أسئلة وراء قضية «اركابيتا»
تاريخ النشر : الاثنين ٢٦ مارس ٢٠١٢
عبدالرحيم فقيري
تثار اليوم قضية مصرفية على درجة عالية من الحساسية في البحرين، بين بنك أركابيتا وهو مصرف أوفشور (وحدة تعامل خارجية) مسجل في البحرين، وبين مجموعة من المستثمرين قدموا في وقت لاحق أموالا بقيمة 1.1 مليار دولار مستحقة الدفع بعد غد الموافق للثامن والعشرين من مارس الجاري.
ويبدو أن الخلاف الذي لم يجد طريقه إلى الحل حتى كتابة هذا العمود، نشب بين الطرفين، بعد أن فشلت المفاوضات التي أجرياها بشأن تمديد فترة سداد قيمة التسهيلات لتاريخ لاحق، مما اضطر البنك إلى إعلان نيته قبل أسبوع، التقدم لطلب الحماية تحت الفصل الحادي عشر المعروف في مجال الصناعة المصرفية بـ (Chapter 11) في المحاكم الأمريكية.
وبحسب خبراء في مجال الصناعة المصرفية تحدثنا إليهم، فإن سبب اللجوء إلى محاكم أمريكية برغم كون البنك بحرينيا، هو عدم وجود محاكم متخصصة للنظر في مثل هذه القضايا في المملكة، والبت فيها بالسرعة المطلوبة.
المحاكم الأمريكية، لا تقضي بحماية المؤسسة (المدينة) التي تطلب الحماية من الأطراف (الدائنة)، إلا إذا تيقنت بأن أصول المؤسسة المدينة تغطي قيمة الديون أو التسهيلات والتمويلات التي تطالب بها المؤسسات المدينة في وقت استحقاقها.
أركابيتا مطمئن في هذه الناحية من أن أصوله تتجاوز بمرات كثيرة، حجم التسهيلات المستحقة الدفع، وهي (ديون) نعتقد أن من الطبيعي أن تترتب على أية مؤسسة استثمارية كانت ولا تزال تعمل في أسواق خارجية شهدت أحداث الأزمة المالية العالمية العنيفة التي حلت بغتة بالاقتصاد العالمي، أفلست على إثرها أكبر المصارف في العالم، ولكن الذي يثير حفيظة الشارع البحريني الذي جعل من هذا الأمر (حديث مجالس) اليوم، هو أن لمصرف البحرين المركزي حصة تقل بقليل عن 25% من إجمالي المبالغ التي يلجأ البنك بشأنها إلى طلب الحماية من الدائنين.
حين نما هذا الخبر إلى علمنا، توجهنا إلى المصرف المركزي مباشرة، وأكدوا لنا هذا الخبر، في رسالة كان نصها كما يلي «قام المصرف خلال السنوات الثلاث الماضية، بتوجيه جزء من الودائع المصرفية إلى بعض البنوك المحلية، لتأكيد دعم المصرف للقطاع المصرفي في مملكة البحرين على ضوء التطورات التي شهدها القطاع المالي نظراً الى الأزمة المالية العالمية منذ نهاية عام 2008.
وقد قام المصرف بمنح مصرف أركابيتا ما يعادل 250 مليون دولار في شكل مرابحات إسلامية على غرار الودائع المصرفية مع البنوك المحلية الأخرى».. انتهى نص الرسالة الرسمية.
وسبب (ثورة حفيظة الشارع البحريني) حول هذا الأمر هو، تساؤلهم ـ وتساؤلنا بالتضامن ـ عن مدى صحة موقف المصرف المركزي في استخدام أموال المستثمرين الموضوعة لديه تحت بند في صورة ودائع لبنوك بمحلية، وتقديمها في صورة تسهيلات لمصرف مسجل في البحرين، لكنه لا يقدم خدمات مباشرة للمواطنين، فمن المعروف أن أركابيتا يقدم خدماته، ويمارس أنشطته في كل من أتلانتا ولندن وسنغافورة.
كيف يمكن أن يكون صحيحا استخدام المصرف المركزي أو أي مؤسسة مؤتمنة بالحفاظ على أموال، تؤول ملكيتها إلى مواطنين من حملة الأسهم في البنوك المودعة، وتقديمها إلى مصارف قد لا يتعدى عدد المؤسسات البحرينية والأفراد الذين يحملون أسهما في أركابيتا بضع أفراد ومؤسسات!
وعليه، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هنا، هو إلى أي مدى يمكن أن يطمئن حملة الأسهم في البنوك المحلية، الى أنهم غير معرضين إلى التعرض بضراوة وبشدة لتبعات أزمات مالية وعالمية قد تنشأ في أي رقعة جغرافية من العالم، فيما هم يعتقدون أن أموالهم التي أودعوها البنوك المحلية بمأمن من تلك الأزمات.
من حق حملة الأسهم في البنوك المحلية أن يضجوا ويثوروا ويتساءلوا اليوم عن مصير أموالهم التي أودعوها مصارفهم الوطنية، هربا من جحيم الهزات المالية التي عصفت بمئات المليارات من الدولارات من الأموال الخليجية في الأسواق الغربية، ومن حقهم أن يسألوا البنك المركزي عن حق التصرف في أموالهم في وقت مازالت مخالب الأزمة المالية تمزق دولة أوروبية تلو أخرى، ومن حقهم أن يسألوا إلى أي مدى يداهمهم خطر الإفلاس؟ وإلى أي مدى هم مكشوفون بلا حماية ولا ضمانات؟