مقالات
وقائع تاريخية في علاقات الصداقة بين مملكة البحرين واليابان
تاريخ النشر : الاثنين ٢٦ مارس ٢٠١٢
نشر في صحيفة أخبار الخليج يوم السبت 17 مارس 2012 إعلان وزارة الخارجية اليابانية قيام صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه بزيارة إلى اليابان في يوم الأربعاء 11 إبريل 2012 مدة ثلاثة أيام يجري جلالته خلالها مباحثات مع رئيس الوزراء الياباني بوشيهيكو نودا وتعد هذه الزيارة الأولى التي يقوم بها جلالته لليابان منذ اعتلائه سدة الحكم.
أدت زيارات جلالته السابقة إلى مختلف دول العالم إلى تقوية علاقة الصداقة وإبراز اسم مملكة البحرين وحضارتها للعالم لأن لجلالته إلماما وخلفية تاريخية وحضارية عن الحكام والدول التي يزورها مما يؤدي إلى إثراء الزيارات الرسمية والخاصة وجعلها ذات طابع مميز.
سوف تكون هذه الزيارة بإذن الله موفقة لأنها تحمل رسالة الخير والمحبة والتعاون وفرصة مهمة لتسليط الضوء على العلاقات الاقتصادية والتجارية والحضارية وسوف تؤدي إلى تقوية علاقات الصداقة بين مملكة البحرين خاصة والعالم العربي عامة مع اليابان والتي تعتبر احدى أهم القوى العظمى الآسيوية.
ترتبط مملكة البحرين مع اليابان بعلاقات في مختلف المجالات منذ مدة طويلة وهي موضع اهتمام صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى وصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد الأمين نائب القائد الأعلى لقوة دفاع البحرين حفظهم الله ورعاهم في توثيق علاقات مميزة.
بدأت العلاقة بتصدير أول شحنة نفطية إلى اليابان في سنة 1934 عقب اكتشاف النفط في سنة 1932 واعترفت اليابان بدولة البحرين في 24 أغسطس 1971 وأقيمت علاقات دبلوماسية في 2 مايو 1972 وزارها المغفور له بإذن الله صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة في أكتوبر 1991 في زيارة وخاصة وزارها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد الأمين في أكتوبر 2008 في زيارة رسمية وزارها معالي الشيخ خالد بن احمد بن محمد آل خليفة وزير الخارجية في فبراير 2008 وزارها بعض المسئولين في اوقات مختلفة لتوطيد أواصر الصداقة والتباحث في الأمور الاقتصادية والسياسية ذات الاهتمام المشترك وأكد المسئولون اليابانيون موقفهم تجاه القضايا العربية والقضية الفلسطينية وأثنوا على كثير من الأمور التي قامت بها مملكة البحرين.
استقبل صاحب السمو ولي العهد الأمين وفدا من البنك الياباني العالمي برئاسة السيد هيروشي واتانابي الرئيس التنفيذي لبنك اليابان للتعاون الدولي في سنة 2009 وكان هناك اهتمام مشترك للبلدين لزيادة الشراكة والتعاون مما يشكل قاعدة متينة للمشاريع والاستثمارات المشتركة وكذلك استقبل سعادة الدكتور عبدالحسين بن علي ميرزا وزير شئون النفط والغاز ورئيس الهيئة الوطنية للنفط والغاز وفد البنك الياباني العالمي ووقع السيد عارف صالح خميس وكيل وزارة المالية مع وفد البنك مذكرة التفاهم لتعزيز التعاون في المجالات الأقتصادية.
كم هو جميل ومفيد لو استطعنا المبادرة مع أصدقائنا اليابانيين على ترسيخ وتمتين هذه العلاقات المميزة والبدء في شراكة اقتصادية وصناعية ومالية تسهم في انشاء بعض القواعد الصناعية المهمة في مملكة البحرين وفي دول المنطقة بتقنيات حديثة تحافظ على البيئة وتنتج نوعيات صناعية متميزة تحتاج إليها الأسواق العالمية ولها مردود مالي عالٍ وجعل العلاقة شراكة وتكاملا اقتصاديا واستراتيجيا لأن أغلب احتياجات اليابان من النفط والغاز يأتي من دول المنطقة وأن نزيد من التبادل الاستثماري والاكاديمي والثقافي والتعليمي والتكنولوجي لأن النظام التعليمي الياباني عريق ولديه العديد من التخصصات التي بإمكانها جذب طلاب من دول مجلس التعاون الخليجي وحيث سبق لبعض طلبة البحرين الدراسة في اليابان وأن يقوم البلدان بتقديم نشاطات لإبراز ثقافاتهما وعاداتهما العريقة وإعداد ملتقى دوري بين التجار ورجال الأعمال والدبلوماسيين لمناقشة الأمور التي تهم الشعبين الصديقين وشعوب المنطقة.
أتمنى على الجهات المختصة توثيق بداية العلاقات مع اليابان وحسب علمي فأن بداية التبادل التجاري كان منذ بداية القرن العشرين بقيام بعض التجار باستيراد أقمشة وتصدير اللؤلؤ الطبيعي قبل وقوع كارثة الكساد العالمي الكبير خلال ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي الذي تزامن مع ظهور اللؤلؤ المستزرع الياباني فأدى إلى تأثر دول المنطقة عامة والبحرين وخاصة لاعتماد اقتصادها على مهنة الغوص وتجارة اللؤلؤ.
هذه العلاقات الحيوية والمميزة دعتني إلى إلقاء بعض الأضواء على بداية العلاقات بين اليابان والعالمين الإسلامي والعربي وهي أحداث مشوقة وأذكر بعضها باختصار وهي:
} استوردت اليابان قبل ثلاثمائة سنة بعض الخيل العربية.
} زار اليابان مبعوث للسلطان عبدالحميد بن عبدالمجيد يدعى محمد علي في سنة 1902 وكان ينوي إقامة مسجد في يوكوهاما وزارها الضابط برتو باشا مبعوثا من السلطان عبد الحميد لمراقبة وتقييم الحرب اليابانية الروسـية التي وقعت خلال سنتي 1904/1905 ومكث سنتين وقابل الإمبراطور وألف كتابا من جزأين باللغة التركية.
} بعد نهاية الحرب اليابانية الروسية نشرت أنباء في مختلف دول العالم عن اهتمام اليابان بالإسلام والعالم الإسلامي فحفز ذلك المسلمين على القيام بنشر الإسلام في اليابان.
} ذكر الأستاذ عباس العقاد أن انتصارات الجيش الياباني على الجيش الروسي بهرت بعض الضباط المصريين فتطوعوا في الجيش الياباني وتزوجوا يابانيات وأنجبوا منهن وعاد بعضهم إلى مصر وبقى بعضهم في اليابان.
} زار الداعية الهندي سر فراز حسين اليابان في أواخر سنة 1905 وأوائل 1906 وألقى محاضرات عن الإسلام في ناغاساكي وطوكيو. وأقيم أول مسجد في أوساكا للأسرى المسلمين الروس في سنة 1905 بعد نهاية الحرب.
} زار الداعية المسلم التتري من سيبيريا عبدالرشيد إبراهيم اليابان في سنة 1909م وتوفي فيها في سنة 1944 وزار القاهرة في سنة 1933 وقال في محاضرة أن إمبراطور اليابان أرسل رسالة إلى السلطان عبد الحميد بن عبدالمجيد في أواخر القرن التاسع عشر يطلب أن يتعرف الشعبان التركي والياباني على بعضهما بأن يبعث السلطان وفدا ليشرح له ولشعبه دينه وان الأمير ماتسو أحد أقرباء الإمبراطور ميجي زار اسطنبول وأن السفينة الحربية العثمانية آل طغرل زارت اليابان وكان قائدها المشير عثمان باشا ولكن أثناء العودة في سنة 1890 هبت عاصفة وأغرقت السفينة وستمائة جندي ومن ضمنهم المشير فأرسل الإمبراطور من نجا من البحارة إلى اسطنبول وقام الشعب الياباني بجمع تبرعات لضحايا الحادثة ومازالت الدولتان تحافظان على ذكرى الحادثة كل خمس سنوات.
} يوجد نحو مائة ألف ياباني مسلم ويدرس زهاء أربعمائة ألف شخص الاسلام وعمر ميتسو تارو ياماكا أول حاج ياباني ذهب إلى مكة المكرمة في سنة 1909 ومن أوائل الدعاة المسلمين في اليابان الأزهري المصري الشيخ على أحمد الجرجاوي الذي وصل إلى اليابان في سنة 1906 لأنه سمع عن مؤتمر للأديان سيعقد في طوكيو وتوفي في سنة 1961 وألف كتاب الرحلة اليابانية تحدث فيه عن رحلته إلى اليابان.
} ترجم الياباني عمر ميتا إلى اللغة اليابانية إحدى التراجم الخمس للقران الكريم وكان مقيما في مكة المكرمة.
} عبد الحليم أوشاتارو نودا أول من أسلم من اليابانيين وهو صحفي أسهم في إرسال المعونات لأهالي متضرري فاجعة آل طغرل في تركيا وأسلم على يد داعية انجليزي مسلم في اسطنبول في سنة .1891
} تورا جيوروا يامادا ثاني من أسلم من اليابانيين وذهب إلى تركيا لمساعدة ضحايا سفينة آل طغرل وعاش فيها ثماني عشرة سنة ولعب دورا مهما في تطور العلاقات بين اليابان والعالم الإسلامي.
} أحمد أريحا ثالث مسلم ياباني وكان تاجرا كبيرا وأسلم في الهند وبذل جهودا في التعريف عن الإسلام لليابانيين.
} مولوي محمد بركة الله بهوباليهو داعية ورجل سياسة من الهند زار اليابان في سنة 1909م وأسس كرسي الدراسات الإدارية في جامعة طوكيو للغات الأدبية وأسهم في إصدار مجلة الأخوة الإسلامية في اليابان.
} حسن هاتانوصحفي ياباني مشهور أسلم على يد محمد بركة الله البهوباليهو في سنة .1911
} تاكيشي سوزوكي أسلم في إندونيسيا وحظي باجتماع مع المغفور له جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود وأدى مناسك الحج ثلاث مرات وألف كتابا بعنوان ياباني في مكة وقتل في حادث أثناء قصف القوات الأمريكية للسفينة التي كان يستقلها التي كانت متجهة إلى اليابان في سنة .1941
} اعترفت اليابان باستقلال مصر في سنة 1922 وأنشأت مفوضية لها في مصر في سنة 1936 ،كما أنشأت مصر قنصلية عامة بمدينة كوبي ولكنها أغلقت مع بداية الحرب العالمية الثانية وحتى سنة 1952 عندما افتتحت اليابان سفارتها بالقاهرة وافتتحت مصر سفارتها في طوكيو في سنة .1953
} بدأت العلاقات بين المملكة العربية السعودية واليابان منذ ثلاثينيات القرن الماضي ولكن العلاقات الرسمية بدأت سنة 1955 ليتم فتح سفارة سعودية في طوكيو في سنة 1958 وفتح سفارة يابانية في جدة في سنة .1960
} زار التاجر عبدالحميد خنجي اليابان قبل بداية الحرب العالمية الثانية ومكث بها حتى نهاية الحرب وزارها التاجر عبدالجبار الكوهجي بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وزارها التاجر علي القطان في أواخر خمسينيات أو بداية ستينيات القرن الماضي وكان التاجران المعروفان يوسف خليل المؤيد وإبراهيم خليل كانو من أوائل مستوردي السيارات اليابانية في سنة .1963
} يقال إن أحد أعمام سلطان عمان كان متزوجا من سيدة يابانية.
} يوجد في مملكة البحرين بعض من الأصدقاء اليابانيين ويتحدث بعضهم اللغة العربية وتوجد جمعية الصداقة البحرينية اليابانية ويرأسها الوجيه مبارك بن جاسم كانو ولها نشاطات مهمة في دعم وتوطيد العلاقات بين الشعبين الصديقين.
} أعلمني السيد اندو كومار باتيا أن والده برشوتام داس حضر إلى البحرين في سنة 1922 وأسس شركته باسم سي تريكمداس وكان يديرها ابن أخيه وذهب والده إلى كراتشي بالباخرة ومنها إلى كلكتا بالقطار واستقل الباخرة إلى ميناء يوكوهاما ومكث بها مدة طويلة وكان يصدر بلاط السيرامك ورجع إلى البحرين في سنة 1942 وكان الناس يكنوه باسم بشيء جاباني وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية بدأ والده باستيراد المنسوجات من اليابان وعائلة باتيا عائلة كبيرة أصلها من كراتشي وبعد سنوات من التقسيم انتقلت العائلة إلى الهند وكثير من أفرادها مقيمون في دول الخليج العربي وتعامل بعضهم مع الشركات اليابانية منذ سنة 1955 وزار السيد موهان باتيا اليابان في سنة 1961 وحصل على وكالة بطارية ياسا ووكالة هوندا للدراجات النارية في سنة .1963 سمعت في صغرى عن حادثة مضحكة يتداولها الناس وعلمت من الأخ نبيل أجور أنها واقعة حقيقية حدثت لعمه المرحوم إبراهيم أجور الذي كان يتعامل في الأقمشة الانجليزية المشهورة في ذلك الوقت ويستورد بعض الأقمشة من اليابان عن طريق وسيط هندي في البحرين أسمه جوكاني وكان له أخ مقيم في اليابان ومتزوج من يابانية وزار إبراهيم اليابان في بداية ستينيات القرن الماضي وفي إحدى المرات زاره مندوب ياباني فطلب منه صنع العقل العربية وكان متعارفا عليه في ذلك الوقت استخدام غالبية الرجال عقالا أسود اللون واستخدام الوجهاء وكبار السن عقالا أبيض اللون إلا ان المندوب الياباني أرسل العقل بألوان متعددة اعتقادا منه أن ذلك سيزيد من رواج العقل ومما يجعل إبراهيم أن يزيد في الطلبية القادمة وكانت خطوة غير موفقه منه ولم يتمكن إبراهيم من بيعها.