كانت جلسة مجلس النواب أمس كسابقاتها في هذا الدور من الانعقاد معطاءة.. وحصادها كبير وملموس.. ولكن كما يحدث أحيانا كانت البداية أشد سخونة.. وخاصة عند طرح بعض ما حصل على الساحة.. فمما طرح: قضية الطفل الذي وجد عاريا ومكبلا في منطقة السنابس.. وقضية المعلمة التي دأبت على مدى (5) أشهر على إجبار طفل صغير على تقبيل قدمها لمجرد ان اسمه عمر.. وأيضا لم يخل الحوار بين النواب ووزير العدل من بعض السخونة.. وخاصة الحوار الذي حدث بين الوزير والسيد عبدالله الدوسري النائب الأول حول قضية قرار زيادة رسوم التسجيل العقاري.
ظاهرة عدم اكتمال نصاب حضور النواب في موعد بدء الجلسة تتكرر هذه الأيام وحدثت أمس، الأمر الذي اضطر الرئيس إلى رفع الجلسة لمدة نصف ساعة.
بداية الجلسة
بدأت الجلسة بأن طرح النائب علي الدرازي قضية طفل السنابس قائلا: في الأيام القليلة الماضية وقع حادث غريب علينا في بلدنا البحرين عندما وجد طفل شبه عار مكبل اليدين في الصباح بمنطقة السنابس.. ثم خرجت علينا النيابة العامة ببيان فحواه أن الطفل هو من كبل نفسه.. وتساءل هل هذا الطرح يخدم السلم الأهلي والوحدة الوطنية.. وهل هذا يعني ان توصيات لجنة تقصي الحقائق مطبقة على الأرض.
ثم واصل النائب الدرازي حديثه مشككا فيما حدث وفيما قيل.. قائلا: هل يصدق مثل هذا الكلام؟
هذا الطرح من النائب علي الدرازي فجر قضايا وان كانت هي متفجرة الآن على الساحة فعلا حيث انبرى العديد من النواب في طرح قضية المعلمة التي جعلت الطفل البريء يقبل قدمها لمجرد ان اسمه عمر.
محمد العمادي: ما دمتم تتحدثون عن إهانة الطفولة وحقوقها.. فماذا نقول عن قضية الطفل عمر التي سحقت هذه المعلمة المتجنية عليه براءته وطفولته عندما أجبرته على تقبيل قدمها؟
وقال: إننا نرفض مثل هذه المعاملة الطائفية البائسة التي قامت بها هذه المعلمة المجرمة والتي ضربت عرض الحائط بكل حقوق الطفولة, والمبادئ السامية, وبكل معاني الأخلاق, وبكل أخلاقيات مهنة التعليم التي هي أشرف المهن.
وطالب بأن تنال هذه المعلمة جزاءها لتكون عبرة لغيرها.. كما أننا نرفض أي عمل طائفي يثير النعرات الطائفية, ويتسبب في زعزعة الأمن.
حسن الدوسري: إذا لم تنل هذه المعلمة الجزاء الرادع فسوف نستجوب وزير التربية والتعليم.
جواد حسين: لن نسمح بأي تطاول على رموز الإسلام.. أو بحق الخلفاء الراشدين.. ونطالب بالتحقيق مع كل من أساء التعامل مع الأطفال.
وتساءل: كيف نهين صحابة رسول الله وهم الموصوفون بأكرم الصفات؟.. كما أمرنا صلى الله عليه وسلم بأن نعض عليهم بالنواجذ؟
وقال: لقد زرت مدرسة النور العالمية.. وهناك عرفت أن المدرسة تنوي تكليف أحد مكاتب المحاماة لإجراء تحقيق قانوني محايد في هذه القضية.. لذا علينا أن نتوخى الحذر حتى لا نظلم أي طرف.. وإذا ثبت تورط المعلمة فنحن نطالب بتوقيع أشد العقوبة عليها حتى لا يتجرأ غيرها على مثل هذه الأفعال.. كما لا يجوز أن نعمم خطأ فرديا على الجميع.. هذا لا يجوز.
وزير العدل الشيخ خالد بن علي آل خليفة: مادام هناك قضاء نزيه فلا يجوز التعميم. لذا وجب سلوك طريق القضاء من البداية.. وليس من مصلحة أحد أن نتستر على شخص ارتكب جريمة.. وأرجو الابتعاد عن كل ما يثير الرأي العام.. فهذا ليس من مصلحة أحد.. كما أن الطعن في مؤسسات قضائية ليس صحيحا.. فهذا أمر مذموم.
عبدالعزيز الفاضل: السلطة التنفيذية أيضا تقوم بواجبها في هذه القضية.. فوزارة التربية مهتمة جدا بالقضية وتجري الآن تحقيقات واسعة وشاملة.. وسنقوم بإطلاع المجلس على نتائج التحقيقات فور الانتهاء منها.
عبدالحليم مراد موجها حديثه إلى الرئيس: أنا طلبت الكلمة فلماذا لم تسمح لي؟
الرئيس: كل ما يمكن قوله في هذه القضية تم قوله.. وأي كلام آخر سيجيء مكررا.
عبدالحليم مراد: هذا لا يعجبني.. ثم انسحب من الجلسة.
بند الأسئلة
ثم جاء بند الأسئلة.. وكان جدول الأعمال يحتوي على 5 أسئلة: ثلاث منها موجهة إلى وزير العدل.. حيث المفروض أن يقدم الوزير إجابته عليها شفاهة.. وسؤالان إلى وزير الخارجية الذي اعتذر عن عدم حضور الجلسة لانشغاله في التحضير لمؤتمر القمة العربية في بغداد.
السؤال الأول: مقدم من النائب عبدالرحمن بومجيد حول إجراءات وزارة العدل والشئون الإسلامية بشأن الجمعيات السياسية المخالفة.
وزير العدل: التعامل مع أي جمعية مخالفة يكون إما بوقف نشاط الجمعية أو حلها بصفة نهائية.. والحقيقة لقد مررنا في هذه المرحلة بممارسات غير مسبوقة.. فقد حدث خلط بين ما هو سياسي أو اجتماعي أو ديني أو مذهبي أو طائفي.. وخاصة على صعيد الجمعيات.. والمفروض أن تكون المساءلة على قدر الخطأ المرتكب.. ذلك لأن هذا الخلط هو سبب ما نحن فيه الآن.. ويجب علينا أن نحسن فرز الأمور ليكون ذلك بديلا عن خلط الأمور وهذا في مصلحة الوطن.. كما يجب على المؤسسات الدستورية أن تقوم بواجبها.. كما يجب أن تقوم مؤسسات المجتمع المدني بدورها.. كل في حدود القنوات المرسومة له.. ومن هنا يمكن أن نسير في الطريق الصحيح.
وقال: ونحن نشكر المجلس على انجازه للتشريعات المنفذة لتوصيات «تقصي الحقائق.. وعموما الإصلاح موجود.. وعندما نبدأ الإصلاح بأنفسنا يصبح بإمكاننا إصلاح مجتمعنا.
وقال الوزير: أما أن تتعامل جمعية سياسية في استهداف الناس عقائديا.. ثم طائفيا.. فهذا هو ما يجب أن نتصدى له.
وقد نجح النائب عبدالرحمن بومجيد في تصوير الموقف جيدا بعدما تساءل: لماذا لم تتخذ الإجراءات ضد الجمعيات المخالفة؟.. ولماذا لم يطبق القانون؟
(نص مرافعة النائب عبدالرحمن بومجيد منشورة مع التغطية).
وزير العدل: نحن لن نغفل عن أي أمر فما نقوم به الآن كثير.. وأي شخص يمكن أن يفكر في أنه خارج إطار المحاكمة.. ونحن قادرون على إحلال الأمن في ربوع البلاد.. وجميع مؤسسات الدولة قادرة على القيام بواجبها.. أما القول إنه يتم خرق القانون أو الإجراءات فهذا غير صحيح.
عبدالرحن بومجيد: نحن لا نريد غير تطبيق القانون.. ولكننا للأسف ننتظر حتى تنتهي القضية ثم نبدأ في تحريك الموضوع.
السؤال الثاني
والسؤال الثاني مقدم من النائب عبدالله بن حويل إلى وزير العدل حول ظاهرة المخالفات المتكررة لبعض خطباء المنابر الدينية.
وزير العدل: بالفعل هناك الكثير من المنابر المخالفة التي تجاوزت الحدود.. ليس حدود الأدب فحسب بل حدود اللياقة العامة التي يمكن للناس تقبلها.. ومن أبشع جرائمها التحريض على الكراهية.. بل والتحريض على الطائفية.. الأمر الذي جعل لجنة تقصي الحقائق تطالب في توصية لها بعلاج هذه الظاهرة المستفحلة.. وليس صحيحا أن الأوقاف وحدها تستطيع التصدي لهذه الظاهرة.. بل انها مسئولية المجتمع بأسره ذلك لأن بعض هذه المنابر وصل بها الحد إلى التحريض على العنف.. والحقيقة نحن نؤدي واجبنا في هذه القضية ولن نتوقف حتى تستقيم الأمور.
عبدالله بن حويل: لقد فاض الكيل وأصبحت بعض المنابر تسيء إلى الرموز السياسية وإلى الطوائف.. ومنها ما يمارس أقذع الأوصاف وأحطها.
وتساءل لماذا لم يجب الوزير عن هذا السؤال في موعده المحدد.. وما هي قيمة الأدوات الدستورية إذن؟.. وأنا أرى أن عدم الإجابة عن الأسئلة كتابة، أمر مخالف للدستور.
وزير العدل: أنا أحترم جدا أي سؤال نيابي يوجه إليّ.. ذلك لأنني احترم الدستور.. وأحترم السادة النواب.. لكن يجب ألا نغفل أن الإجابة شفاها نص عليها الدستور أيضا.. ولم أتأخر في الإجابة فقد اعتذرت في الجلسة الماضية فقط.. ثم ان الاجابة عن الأسئلة تحريريا أو شفاهة لا يقلل من احترامي لكم جميعا.
رسوم التسجيل العقاري
والسؤال الثالث والأخير الموجه إلى وزير العدل كان من النائب عبدالله الدوسري النائب الأول لرئيس مجلس النواب حول قيمة الرسوم المتحصلة لإدارة التسجيل العقاري عن تسجيل العقارات المباعة.
(نص مرافعة النائب عبدالله الدوسري منشورة مع التغطية الصحفية للجلسة).
وزير العدل: أنا أجبت على قدر السؤال الموجه إلي ولا يجوز لي أن أجيب عما هو غير مطروح فالسؤال هو: ما هي قيمة رسوم تسجيل العقارات المباعة؟!
أما عن قرار الرسوم فمن حق أي مواطن أن يقيم دعوى أمام القضاء لإلغاء هذا القرار.
وقال: كما انه لا يجوز لشخص أن يتهم الآخر بـ «الهزل».
عبدالله الدوسري: الوزير أجابني عن نسب الرسوم وليس القيمة بحسب نص السؤال.. وما حصل هو تحايل على القانون. الحقيقة لقد سكتنا كثيرا ومن واجبنا أن نصمت من اليوم.. ومعي الآن رسالة سأرفعها إلى سمو رئيس الوزراء أشرح لسموه فيها كيف يتعامل وزراؤه مع السلطة التشريعية؟
وزير العدل: نحن لا نتحايل.. وإذا كان قد وقع مني خطأ فأنا أعتذر.. ومن حقك أن تلجأ إلى من تريد.. لكني بصراحة أرى أن المسألة لا تستدعي كل هذا الذي صدر عنك؟
اعتذار وزير الخارجية
قرر المجلس الموافقة على تأجيل السؤالين الموجهين إلى وزير الخارجية حول الخطوات التي تم اتخاذها لتفعيل دعوة خادم الحرمين الشريفين وصولا إلى الاتحاد, وحول دور السفارات في الخارج في حل مشاكل البحرينيين الموجودين خارجها.. وذلك نظرا إلى انشغال الوزير بالتحضير لمؤتمر القمة العربية في بغداد.
كما قرر المجلس أيضا تأجيل مناقشة المشروع بقانون بشأن التأمين ضد التعطل بناء على طلب وزير العمل.. كما قرر المجلس تأجيل المشروع بقانون بشأن إنشاء وتنظيم صندوق دعم الصيادين البحرينيين وإعادته إلى لجنة المرافق العامة والبيئة لإعادة البحث فيه على ضوء ملاحظات السادة النواب خلال الجلسة وخاصة بالنسبة إلى موارد الصندوق.. وأجمع النواب على ضرورة قصر نشاط هذا الصندوق على الصيادين المحترفين الذين لا حرفة لهم غير الصيد وأن تشارك جميع الشركات والمستثمرين في الأعمال البحرية والدفان وشفط الرمال البحرية وغيرها في تمويل هذا الصندوق، حيث إن مثل هذه الشركات هي التي تسببت في انحسار نشاط الصيد البحري.
وقد شارك في مناقشة هذا المشروع السادة النواب: علي العطيش - حسن الدوسري - عادل المعاودة الذي صرح بأعلى صوته بأن (الحظور) في منطقة البسيتين قد ضاعت.. كما تحدث خميس الرميحي.
وتحدث وزير البلديات الدكتور جمعة الكعبي الذي قال: إن مهمة هذا الصندوق هي تعويض الصيادين في حالة الإعسار في كل الأحوال التي يتضرر فيها الصيادون لمساعدتهم على العيش الكريم وبسبب التناقص المستمر في حجم الثروة السمكية.. لذا يجب وضع معايير لعمليات التعويض هذه.
وتقرر إعادة عرض هذا المشروع على المجلس بعد شهر واحد.