الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٢٢ - الثلاثاء ٢٧ مارس ٢٠١٢ م، الموافق ٤ جمادى الأولى ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


العلاقة بين أمريكا وإيران..ظاهرها صدام وباطنها مصالح





لقد تنامت الشائعات التي تتحدث عن ضربة عسكرية وشيكة تستهدف المنشآت النووية الإيرانية، لذلك فإن كتاب «دبلوماسية أوباما مع إيران» قد جاء في وقته. قام تريتا بارسي بتأليف هذا الكتاب الجديد وهو مؤسس المجلس القومي الإيراني - الأمريكي الذي يتخذ من العاصمة الأمريكية واشنطون مقرا له. يتطرق المؤلف في هذا الكتاب إلى الحديث عن العمل الدبلوماسي الذي تعاملت به الولايات المتحدة الأمريكية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية في عهد إدارة الرئيس الديمقراطي الحالي باراك أوباما. يتطرق المؤلف إلى المأزق الحالي الذي بات يطغى على العلاقة ما بين الولايات المتحدة الأمريكية ؟ «الشيطان الأكبر» ؟ ونظام الملالي الحاكم في طهران منذ قيام الثورة التي قادها اية الله الخميني سنة ١٩٧٩ والتي أفضت إلى الإطاحة بنظام الشاه الموالي للغرب. يقول المؤلف ان تاريخ العلاقة بين البلدين العدوين اللدودين هو تاريخ الفرص الضائعة والأجندات المتضاربة وقصر النظر، وقد باتت التراكمات السلبية لهذه العلاقة العدائية من أسباب تفاقم حالة انعدام الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ذات الأهمية الاستراتيجية الكبيرة.

في عهد إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش تدهورت العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران بشكل خطر غير أن ذلك لم يمنع البلدين من وضع اليد في اليد والتعاون في الكثير من الحالات وخاصة في أفغانستان، علما أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت في الحقيقة مدفوعة بمبدأ «لا نتكلم مع دولة الشر»، معتبرة أن أي انفراج في العلاقة بين البلدين أمر مستبعد.

لم تكن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر أن التفاوض مع إيران على أنه يمثل أداة من الأدوات الدبلوماسية المهمة بقدر ما كانت ترى في فتح باب التفاوض مع الجمهورية الإسلامية مكافأة لا تمنح إلا للدول التي هي جديرة بمثل هذه المعاملة. أما إيران التي صنفتها إدارة الرئيس جورج بوش في «محور الشر» مع كل من كوريا الشمالية والعراق فهي لم تكن جديرة بأي مفاوضات مع الولايات المتحدة الأمريكية.

تم تنصيب باراك أوباما رئيسا جديدا للولايات المتحدة الأمريكية يوم ٢٠ يناير ٢٠٠٩ وسط هالة إعلامية عالمية لم يسبق لها مثيل وقد وعد سيد البيت البيض منذ البداية العالم الإسلامي بتوخي سياسة تقوم على الاحترام، كما أنه عرض صداقة الولايات المتحدة الأمريكية لأولئك الذين «يفتحون أياديهم»، الأمر الذي أنعش آمالا كبيرة، سواء في إيران أو في بقية دول العالم الإسلامي في إمكانية فتح صفحة حقيقية جديدة بين الولايات المتحدة الأمريكية والعالم الإسلامي وطي صفحة العلاقات التصادمية بما يشكل بداية جديدة. لقد راح الكثير من الإيرانيين على سبيل المثال يقولون: «أوباما معنا».

في الحقيقة لقد أدى الشرخ الكبير وانعدام الثقة بين البلدين إضافة إلى العديد من الاعتبارات الداخلية الأخرى من كلا الجانبين إلى تبخر تلك الآمال وذلك التفاؤل «الكاذب».

في مختلف جولات المفاوضات التي جرت خلال الأعوام القليلة الماضية حول البرنامج النووي الإيراني ظل الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية يتهم نظام طهران باعتماد سياسة مزدوجة، يبطن خلاف ما يظهر. وبالمقابل فإن النظام الإيراني ظل يتهم الولايات المتحدة الأمريكية بالسعي إلى تضييق الخناق على بلاده وتجريدها من استقلالها وحقوقها ومواردها وإمكانياتها حتى تسقط من جديد في فلك الغرب.

في ذروة الحرب الباردة استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية وعدوها اللدود الاتحاد السوفيتي إيجاد قنوات للتفاوض بشأن العديد من الملفات والقضايا الساخنة والشائكة. أما اليوم فإن الصمت الجليدي المطبق يمتد من طهران إلى واشنطون.

يقول مسئول أمريكي رفيع المستوى:

«عندما تجهل حقيقة ما يحدث وتشعر بأنه لا يجد طرف يمكن التواصل معه على الجانب الآخر فإنه سيتعين عليك توخي الخيار الآمن.. أي الجمود والقطيعة التامة مع إيران».

لا شك أن التردد الكبير الذي يسيطر على الساسة الإيرانيين ويجعلهم يرتابون من كل دعوة للتفاوض له أسباب عميقة. فنظام الملالي الثيوقراطي الحاكم في طهران يدرك جيدا أنه إذا قبل بتطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية فإنه قد يسقط في «أزمة هوية وأزمة شرعية» وهو الذي بنى نظامه «الثوري» على العداء مع الغرب وعدة مقولات أخرى.. حتى ان أحد المحللين كتب يقول «إن العداء الإيراني الموجه ضد الغرب يكاد يكون مكتوبا في الجينات الوراثية للجمهورية الإسلامية الإيرانية». ذلك ما يعترف به أيضا أمير محبيان وهو من الشخصيات الإيرانية المحافظة في طهران عندما يقول: «إذا ما قبلنا بتطبيع العلاقات مع الغرب ؟ والولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص ؟ فإننا قد نحكم على أنفسنا بالتفكك والانهيار».

يعتبر المؤلف أنه لم يتم استخدام الخيار الدبلوماسي إلى أبعد مداه في العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران. فعلى عكس الطريقة التي تعاملت بها مع الجمهورية الإسلامية فإن الولايات المتحدة الأمريكية قد أجرت نقاشات «هادئة ومتأنية» على مدى عدة أعوام مع كل من ليبيا (قبل أن تنشب الانتفاضة التي أفضت إلى سقوط نظام العقيد الليبي معمر القذافي) وفيتنام وإيرلندا الشمالية حتى مع كوريا الشمالية. يعتبر المؤلف أيضا أن المفاوضات المباشرة وغير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران قد تركزت فقط في البرنامج النووي مع استبعاد كل القضايا، الأمر الذي جعل فشلها مسألة محتومة، إضافة طبعا إلى ما يسميه المؤلف «غياب الإرادة السياسية»، فانعدام الثقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران لم يترك للبلدين أي هامش من الخطأ. لم تجد أي من الدولتين أي فائدة سياسية داخلية من التوصل إلى مثل هذه التسويات، فالنظام الحاكم في طهران يعتبر أن مصلحته تكمن في استمرار العلاقة العدائية والتصادمية مع الغرب وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية: «الشيطان الأكبر».

لقد عرفت العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران العديد من الفصول الدرامية «الشكسبيرية»، فقد ظلت الولايات المتحدة مرتبطة على مدى عقود بشاه إيران قبل أن ينهار نظامه وتبدأ مرحلة المواجهة مع قيام الثورة وابان الجمهورية الإسلامية بقيادة الخميني. بعد ذلك جاءت مأساة احتجاز الرهائن طوال ٤٤٤ يوما في السفارة الأمريكية في طهران وفضيحة «إيران جيت» وصولا إلى الصدام بين البلدين في لبنان واختطاف الرهائن في بيروت وتفجيرات الخبر بالمملكة العربية السعودية. أما الفصول الأخيرة في المواجهة بين البلدين فهي تشمل العراق وأفغانستان والبرنامج النووي الإيراني ولبنان (حزب الله اللبناني) وغزة (حركة حماس) وصولا إلى سوريا.

يعتبر المؤلف أن الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية قد أضاعتا «فرصة كبيرة لتحقيق اختراق غير مسبوق سنة ٢٠٠٣».

لقد تولى السفير السويسري آنذاك تيم جولديمان آنذاك التوسط في إيصال العرض الإيراني الذي قدمته الجمهورية الإسلامية إلى إدارة الرئيس السابق جورج بوش سنة .٢٠٠٣ استعرض المؤلف تفاصيل ذلك العرض الذي ينص على البنود التالية على وجه الخصوص:

تتعهد سلطات طهران بـ:

- إنهاء كل أشكال الدعم الإيراني المقدم إلى كل من حركة حماس وتنظيم الجهاد الإسلامي.

- الضغط بكل السبل على التنظيمات الراديكالية حتى توقف هجماتها ضد إسرائيل.

- نزع سلاح حزب الله اللبناني.

- الموافقة على عمليات التفتيش الدولية لكل تفاصيل البرنامج النووي الإيراني.

- القبول بالمبادرة العربية المعلنة في القمة العربية المنعقدة في بيروت التي تنص على مبادلة الأرض بالسلام والتطبيع الكامل مع إسرائيل مع الانسحاب إلى حدود ١٩٦٧ بما يسمح بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة.

لقد كان السفير السويسري في طهران تيم جولديمان يمثل أيضا مصالح الولايات المتحدة الأمريكية التي لم تعد لها سفارة في طهران.

تجاهلت إدارة الرئيس السابق جورج بوش العرض الإيراني لأنها كانت منشغلة بمغامرتها العسكرية في العراق، كما أن المحافظين الجدد كانوا يعتبرون ذلك العرض الإيراني مجرد هروب إلى الأمام ينم عن خوفهم على مستقبل النظام الثيوقراطي الخميني في طهران.

كان وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد ونائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني من أشرس المحافظين الجديد إلى جانب عدة وجوه وصقور سياسية أخرى طبعت السياسة الخارجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط في تلك الحقبة. لا شك أن المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأمريكية لم يكونوا ليقبلوا بذلك العرض الإيراني ذلك أنهم كانوا آنذاك ينظرون لإسقاط الأنظمة الحاكمة في منطقة الشرق الأوسط واستبدال نظم ديمقراطية على صورة النظم الغربية بها وقد كانوا يعتبرون أن إسقاط نظام صدام حسين البعثي في بغداد يمثل البداية.

لا شك أيضا أن دولة إسرائيل واللوبي اليهودي القوي المؤيد لها كانا دائما يعترضان بشدة على أي اتفاق أو صفقة ما مع إيران لأنهما يعتبران أن ذلك «سيكون على حساب العلاقات الخاصة التي تربط الولايات المتحدة الأمريكية بالدولة اليهودية». في الحقيقة لم يتغير أي شيء يذكر حتى اليوم حيث راح بعض الأصوات يقرع طبول الحرب ويدفع باتجاه المواجهة العسكرية مع إيران على خلفية برنامجها النووي.

عقب انتخابه رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية سنة ٢٠٠٨ سارع الرئيس باراك أوباما إلى التخلي عن «أجندة الحرية» و«محور الشر» اللذين كانا من أعمدة السياسة الخارجية التي قادها المحافظون الجدد في عهد إدارة سلفه جورج بوش. في تلك الفترة، راح خصوم باراك أوباما ينتقدون رغبته في «الجلوس إلى الطاولة نفسها مع العدو» بل يصفونها بـ «السذاجة السياسية».

بالمقابل فإن دعاة «التهدئة» و«الحوار» مع إيران قد راحوا يشيدون بهذه التوجهات السياسية الخارجية الجديدة في عهد الرئيس باراك أوباما الذي عرض الحوار مع نظام طهران.

يبرز المؤلف نشوة بعض الإيرانيين عقب انتخاب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية كما أنه يستعرض أبرز ردود الأفعال الرسمية التي صدرت عن نظام طهران والتصريحات الإيرانية إضافة إلى ما أشيع آنذاك عن تخوف الدول الخليجية من انفتاح الإدارة الأمريكية الجديدة على الإيرانيين، غير أنه تلك التحاليل التي كتبت آنذاك وتحدث أصحابها عن احتمال حدوث تغير في العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران لم تتحقق. لقد لعبت سلطات طهران دورا في إفشال المقاربة الجديدة التي اعتمدها الرئيس باراك أوباما فتجاهلتها ولم تتجاوب معها على غرار تلك الرسالة التي بعث بها سيد البيت الأبيض إلى مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية علي خامنئي.

يبدو أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية قد رفضت التجاوب مع يد الرئيس باراك أوباما الممدودة لأنها كانت قد عقدت العزم على تطوير برنامجها النووي بأكثر ما يمكن من سرعة رغم الضغوط الدولية. في نهاية الأمر قال الرئيس أوباما: «إننا لن نصطنع وضعية تصبح فيها المحادثات ذريعة لعدم القيام بأي شيء».

لقد رد خامنئي على عرض الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالمطالب بـ «إشارات تدل على تغير حقيقي في موقف الولايات المتحدة الأمريكية من إيران».. طبعا تشكل هذه «الإشارات» رفع التجميد عن الأموال الإيرانية المودعة في البنوك الأمريكية وتعليق العقوبات المفروضة على الجمهورية الإسلامية والتوقف عن دعم إسرائيل بدعوى الحفاظ على تفوقها العسكري في منطقة الشرق الأوسط.

كانت إيران تعتبر أن حديث الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن «التغيير» يجب أن يتضمن اعترافا بالدور الإقليمي لنظام طهران فيما كانت سلطات واشنطون ؟ والغرب معها ؟ تعتبر أن الجمهورية الإيرانية إنما تسعى إلى توسيع نفوذها والهيمنة على كامل منطقة الشرق الأوسط مستفيدة في ذلك من الأخطاء الاستراتيجية الفادحة التي ارتكبتها الولايات المتحدة الأمريكية في عهد إدارة جورج بوش في العراق.

رفض نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني ووزير الدفاع في حكومة جورج بوش دونالد رامسفيلد ذلك العرض الإيراني وقالا آنذاك: «نحن لا نتحدث إلى الشر»، بل إنه يقال ان بعض رموز المحافظين الجدد المتنفذين في واشنطون قد وبخوا السفير السويسري في طهران تيم جولديمان واعتبروا أنه تجاوز التفويض الدبلوماسي الذي أعطته إياه الولايات المتحدة الأمريكية كي يرعى مصالحها في الجمهورية الإسلامية.

يرأس تريتا بارسي المجلس القومي الإيراني - الأمريكي وهو يمتلك خبرة كبيرة بحكم سنوات العمل التي أمضاها يعمل في الكونجرس الأمريكي مستشارا.

تريتا بارسي هو أيضا كاتب أمريكي من أصل إيراني وهو يعتبر من أبرز المحللين الذين يملكون خبرة بالكيفية التي تنظر بها الولايات المتحدة الأمريكية وإيران إلى بعضهما بعضا على مدى الأعوام التي مرت وخاصة منذ قيام الثورة الخمينية التي أطاحت بنظام الشاه سنة ١٩٧٩، وهي علاقة تصل إلى حافة الصدام أحيانا غير أنها تلتقي أحيانا أخرى حول المصالح المشتركة. لقد جاء صدور هذا الكتاب في الوقت المناسب خاصة أن منطقة الشرق الأوسط قد بدأت تشهد نذر حرب جديدة وإن تراجعت أحيانا وتنامت أحيانا أخرى.

يعتبر المؤلف أنه لم يتم استكشاف كل الخيارات والامكانيات الدبلوماسية وهو ما فتح الباب على مصراعيه أمام العقوبات المشددة التي طالت مؤخرا المصرف المركزي وقطاع النفط، الأمر الذي بدأ يوجع الاقتصاد الإيراني ويزيد من الضغوط على نظام طهران، إضافة طبعا إلى التهديد بتوجيه ضربة عسكرية للبرنامج النووي الإيراني. يعتبر المؤلف أن الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لم يستكشف في الحقيقة كل الخيارات الدبلوماسية الممكنة وهو ما عبر عنه أحد كبار المسئولين في وزارة الخارجية الأمريكية قائلا: «إن الدبلوماسية مع إيران نتاج رمية نرد واحدة» وهي العبارة التي أوحت للمؤلف بعنوان الكتاب.

يعتبر المؤلف أن القوة الأمريكية قد بدأت تألف منذ سنة ٢٠٠٣، أي منذ الغزو العسكري الذي تحول إلى كارثة في العراق. يعتبر المؤلف أيضا أن رفض إدارة جورج بوش العرض الإيراني سنة ٢٠٠٣ قد أضر كثيرا بالمعتدلين حيث انه أدى إلى تراجع الإصلاحيين بقيادة الرئيس السابق محمد خاتمي وصعود التيار الراديكالي المتأدلج بقيادة الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد.

يعتبر المؤلف أن انتخاب باراك أوباما (الذي يعني اسمه بالفارسية: «إنه معنا») رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية سنة ٢٠٠٨ قد أوجد فرصة لتحقيق اختراق دبلوماسي غير أن الموقف الإيراني قد أسهم في إفشال «عرض» اليد الممدودة الذي تقدم به سيد البيت الأبيض الجديد.

من وجهة النظر الأمريكية، تعتبر الدوائر السياسية في واشنطون أن الصراع بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية نابع من وجود رؤيتين متصادمتين ومتباينتين للشرق الأوسط. أما إيران فهي تعتبر أن الأمر يتعلق بضرورة تغيير علاقة غير متكافئة والاعتراف بالجمهورية الإسلامية كلاعب أساسي في منطقة الشرق الأوسط.

في الحقيقة لقد كان صناع القرارات السياسية في طهران يخشون «اليد الممدودة» للرئيس باراك أوباما واعتبروا أن تلك المبادرة عبارة عن خطوة تكتيكية لا تعكس تحولا استراتيجيا حقيقيا في العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران. لقد زادت مخاوف نظام طهران جراء قرار الرئيس الجديد باراك أوباما بتعيين مسئولين يعتبرون في نظر الإيرانيين من الصقور الذين يتخذون موقفا متشددا من نظام طهران ويؤيدون إسرائيل بشكل كبير، على غرار وزيرة الخارجية الحالية هيلاري كلينتون والمبعوث السابق في الشرق الأوسط دنيس روس. لقد كانت إيران تخشى دائما الدخول في مناوشات لأنها تعتبر أن فشل المحادثات قد يمهد لضربة عسكرية تستهدفها.

اعتبر بعض المحللين أيضا أن «انقسام» القيادة الإيرانية هو الذي جعلها غير قادرة على اتخاذ أي مواقف منسجمة على مدى الأعوام الماضية كما أن هذه القيادة ظلت دائما منشغلة بصراعاتها الداخلية. اعتبرت طائفة أخرى من المحللين أن هذا التردد وهذا «التخبط» في طهران يمثلان حيلة أو مناورة تمارسها سلطات طهران من أجل ربح الوقت اللازم لإيصال البرنامج النووي الإيراني إلى نقطة اللاعودة.







.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة