاتهم المعلنة، ومطالباتهم المنشورة في الداخل والخارج، وفي كل مكان إلا بإسقاط النظام ورموزه ورحيل أهل السنة عن البلاد، أيرضيكم هذا؟ ألا تعون الأمر وخطورته والله تعالى يقول «وَلاَ تَرْكَنُواْ إلى الَّذِينَ ظَلَمُوا..» ومن هنا فإنني أوجه القيادة دفعاً لمعنوياتها أن تقرأ سورة الأنفال قراءة تدبر وتمعن وتقدم على ما يجب عليها أن تقدم عليه: «وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ».