في مواسم بعيدة كان فريق نادي ريال مدريد يلعب كرة القدم المبنية على فلسفة الجمال والتركيبات التسلسلية المشبعة لأنظار المشاهدين والمتابعين وكان اللاعب في الفريق يُعد فناناً بالدرجة الأولى أشبه بمطرب يقف ويتحرك على خشبة المسرح ويصدح بالأغنيات والسيمفونيات العذبة وخير مثال على جمال أداء ريال مدريد اللاعب الأرجنتيني الأصل الفريدو دي ستيفانو الذي كان في فترة سطوعه من أروع اللاعبين في كرة القدم مهارة وأبرزهم على المسرح الكروي الدولي وأسس لنادي ريال مدريد مدرسة الجمال والمتعة والأداء الحسن الراقي.
اليوم انتهت حقبة من الزمن الجميل طواها المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو الذي يقود الفريق الملكي في الوقت الحاضر إلى الإنفاق المظلمة ليزرع بدلاً من الأداء الجمالي المفعم بروح الفن الفردي والجماعي الأداء العدواني ويحول اللاعبين الفنانين المهرة المتميزين إلى مصارعين وملاكمين يعشقون إسالة الدماء فوق العشب الأخضر ويجيدون العنف سواء في اللعب الدفاعي أو الهجومي والأدلة على ذلك كثيرة.
تقول الإحصائيات التي يصدرها الاتحاد الاسباني لكرة القدم أن لاعبي نادي ريال مدريد نالوا حتى اليوم (23) بطاقة حمراء منذ توليه قيادة الفريق الأبيض بل الناصع البياض وأصبح كل لاعبي الفريق محل اهتمام الحكام أصحاب البدلات الملونة وصارت العدوى تطول اللاعبين بل أن طالت المدرب ذاته في أكثر من مناسبة، لقد جاء المدرب البرتغالي مورينيو إلى الدوري الاسباني بأسلوب جديد كان قد تكرر في الدوري الانجليزي يوم كان مدرباً لفريق تشيلسي وهو الاحتجاج على قرارات الحكام والإدلاء بتصريحات نارية تستفز الجميع.
كنت شخصياً أول المتشائمين يوم تعاقد نادي ريال مدريد معه في عام 2010 وتوقعت أن يتحول الأداء الذهبي للاعبي ريال مدريد إلى أداء اسود رغم وجود نخبة من اللاعبين الذين وصلوا إلى أسعار خيالية وعلى رأسهم الهداف النموذجي كريستيانو رونالدو صاحب المئوية الحالية في الدوري، إن بطولة الدوري الاسباني إن جاءت لا يمكن أن تنسب إلى هذا المدرب بل إلى اللاعبين أنفسهم ولو أشرف عليهم أي مدرب عادي لن يتغير من الموضوع شيئاً لأن اللاعبين هم من يقود الريال الملكي نحو بطولة الدوري الحالي وليس المدرب.
عليكم بالإحصائية التي طالت اللاعبين ومنهم بيبي البرتغالي وراموس الاسباني (4) بطاقات لكل واحد والبارو البيرو (3) ومارسيليو ومسعود أوزيل (اللاعب الهادئ) وأنخل دي ماريا وريكاردو كارفاليو (2) ويكمل القائمة الحارس كاسياس وراؤل البيول وتشافي الونسو وسامي خضيرة ولكل واحد منهم بطاقة، ذلك هو الإنتاج الفني الذي يقدمه المدرب مورينيو لفريق نادي ريال مدريد النادي الذي أشتهر بالكرة الجميلة منذ أيام دي استيفانو الرائع.