السياسة والمجتمع
تاريخ النشر : السبت ٢٤ مارس ٢٠١٢
عبدالله المناعي
هناك أمور مهمة يجب أن نتحدث عنها قبل أن نبدأ أي حوار سياسي حالي أو مستقبلي. أولها أن نقوم بوضع أسس تقارب مجتمعي على مبادئ صريحة وسليمة لكي نتمكن من أن نجد حلا سياسيا بناء لن يهدم بعد سنوات عدة. فلا يمكن أن نعيش مثل ما عاشت لبنان أو غيرها من دول العالم على كف عفريت يثور الشارع في وجه الآخر كل عشر سنوات. ولكن دولا أخرى تعلمت من ماضيها وتطلعت إلى مستقبلها وعلمت أن مشكلاتها المجتمعية لن تحل وأن الحلول السياسية ليست سوى حل مؤقت في ظل وجود اضطرابات مجتمعية تنذر بهدم أي اتفاق سياسي. أضف إلى ذلك التعصب الديني والطابع السياسي المؤسلم في مجتمعنا تجدْ أن مشكلتنا أعمق من مشاكلهم.
ولذلك فإن هذه الدول وجدت تفاهما مجتمعيا على آلية اجتماعية وسياسية واقتصادية لحل مشكلاتها المجتمعية قبل أن ينظروا إلى التفاصيل السياسية. ووظفوا السياسة لتكون عنصرا من عناصر التقريب المجتمعي الذي يقوم بدوره بحماية الاستقرار السياسي للبلد. ولذلك إن كنا جادين في البحث عن حلول عملية في قضية ايجاد حل سياسي فإننا يجب أن نوجد الأرضية الاجتماعية اللازمة والا جاء الاتفاق آنيا وتسببت الخلافات الاجتماعية والمتشددون الدينيون في هدم أي اتفاق خلال فترة بسيطة، ونعود مرة أخرى إلى نفس الدوامة التي عشنا ونعيش فيها.
يجب ألا ندع السياسة تجبرنا على المكوث في الوضع الاجتماعي الذي نحن فيه كما حدث في لبنان، فقد أصبح الاتفاق السياسي احد الأسباب الرئيسية في تعميق الخلاف الاجتماعي في البلد. اذا أردنا وضعا سياسيا واجتماعيا صحيا لأبنائنا يجب ألا ندع اغراءات الوصول إلى الحلول السياسية السريعة نسبيا تحول دون ايجاد ارضية اجتماعية قوية. وكما يقول الباحث المالطي الدكتور أندرو أزوباردي انه كان دائما يشكك في الفكرة التي تقول أن السياسة غير مفيدة ويحاربها بل انها عثرة في تحقيق التقدم المجتمعي، الا أنه بعد أن رأى بنفسه بدأ يؤمن أن من يقول ذلك على حق، وأن اعتقاداته أصبحت خاطئة.